على رمال البهنسا سالت دماء شهداء المسلمين الطاهرة من أجل نشر راية الإسلام، وفى تاريخنا الحديث صفحات مشرقة وضاءة لمحافظتنا المعطاءة قدمت رواداً للتحرير والفكر والأدب.
ولعبت المنيا دوراً مهماً عندما قام الإنجليز باعتقال سعد زغلول وزميله على شعراوى «ابن المنيا» وعبدالعزيز فهمى بتاريخ 8 مارس 1919 انطلق الشعب المصرى فى كل جزء من الوطن فى ثورة عارمة ضد الغاصبين، وبدأت المظاهرات فى المنيا فى 10 مارس ولكى يشل الشعب تحركات المستعمر قام بقطع السكك الحديدية فانقطعت الصلة بالقاهرة وسارع ابناء المنيا بتكوين لجنة من خمسة وعشرين مواطناً تولت قيادة المظاهرات بالمدينة ضد الغاصبين وكان أشدها المظاهرة التى حدثت يوم 28 مارس وكان الإنجليز، معتصمين بمديرية الأمن فى المنيا ومعهم قلة من ذوى النفوس الضعيفة، فتصدوا للمظاهرات برصاصهم وقتلوا ثمانية من المتظاهرين وجرحوا المئات وعزز الاستعماريون قواتهم فى 30 مارس بقوة يقودها الجنرال هدلستون الذى تولى اعتقال اعضاء اللجنة واتهمهم باغتصاب السلطة والتحريض على الاضراب ومقاومة جنود الاحتلال، وأمر بتقديم ستة منهم للمحاكمة وهم: الدكتور محمود عبدالرازق والسادة، محمد على رحمي، محمد توفيق إسماعيل، حسن طراف، رياض الجمل، الشيخ أحمد حتاتة المحامى الشرعي.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قبض على السيد محمد حمدى وكيل المديرية والاستاذ يونس صالح رئيس النيابة وقد انتحر الأول «محمد حمدي» نتيجة سوء معاملة المستعمرين له، وهذا ما كان فى مدينة المنيا أما فى مدينتى دير مواس وملوى فقد كان للشعب فيها موقف كان فيه الرد المنطقى على بطش الاستعمار وجبروته.
أما فى 18 مارس فكان القطار القادم من الجنوب يقل مجموعة من ضباط وجنود الاحتلال وعلى رأسهم: القائمقام «بوب» مفتش السجون بالوجه القبلي، والميجور «جارنر» والملازم «وللبي» ومعهم مجموعة من الضباط والجنود وقد أثارت المذابح التى ارتكبها هؤلاء الغاصبون حمية المواطنين فحاولوا الانتقام من هؤلاء السفاحين بمحطة ديروط بمحافظة أسيوط، ولكن قيام القطار لم يمكنهم من ذلك، ووصل القطار ديرمواس وكان فى انتظاره الثوار من أهل ديرمواس فاندفعوا إلى القطار وقتلوا كل من فيه وتركوهم جثثاً لتعلن للمستعمرين وللعالم أجمع أن أبناء دير مواس كسائر ابناء مصر ثوار ضد الظلم والطغيان.
وبعد ذلك قام الإنجليز بالحكم على ابناء المنيا البواسل بالأحكام الجائرة والتى إن دلت على شيء فإنما تدل على بربرية المستعمرين وهمجيتهم.