فى العام 656 من الهجرة استطاعت جحافل التتار اقتحام عاصمة الخلافة العباسية وإسقاط بغداد ومعها الخلافة.. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل واصلت هذه الجيوش الهمجية زحفها حتى أسقطت معظم الشام وجاءت على حدود مصر.. ليرسلوا الرسل من جانبهم مهددين متوعدين إذا لم تسلم مصر الأرض والثروة معاً فسوف تواجه بحرب لا قبل لها بها.. فكان الرد الحاسم والقاطع من سلطان مصر آنذاك «قطز» بقتل كل رسل «هولاكو» الملك التترى وتعليق رءوسهم على باب زويلة باستثناء رسول واحد منهم بعث معه الرد وقبلها شاهد هذا الرسول العرض العسكرى القوى لقوات الجيش المصرى آنذاك..
سلطان مصر لم يضيع الوقت بل زحف بجيشه إلى إحدى قرى فلسطين عابراً أرض سيناء حتى وصل «عين جالوت» وهناك عسكر الجيش المصرى الذى فاجأ الجيش المغولى والذى اعتقد أنها سوف تسلم كغيرها من البلدان ولكن كان جيشنا البطل كان لهم بالمرصاد بل ولقنهم هزيمة ساحقة وطارد فلولهم حتى أخرجهم من البلدان العربية التى احتلوها.
> ويعيد التاريخ نفسه ولكن العدوان هذه المرة كان أوروبياً فى صورة عدة حملات «صليبية» قصدت الاستيلاء على خيرات البلدان العربية.. فكانت لهم الجولة الأولى واستولوا فى حملاتهم الأولى على بلاد الشام وجاءوا إلى حدود مصر التى كانت لهم بجيشها وشعبها بالمرصاد وعلى أرض فلسطين دارت واحدة من أعظم معارك الجيش المصرى فى «حطين» وكان القائد صلاح الدين الأيوبى عند حُسن الظن به حيث أبلى مع جيشه المصرى بلاءاً حسناً وأحرز النصر وأجلى هؤلاء البغاة الذين حاولوا العودة مرة أخرى فكانت معركة «المنصورة» التى هزم فيها الصليبيين بل وتم أسر ملكهم لويس التاسع فى دار ابن لقمان بالمنصورة.
> تلك الوقائع التى سردتها فى مقالى هذا.. دعاتنى إليها المشاهد الضبابية الحالية فى المنطقة العربية خاصة بعدما لاحت لنا المخططات التى تستهدف البلدان العربية صاحبة الجيوش الوطنية فقد استهدفوا الدولة الوطنية فى بلاد العراق وغيرها من دول المنطقة العربية وأخيراً سوريا.
والآن لم يعد خافياً على أحد ما يدبر بليل لمصر خاصة أن هناك عملاء الداخل والخارج الذين يسعون بكل دأب إلى الإيقاع بمصر حتى تلحق بمن سبقها ولكن هيهات هيهات لهؤلاء الخونة والمتآمرين على «أم الدنيا» وشعبها وجيشها.. فهؤلاء هم من قال فيهم الرسول الكريم «إنهم فى رباط إلى يوم القيامة» فلا مذهبية ولا حزبية ولا طائفية يمكن أن تتواجد فوق هذه الأرض الطاهرة التى بذل أبناؤها الغالى والنفيس من أجل الذود عنها.. ولعل البطولات الأخيرة لجيش النصر العظيم فى السادس من أكتوبر عام 37 ليست منا ببعيد.. حيث أعاد جيش الكرامة الأرض وصان العرض وكانت ضرباته موجعة مؤلمة.. وكانت إنذاراً شديد اللهجة لكل من تسوِّل له نفسه مجرد الاقتراب من حبة رمل واحدة من أرض مصر.. فهناك أسود شجعان تقف تنتظر لتفترس من يحاول مجرد محاولة الاقتراب من حدونا.. وإن أرادوا فإن التاريخ سوف يعيد نفسه من جديد.. ويلقى من يريد المساس ولو بشبر من أرض مصر مصير من سبقوه من الغزاة الطغاة على مر تاريخنا الطويل وحوادث التاريخ لا تكذب أبداً.
فهل يعى طواغين هذا العصر الدرس أم مازالوا يعيشون حالة الغباء المطبق..؟