أعلنت وزارة الصحة عن القيام بفحص أكثر من 7 ملايين طالب وطالبة فى المدارس الابتدائية على مستوى الجمهورية للكشف عن أمراض سوء التغذية والمتمثلة فى التقزم والسمنة والأنيميا.. جهد مشكور وعمل رائع.. هذه الأمراض لها الكثير من الآثار السلبية على صحة الأطفال الجسدية والنفسية فى الحاضر والمستقبل.. وأيضا على تحصيلهم العلمى وتفوقهم الدراسي.. وتؤثر على طاقة الطفل ونشاطه مما يجعله أقل قدرة على المشاركة فى الأنشطة الاجتماعية والتعليمية.. فيشعر الطفل بالعزلة وضعف الثقة بالنفس.. والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية غالبا ما يكونون عرضة للإصابة المتكررة بالأمراض نتيجة ضعف المناعة.
التقزم هو أن يكون الطفل أقصر قامة من الطبيعى وغالبا ما يحدث بسبب نقص البروتين فى الطعام.. والسمنة هى زيادة الدهون فى الجسم وبالتالى زيادة الوزن بسبب تناول كميات كبيرة من الطعام بصفة عامة وخاصة الوجبات المكونة من الدهنيات والسكريات إضافة الى الكسل وقلة النشاط البدني.. أما الأنيميا والتى هى نقص الهيموجلوبين بالدم فلها أنواع كثيرة ولكن أغلبها تكون بسبب نقص تناول الحديد فى الطعام والذى يتوفر بصفة أساسية من مصدر حيوانى مثل اللحوم والكبدة والأسماك ..
تشخيص هذه الأمراض فى مرحلة الطفولة وقبل الوصول الى مرحلة البلوغ أمر غاية فى الأهمية.. حيث يكون من الممكن.. ومن الأسهل.. علاجها والتغلب عليها فى الصغر وبالتالى منع آثارها السلبية على الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية فى مرحلة المراهقة والشباب.. وهما مراحل النضج واكتمال النمو.
سوء التغذية هو ناتج لعوامل متعددة ومتشابكة.. يتأثر بلا شك بالأحوال الاقتصادية للأسرة والمجتمع.. وبعدم العلم والمعرفة بأسس التغذية السليمة خاصة عند أولياء الأمور.. ومدى كفاءة التثقيف الغذائى فى المدارس إن كان هناك تثقيف من الأساس.. واكتساب العادات الغذائية السليمة بين الأطفال هو من أهم العوامل التى تحمى الأطفال من سوء التغذية.. وهذه العادات تكتسب فى المنزل ومن كانتين المدرسة ومن الإعلانات.. وقد تحدث علامات سوء التغذية نتيجة وجود الطفيليات والديدان المعوية والتى يجب التحرى عن وجودها عن طريق تحليل البراز لعدة مرات فى حالات التقزم أو الأنيميا ..
الإحصائيات المعلنة من المعهد القومى للتعذية ومن منظمة اليونيسيف تشير الى أن نسبة التقزم بين الأطفال فى مصر يزيد على 20 فى المائة ونسبة فقر الدم بينهم تزيد على 40 فى المائة بينما وجد أن 17 فى المائة من الأطفال يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.. كل هذه الأرقام مزعجة.. وتدعو الى القلق.. ونتعشم إعلان النتائج التى توصلت اليها وزارة الصحة بعد دراسة وتحليل المعلومات الواردة من فحص العينة الكبيرة جدا من الأطفال الذين تم فحصهم فى هذا المسح الطبى مؤخرا.. والذى قليلا ما يتاح للباحثين.. فهى فرصة رائعة للتعرف على المعلومات المؤكدة والدقيقة حول مدى تفشى أمراض سوء التغذية بين أطفال المدارس الابتدائية.. نرجو ألا نهدرها.. وسيكون من الخطأ ألا نستفد من هذا الجهد الكبير للخروج بمعرفة واقع حال صحة أطفالنا.. نتائج هذا المسح الطبى سوف تشير الى مواقع الخلل وأولويات العمل والفئات المستهدفة والفاعليات المطلوبة لبرامج الصحة المدرسية من أجل تعزيز صحة أطفالنا وحمايتهم من مخاطر سوء التغذية.. المنزل له دور.. والمدرسة لها دور أكبر.. التثقيف الغذائى أمر حيوى ولابد من تضمينه فى المناهج الدراسية.. والنشاط البدنى هو الدرع الحامية للأطفال والمراهقين.. أما كانتين المدرسة فهو الذى يحدد العادات الغذائية للطلبة بما يقدمه لهم.. فإذا كانت مياهاً غازية وأكياس كيمياء وزيت نخيل.. يبقى عليه العوض.. أما لو كانت منتجات ألبان وفاكهة يبقى الله ينور.
سوء التغذية يسئل عنه الأم والأب والمدرسة.. وحمى الله أولادنا وبناتنا منه.