بعدما استقرت الأوضاع إلى حد ما بدأ قائد إدارة العمليات العسكرية فى سوريا أحمد الشرع المعروف بـ» أبو محمد الجولاني» مرحلة التصريحات الصحفية وكشف عن ملامح الأوضاع فى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، قائلاً إن الحديث عن النظام السياسى سابق لأوانه، ومنوهاً إلى أن هناك عدة لجان مختصة تعمل على صياغة الدستور والقانون، وتحديد الشكل النهائى للحكم، وكاشفاً عن تسريح الجيش السورى مع الاعتماد على قوات «إدلب» (هيئة تحرير الشام)، و»متطوعين جدد».
وقال الجولاني، فى تصريحات لمجموعة من الصحفيين بمقر مجلس الوزراء السوري، إن «جرائم نظام بشار الأسد أدت إلى الاستناد للمقاتلين الأجانب، لكنهم يستحقون المكافأة على مساندة الشعب السوري، بعدما شاركوا فى الثورة، وساهموا فى إسقاط النظام»، ملمحاً إلى إمكانية منحهم الجنسية السورية.
وأضاف: «عالجنا الأمن القومى وأخرجنا الإيرانيين الذين كانوا مصدر قلق لدول الجوار فى الخليج وتركيا، ولبنان الذى يمر بمرحلة إصلاحات.. فأينما حل الإيرانيون شجعوا على صناعة المخدرات تحت سيادة الدولة».
فى الوقت نفسه، قال رئيس الوزراء السورى المؤقت، محمد البشير إنه سيتم إعادة هيكلة وزارة الدفاع عبر فصائل ثورية خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى أن سوريا تتجه نحو العدالة الموحدة، مضيفاً أن «من لم تتلطخ يداه بالدماء فهو مرحب به فى بناء سوريا الجديدة».
وأضاف أن سوريا لكل أبنائها والجميع شريك فى بناء المستقبل. وقال إن احتياطيات بلاده من العملات الأجنبية منخفضة للغاية.
من جانبه، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ، بالتزام حكومة تصريف الأعمال فى سوريا بحماية المدنيين بمن فيهم العاملون فى المجال الإنسانى وبالاتفاق على الوصول الكامل للمساعدات الإنسانية عبر جميع المعابر الحدودية- وفق مركز إعلام الأمم المتحدة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة فى بيانه، إنه استجابة للتطورات الأخيرة فى سوريا، أوفد وكيله للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة فى حالات الطوارئ توم فليتشر إلى دمشق للتحاور مع حكومة تصريف الأعمال بشأن توسيع نطاق المساعدات الإنسانية فى سوريا.
فى سياق متصل، بدأ الحراك الدبلوماسى الغربى باتجاه دمشق تمهيدا للتعامل مع الحكومة السورية الجديدة.
واعتبر الاتحاد الأوروبى أن من مصلحته نجاحَ سوريا فى المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أن تخفيف العقوبات على دمشق يقترن بخطوات ملموسة من قبل الحكومة الانتقالية مع الحفاظ على آليات الضغط.
كما أعلنت مسئولة الشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس أن بعثة التكتل فى سوريا سيعاد فتحها ويمكنها استئناف العمل بكامل طاقتها.
يأتى ذلك فيما قالت وزارة الخارجية الألمانية إن دبلوماسيين من ألمانيا سيجرون أول محادثات مع ممثلين لهيئة «تحرير الشام» بدمشق، مع التركيز على عملية انتقالية فى سوريا وحماية الأقليات. وذكر متحدث باسم الوزارة فى بيان إلى أن كما يجرى استكشاف الإمكانيات لوجود دبلوماسى فى دمشق، مؤكدا أن برلين تراقب هيئة تحرير الشام عن كثب بالنظر لعودة جذورها لأيديولوجية تنظيم القاعدة.
من جانبها ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية انه تم رفع العلم الفرنسى فوق السفارة فى دمشق للمرة الأولى منذ عام 2012. وجاء رفع العلم الفرنسى فوق السفارة فى دمشق، بعد وصول وفد دبلوماسى للقاء السطات الجديدة فى البلاد، بعد سقوط نظام الرئيس السورى السابق بشار الأسد.
وأكد الوفد الدبلوماسى الفرنسى أن بلاده تقف «إلى جانب السوريين» خلال المرحلة الانتقالية.
فى المقابل، أعلنت إيران أنها لن تعيد فتح سفارتها فى دمشق على الفور، بعدما تعرضت للتخريب أثناء هجوم الفصائل الذى أدى إلى إسقاط حكم بشار الأسد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائى خلال مؤتمر صحفي، إن «إعادة فتح السفارة فى دمشق تتطلب استعدادات. سنواصل هذا العمل بمجرد توافر الظروف المناسبة من الناحية الأمنية». وأضاف أن «الأهم هو ضمان أمن السفارة وموظفيها».
على صعيد العمليات العسكرية فى شمال سوريا، ذكرت مصادر اعلامية أن الطيران المسير التركى استهدف مواقع لقوات سوريا الديمقراطية غربى مدينة تل أبيض شمالى الرقة.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسئوليين أمريكيين بأن تركيا على وشك القيام بعملية عسكرية فى سوريا ضد المناطق الكردية. وأفادت الصحيفة الأمريكية أن سلاح المدفعية والقوات التركية باتت تتمركز بأعداد كبيرة قرب منطقة كوبانى فى سوريا.
وأبدى مسئولون أمريكيون تخوفهم من التوغل التركى فى سوريا داخل مناطق الأكراد.
وعلى صعيد أخر نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مسئولة، قولها إن خزائن مصرف سوريا المركزى تحتوى على نحو 26 طناً من الذهب، و200 مليون دولار أمريكى فقط. وذكرت المصادر أن كمية الذهب هى نفسها التى كانت موجودة عند بدء الثورة السورية عام 2011، حتى بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد.
وفى بكين، أعلن وزير خارجية الصين وانج يى عزم بلاده مساعدة سوريا فى الدفاع عن سيادتها واستعادة استقرارها. وأكد وانج يي، خلال مؤتمر حول الوضع الدولى فى عام 2024 والدبلوماسية الصينية، إنه «فى الوقت الحالي، تغير الوضع فى سوريا، فجأة، وستواصل الصين دعم الشعب السوري».
وأضاف أن الصين «ستمنع القوى الإرهابية من اغتنام الفرصة لإحداث الفوضي، وستساعد سوريا فى الدفاع عن سيادتها واستعادة الاستقرار».
وبالتزامن توقعت مسئولة فى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين عودة مليون لاجئ سورى إلى بلدهم خلال النصف الأول من عام 2025، داعية الدول للامتناع عن إعادتهم قسراً.
وقالت مديرة المفوضية فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ريما جاموس إمسيس: «نتوقع الآن أن نرى كما نأمل عودة نحو مليون سورى بين يناير ويونيو من العام المقبل، لذلك شاركنا هذه الخطة مع المانحين، وطلبنا دعمهم».
وأضافت أن الآلاف فروا من سوريا هذا الشهر، مع سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على السلطة والإطاحة بالرئيس بشار الأسد، بينما عاد الآلاف أيضاً إلى البلاد معظمهم من تركيا ولبنان والأردن.