فى السادس والعشرين من يناير عام 1991 فر الرئيس الصومالى محمد سياد برى خارج العاصمة مقديشيو وسقط نظامه وحل محله مجموعات وفصائل مسلحة وفرح الشعب الصومالى فرحة غامرة آملا فى مستقبل مشرق وفى الثالث من أبريل 2003 سقطت بغداد وتم حل الجيش العراقى ثم توالت الأحداث حتى إعدام صدام حسين ففرح الشعب العراقى فرحة طاغيةً وهو ينظر إلى مستقبله الذى كانت تحركه قوى إقليمية ودولية، وفى العشرين من اكتوبر 2011 سقط الرئيس الليبى معمر القذافى وفرح أيضا الليبيون وخرجوا يحتفلون بنهاية عصر وصفوه بأنه عصر الاستبداد والمظالم وكانت أعينهم تفيض من الدمع طمعا فى مستقبل مشرق تصبح فيه ليبيا دولة عصرية حديثة.
>>>
وفى الحادى والعشرين من يناير 2012 تنحى الرئيس اليمنى على عبدالله صالح وفق المبادرة الخليجية وتولى عبدربه منصور هادى خلفا له وخرج ايضاً الشعب اليمنى فرحا متهللا يطلق الأعيرة النارية احتفالا بانتصار الثورة المباركة التى ستنقل اليمن إلى عصر الحضارة اليمنية التى جعلته يمنا سعيدا، وفى الحادى عشر من شهر أبريل 2019 أقالت القوات المسلحة السودانية الرئيس البشير من منصبه، بعد عدة أشهر من الاحتجاجات والانتفاضات المدنية. وقد وضع على الفور قيد الإقامة الجبرية، وخرج الشعب السودانى فرحا متهللا سعيدا طامحا فى مستقبل افضل، كانت الفرحة هى العنوان الكبير والعريض الذى عم الأرجاء ووصل إلى الآفاق فى الصومال والسودان وليبيا والعراق واليمن.
>>>
كان الناس تواقون للحرية والديمقراطية والتقدم والرفاهية وكان طريق تحقيق ذلك يكمن فى العمل والإنتاج والتعليم والثقافة وتغيير المجتمع نفسه بنفسه لنفسه ومن ثم ضمان ان يفرز المجتمع من بين أفراده قيادات قادرة ومؤهلة، لكن ظن البعض ان إسقاط الانظمة الحاكمة وحل الجيوش الوطنية هو السبيل السهل لبدء بناء دولة قوية قادرة، ربما كانت الأحلام بريئة وصادقة لكن توصيف الحالة وتشريح الأسباب ووضع الحلول كان خاطئا، تثوير الناس وتفجير طاقاتهم الثورية من خلال اللعب على أوتار أوجاعهم الاقتصادية والاجتماعية، لكن التحرك الذى بدأ بريئا امام القائمين به كان مدفوعا بأهداف خارجية ملعونة.
>>>
ربما يختلف الكثيرون مع هذا الطرح وربما يظن البعض ان هذا يمثل حالة استبدادية رافضة للحرية والديمقراطية، لكن الحقيقية وبعيدا عن الرأى والرأى الآخر اسأل بمنتهى البساطة، هل تحركات الشعوب الصومالية واليمنية والليبية والسودانية والعراقية واليمنية حقق لها ما تريد؟ وهل حال هذه الشعوب الآن افضل من حالها قبل إسقاط انظمتها – حتى ولو كانت مستبدة؟ وماذا عن مؤسسات هذه الدول؟ بل ماذا عن جيوشها؟ ليبيا التى تصارع من اجل البقاء وواقعها أقرب إلى التقسيم، اليمن الذى سيطر عليه الحوثيون ومرشح للتقسيم إلى اكثر من دولة، الصومال الذى استمرّ اكثر من ثلاثين عاما فى حروب اهلية وسيطرة الجماعات الإرهابية على مفاصله ومؤخراً بدأ يتعافى بعد ان انهكته الحروب، أما السودان فالحرب الأهلية جاءت على ما تبقى من الدولة السودانية، وفى العراق التى تكافح من اجل استعادة قدرات الدولة بعد كل هذه السنوات، إذن ومع كل هذه الدروس وكل هذه التجارب عندما نعلن ان سوريا دخلت إلى نفق مظلم ولن تخرج منه سالمة، والبقاء عليها موجودة على الخريطة بنفس الخطوط والمنحنيات هو ضرب من ضروب الخيال السياسي، الفرحة السورية الآنية فرحة مسمومة.. والذى نفسى بيده أخشى على سوريا خشيتى على بلادي.