فى الآونة الأخيرة أصبح من المعتاد أن نشاهد على التليفزيون وعلى منصات التواصل الاجتماعى إعلانات توعوية تحذر من مخاطر «اللصوص السيبرانيين» الذين يستخدمون الانترنت للاحتيال وسرقة أموال الناس لا شك أن هذا النوع من التحذير ضرورى ومهم نظراً للانتشار الواسع لعمليات الاحتيال الالكترونى ومع ذلك هناك خطر آخر لا يقل خطورة عن هؤلاء اللصوص لكننا نادراً ما نجد تحذيرات مشابهة ضده وهو خطر «المحرضين السيبرانيين».
هؤلاء المحرضون يستغلون سهولة الوصول إلى الانترنت لنشر الفتن، وإثارة العداوات بين الدول أو الطوائف عبر تزييف الحقائق وتضخيم الخلافات، وتأجيج مشاعر الكراهية بين الشعوب قد يرتدى المحرض قناع الوطنية بوضع علم دولة ما أو شعارها على حسابه الالكترونى ليخدع المتابعين بأنه أحد مواطنيها ثم يبدأ بنشر الأكاذيب والتحريض ضد دول أخرى فى محاولة لإثارة الفتنة وإشعال الخلافات.
هذه الحسابات المقنعة تنفذ خططا مدروسة بعناية، تستهدف توجيه الجماهير وتضليلهم، عبر نشر معلومات مغلوطة أو مسيئة وهنا يكمن التحدى الأكبر: كيف يمكن للفرد العادى التمييز بين الحقيقة والزيف فى عالم مليء بالمعلومات المضللة؟
للأسف، لا نرى حملات توعوية على نطاق واسع تتصدى لهذا النوع من المحرضين السيبرانيين فكما أن التحذير من اللصوص السيبرانيين واجب فإن التحذير من المحرضين الذين يسعون لتفريق الشعوب وبث الفتن بينهم واجب أيضاً يجب أن تقوم الحكومات والجهات المختصة باطلاق حملات توعوية تكشف تكتيكات هؤلاء المحرضين وتبين للجمهور كيفية التعرف عليهم، وعدم الانسياق وراء الفتن التى ينشرونها.
من الضرورى أن نعمل جميعاً على تعزيز الوعى الفردي، وأن نتعلم كيف نفرق بين ما هو حقيقى وما هو زائف علينا أن نكون أكثر حذراً فيما نقرأ ونشاهد على الانترنت، وألا نسمح لأنفسنا بالوقوع فى فخ «ثقافة المجموع» التى قد تؤدى إلى تضليلنا.. الوعى والتفكير النقدى هما سلاحنا الأمثل فى مواجهة هذا الخطر السيبرانى الجديد.
إذا استطعنا توجيه انتباه الجمهور إلى هذا الخطر، تماماً كما نفعل مع اللصوص السيبرانيين، سنتمكن من تقليل تأثير هؤلاء المحرضين بشكل كبير.. الوعى الجماعى هو الحصن الذى سيحمينا من الوقوع فى شباك الفتن والأكاذيب وسيبقى هو السلاح الأقوى فى يدنا للحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه.