تواصلت فعاليات مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية في دورتها التاسعة عشرة، دورة (الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين)، فقد نظمت في اليوم الثاني الجلسة الأدبية الأولى عن الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين، وتحدث فيها كـل من أ. د. عبدالله التطاوي من مصر، ود. زياد الزعبي من الأردن، وأدار الجلسة د. نورية الرومي من الكويت.
الثقافة هي القوة الناعمة
قالت د. الرومي إن مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين استطاعت منذ تأسيسها أن توحد الأدباء والمفكرين والشعراء في حب عجز عنه من عجز، لأن الثقافة هي القوة الناعمة التي تُخلصنا من واقعنا المرير، فأصبحت المؤسسة الملاذ السنوي لنا من خلال أنشطتها ودوراتها الشعرية.
وأضافت: “باسمكم جميعا واسمي، اسمحوا لي أن أحيي رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين ومجلس أمناء المؤسسة، وكل العاملين فيها على هذا العمل الدؤوب والنشاط السنوي” منذ حياة مؤسسها الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين وحتى بعد رحيله.
هوية البابطين الشعرية
بدأ أ.د. عبدالله التطـاوي نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، ورقته البحثية “الرؤية وتصورات الموضوع في شعر عبدالعزيز سعود البابطين”، بمقدمة كاشفة عن أهمية الموضوع ومرجعياته ومنهجه ومصادره، ثم تمهيد حول قسمته المنهجية بين رؤية الشاعر وموضوعات شعره، ثم المبحث الأول حول طبيعة موقف الشاعر بين الموروث الفكري والأبعاد المعرفية، وتقاطعات الحركة الإبداعية، ثم المبحث الثاني حول تصورات الموضوع بدءًا من مفتاح شخصيته البدوية، إلى دائرة الهوية الوطنية والقومية، وصولًا إلى المشتركات الكبرى بين الموروث والمعاصر في تكوين الشاعر، وانتهاءً عند طبيعة النسق الإبداعي والمعرفي لهوية البابطين الشعرية من المنظور الإنساني العام.
وأكد التطاوي “أنه ما زال الباب مفتوحًا أمام القراءات النقدية التي تستحقها دواوينه الشعرية من خلال رؤى نقدية متعددة تتسق مع ثراء إبداعه الفني المتجدد.”
الاستعارة في شعر البابطين
وقدم د. زياد الزعبي في ورقته “الصورة الفنية في شعر عبدالعزيز سعود البابطين” الصورة الفنية في شعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين اعتمادًا على دواوينه الشعرية الثلاثة المنشورة، وهي: بوح البوادي، ومسافر في القفار، وأغنيات الفيافي.
وتناول الزعبي من خلال ورقة بحثه الاستعمال الواسع للغة الاستعارية في شعر عبدالعزيز البابطين وهي في الغالب تقوم على الصور التشخيصية التي تمنح الأشياء أو المفاهيم المجردة صفات الكائن الحي، وتجعلها ماثلة للعين، مؤكدًا ان هذه سمة راسخة في الدراسات البلاغية بقطع النظر عن اللغة والعصر.
وبيَّن الزعبي البنى الاستعارية في الدواوين الثلاثة لعبدالعزيز البابطين، فتناول الاستعارة والتركيب الفعلي، والاستعارة الإضافية، والبنى الوصفية.
وأضاف د. زياد الزعبي “على نحو خاص الصورة من حيث بنيتها التركيبية كما برزت في الاستعمال الاستعاري والتشبيهي مبرزًا البعد الكمي لهذين الشكلين الفنيين اللذين مثَّلا الحضور الكبير لظاهرة التصوير الحسي في شعر عبدالعزيز البابطين.”
جانب من الجلسة الثانية في اليوم الثاني
مواصلة المسيرة
وفي الجلسة الثانية من اليوم الثاني تحدث فيهــــــــا كـــــــل من أ. د. نور الهدى باديس من تونس، وأ.د. سالم خدادة من الكويت، وأدار الجلسة أ. د. معجب العدواني من السعودية.
رحب د. العدواني بنخبة الأدباء والشعراء والمفكرين الحضور، وأضاف: “باسمكم جميعا واسمي، اسمحوا لي أن أحيي سعود عبد العزيز البابطين رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين وأسرة الراحل جميعاً على مواصلة مسيرة والدهم الغالي الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين في دعم الشعر والشعراء في الوطن العربي.
التمسك بأصالة الشعر
بدأت الجلسة بورقة عمل لـ أ.د. نورالهدي باديس التي جاءت بعنوان “النسيج اللغوي في شعر عبدالعزيز سعود البابطين”، حول بعض الظواهر الأسلوبية واللغوية في مدونة عبدالعزيز سعود البابطين الشعرية الذي تمسك بأصالة الشعر وبديوان العرب؛ لذلك حرص على تتبع جمالياته ومقاييسه الفنية المختلفة، فالمتأصل في داخله هو الشعر العمودي الذي تفخر به الأمة.
وأوضحت باديس إن التيمة الحاضنة لمعظم قصائد عبدالعزيز البابطين وهي الرحلة باعتبارها تخطِّيًا للعوائق والحدود، إنها عبور في الزمان والمكان، فالرحلة تسعى إلى معانقة العبارة الشعرية، لذا وجدنا تقاربًا بين رحلة الشاعر في المكان والزمان، ورحلته في فضاء القصيدة، فالمتأمل لمجموع القصائد المرتبطة بالرحلة يجدها تتسم بأسلوب سلس ينفذ إلى القلب والمسامع بيسر.
وأضافت “أما عن ظاهرة التكرار في شعر عبدالعزيز البابطين فلم يكن التكرار لذاته، إنما هو منهج شعري اختاره الشاعر لتماسك النص وإثراء الإيقاع الداخلي للقصيدة، فالتكرار كان خيار الشاعر في البناء، وأداة في الدلالة، مكَّنه من العبارة، وأتاح للقارئ أن يقف على المعاني الشعرية للنص، فالنسيج اللغوي القائم على التكرار اللفظي والمعنوي يسهم في تبيان تجربة الشاعر.
وختمت أ.د نور الهدى باديس ورقة البحث مؤكدة أن هذه الظواهر الأسلوبية من عتبات وتكرار وتناص وحوارية وسرد أسهمت في إكساب تجربة عبدالعزيز البابطين بُعْدًا إبداعيًّا مخصوصًا يجعلنا نرفض وصفها بالتجربة التقليدية.
الالتزام بقواعد الشعر العربي
أما أ. د. سالم خدادة، فقدم ورقة بعنوان “بنية الإيقاع في شعر عبدالعزيز سعود البابطين” مقدمًا الصورة الفنية حول بنية الإيقاع الشعري من خلال عناصر أربعة، هي: الوزن والقافية والتوازي وشبه التوازي، بالإضافة إلى التناص الإيقاعي، مؤكدًا من خلال بحثه مستندًا على تلك العناصر في التزام البابطين بقواعد الشعر العربي القديم واستعماله للبحور الشعرية.
وأوضح خدادة أن أحرف القافية في الدواوين الثلاثة لعبدالعزيز سعود البابطين تعددت، فهناك قصائد جاءت القافية فيها على حرفين وأخرى جاءت القافية فيها على ثلاثة أحرف، أما عن الحروف المجهورة في دواوين شاعرنا فهي كثيرة، وهذا يدل على ميل الشاعر إلى رفع صوت القافية حتى تحدث تأثيره المطلوب في المتلقي.
وختم خدادة ورقته مؤكداً حرصه على إلقاء الضوء على مصطلح التناص الإيقاعي في شعر عبدالعزيز سعود البابطين الذي تداخل مع نصوص أخرى، فهو يبني إيقاع قصائده بناءً إيقاعيًّا يعتمد على إيقاع بعض القصائد المشهورة، وهذا يدل أيضًا على عشق شاعرنا للشعر العمودي قديمه وحديثه.
الأمسية الشعرية الثانية
وفي ختام اليوم الثاني شهدت الأمسية الشعرية الثانية مشاركة نخبة من الشعراء العرب الذين ألقوا قصائدهم وسط تفاعل كبير من الحضور.
شارك في الأمسية كلٌّ من: أحمد شلبي (مصر)، جاسر البزور (الأردن)، خالد الحسن (العراق)، روضة الحاج (السودان)، سمية محنش (الجزائر)، د. فالح بن طفلة (الكويت)، محمد الجلواح (السعودية)، نبيلة حماني (المغرب)، هبة الفقي (مصر)، وأدار الأمسية: د. عبدالله السرحان (الكويت).
سعود عبدالعزيز البابطين خلال حضوره جلسات اليوم الثاني
جانب من جلسات اليوم الثاني