عندما تولى فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق مسئولية الإمامة الكبرى كانت الكتاتيب قد اضمحلت اضمحلالاً كبيرًا، وكانت نسبة كبيرة من خريجى الأزهر لا يحفظون القرآن الكريم خاصة أولئك الذين اتجهوا إليه بعد الإعدادية العامة ليس حبًا فى الدراسة الدينية، وإنما لأنهم لم يحصلوا على ما يؤهلهم لدخول الثانوية العامة فلجأوا إلى الأزهر الشريف للحصول على مؤهل عالٍ وكانت النتيجة أن نسبة كبيرة ممن يعيّنون أئمة لا يحفظون القرآن الكريم فيصبح الخريج فى محنة شديدة لأنه مضطر للصعود للمنبر وهو ليس مؤهلا لذلك.» وكان التعيين يتم لكل الخريجين من خلال القوى العاملة، الأمر الذى دفع كثيرين من هؤلاء الذين يعانون هذا العجز الدينى والنفسى إلى محاولات الهروب إلى أى عمل آخر وهو ما عالجه الدكتور محمد على محجوب وزير الاوقاف الاسبق إلى ابتكار وظيفة «باحث دعوة» فى وزارة الأوقاف يتم من خلالها تكليف الإمام المنقول إليها بأى عمل فى الوزارة إلا الإمامة وأصبح الإقبال على هذه الوظيفة كبيرا .
فلما تولى الامام الأكبر جاد الحق على جاد الحق مشيخة الأزهر عالج هذه الأزمة علاجًا عبقريًا حيث دعا كل حفظة القرآن الكريم من أنحاء الجمهورية إلى امتحان فى القرآن بالأزهر الشريف ..ثم كلف كل من وجده حافظًا للقرآن الكريم بإقامة كتّاب يثاب من خلاله التلميذ والشيخ معّا فالتلميذ يحصل على مكافأة على كل جزء يحفظه والشيخ يحصل على مكافأة أيضا على كل تلميذ بحسب حفظه. فانتشرت الكتاتيب وأقبل الأطفال والأهالى عليها وكانت ثمرتها كوكبة من طلاب خريجى الأزهر حفظة للقرآن الكريم يجيدون تلاوته وقراءاته وعندما قرر الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الاوقاف الاسبق أن يجعل القبول للعمل بالإمامة من خلال امتحان فى الحفظ كانت التجربة قد أثمرت و الوزير من يتقدم إليه ومن يجيد حفظ القرآن ويجيد علومه من خريجى الأزهرالشريف واستطاع أن يقدم عددا كبيرا من الشباب إلى المساجد الكبرى يفاخر بها.هم الآن من كبار الشيوخ فى مصر وخارجها.
وعندما تولى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق رأى أن يعيد النظر فى فكرة الكتاتيب بآليات جديدة إلا أن منهج الامام الأكبر جاد الحق على جاد الحق كان قد توقف بقرار من الامام الأكبر محمد سيد طنطاوى واستبدلت المكافآت للحافظ والمحفظ بجائزة سنوية من خلال مسابقة كبرى يقيمها الأزهر ــ ولم تر الاوقاف أن تعود إليه أو تتخذه نموذجا
لذا فإن مبادرة الدكتور أسامة الازهرى وزير الاوقاف بعودة الكتاتيب على نظامها القديم أمر بالغ الأهمية لانه يحفظ اللسان من اللحن فى لغة صارت مقدسة بعد نزول القرآن الكريم بها وأصبح الحرص عليها مما يثاب عليه المرء، كما أن الكتّاب مصدر للعلماء والأئمة، و يمدنا كذلك بنوابغ القراء والمنشدين.. هؤلاء الذين يمثلون قوة مصر الناعمة إلى العالم العربى والإسلامى فضلا عن أثرهم الطيب فى مجتمعهم .