ماذا ينتظر سوريا.. ولماذا ربحت إسرائيل؟ ٢/٢
ربما يستيقظ الشعب السورى بعد انتهاء الأفراح والليالى الملاح عقب سقوط نظام بشار الأسد على كابوس فمهما بلغت عمليات التوقيع والتجميل للوجه القبيح للفصائل المسلحة التى لا تحمل عقيدة وطنية ولا تعترف بالدولة الوطنية بل لا تحمل أى أفكار سورية سوى كونها مجرد أذرع وأدوات فى حروب الوكالة التى تقودها قوى الشر من دول كبرى وأخرى إقليمية تسعى للخلاص من دول بعينها وإسقاطها فى إطار مخطط شيطاني.. فسوريا التى أنهكتها الحرب والاقتتال الأهلى واستنزفتها المؤامرات والتدخلات الخارجية باتت الآن لقمة سائغة وهجينه سهلة يجرى تشكيلها وتقسيمها حسب الهوى والمزاج الصهيو – أمريكى فى إطار الشرق الأوسط الجديد.
قولا واحدا سوريا تمضى إلى مصيرها حيث أرادت قوى الشر والوحيد القادر على تغيير المعادلة وقلب الطاولة هو الشعب السورى نفسه إذا استرد وعيه وغفوته فسوريا ليست بشار ولكن وطن عظيم لذلك أقول الشعب السورى بين خيارين بطل أو ضحية.. لكن الأيام القادمة تحمل له فى ظنى ليس مستقبلا ورديا على كافة الأصعدة فالدولة منهكة مستنزفة اقتصاديا تحتاج ما لا يقل عن تريليون دولار حتى تعود سيرتها الأولى ولا توجد دولة فى العالم ستمنح مجرد مليار دولار لسوريا وشعبها ولن ترحم قوى الشر ثروات ومقدرات السوريين كما سيجرى فى قادم الأيام طمث الهوية السورية.. وانتزاعها وفصلها عن بعدها وعمقها العربي… ومن أخطر كوارث الشعب هو تدمير الجيش الوطنى النظامى السورى عندما هرب بشار ولم يكن جديرا بحمل الأمانة الوطنية وترك الجيش فريسة للكيان الصهيونى الذى دمر كل شيء فى حوزة الجيش السورى من قدرات عسكرية واستراتيجية برا وبحرا وجوا وأجهزة الأمن والمخابرات العسكرية والعامة لتصبح سوريا مجردة من أى قوة وهو مكمن الخطر والبعد الذى يشير إلى أن سوريا لن تقوم لها قائمة.. لأن تفكك الجيوش الوطنية هو إعلان رسمى لوفاة الدولة الوطنية.. الوطنية فى اعتقادى ووارد أن تخوض بعض قوات الجيش التى تفككت حروب استنزاف ضد حكم الفصائل المسلحة المسيطرة حاليا والحاكمة قريبا وتحتاج سوريا عقودا طويلة لاسترداد الدولة الوطنية.
فى قادم ايام ستكشف هذه الفصائل المسلحة عن حقيقتها ومرجعيتها ومن يديرها وقد حدثت بالفعل بل لن تستقيم العلاقة بين الفصائل المسلحة فيما بينها أو مع الدول الراعية والداعمة.. وستظل الأراضى السورية رهينة فى أيدى الصهاينة الآثمة فى ظل غياب أى حديث للفصائل المسلحة عن دولة الاحتلال.. أو حتى مجرد إدانة بل صمت يفضح علاقة الحرام والخيانة لكن سوريا يقينا.. ضاعت وسوف يعض شعبها أصابع الندم ليس على بشار غير المأسوف عليه ولكن على سوريا التى يهددها التقسيم وتوزيع الأرباح على الذئاب واللئام.
الأمور فى سوريا محفوفة بالمخاطر والتهديدات فى ظل فقد السيطرة وضعف الدولة الوطنية ومؤسساتها والانتهاك الإسرائيلى السافر للسيادة السورية واحتلال أراضى سوريا، وتدمير قدراتها العسكرية والإستراتيجية فى عمليات قذرة للاجهاز على سوريا، لكن السبب الحقيقى ليس تخلى حلفاء بشار الأسد عنه، لا روسيا أو إيران فطبيعة الحال لا يبحثان سوى عن تأمين مصالحهما، والطوفان أو الزلزال الذى حدث فى سوريا ومدعوم من قوى كبرى وتحالف الشر بقيادة أمريكا ودول أوروبية والناتو وقوى إقليمية أكبر من التفكير فى دعم روسى إيرانى لسوريا أو بشار وتمت عملية فرض أمر واقع بالقوة وغطاء جوى لتقدم الميليشيات الإرهابية نحو احتلال والسيطرة على المدن السورية وآخرها دمشق دون وجود أدنى مقاومة، بالإضافة إلى خيانات الدولة، الخطأ فى بشار الأسد الذى لم يع الدرس، وترك سوريا للذئاب والفوضى دون أن يتبنى مشروعًا وطنيًا اصلاحيًا حقيقيًا، وابرام مصالحة وطنية مع المعارضة الوطنية وتأسيس دولة وطنية ومؤسساتها تتمتع بالقوة والقدرة يصطف حولها السوريون أو يسترد السوريون وعيهم وتنتهى سكرة ونشوة اسقاط نظام بشار الأسد ليستيقظوا من أجل الحفاظ على وطنهم من مخاطر كثيرة فى الانتظار ما بين أطماع ومخططات، والفصائل المسلحة ترتدى ثوبا زائفا من الإصلاح وتغيير المسميات لدرجة أن أمريكا وبريطانيا ودول أوروبا أعلنت أنها تفكر فى رفع اسم هذه الميليشيات من المنظمات الإرهابية، وسيحدث هذا قريبًا لأنهم وكلاء وأدوات المؤامرة على سوريا، ليس هناك خيار أمام الشعب السورى الشقيق إلا أن يستفيق سريعًا ويدرك خطورة هذا الفراغ الجاثم على صدر الوطن، وأهداف الكيان الصهيونى الذى سارع بتدمير قدراتهم العسكرية والاستراتيجية واحتلال أراضيهم، وهو يرقص فرحًا ويختال نصرًا بعد أن حقق أحلامه والتاريخ ربما وحده لن يرحم بشار الأسد على تفريطه فى وطنه وتسليمه للمجهول والمصير الأسود ومضيه فى غيه، دون أن يفكر قبل عشر سنوات فى الإصلاح، وكان جل تفكيره الاستعانة بقوات أجنبية وحلفاء لحماية نظامه وليس سوريا، بدلاً من التفكير فى جمع شمل السوريين وتبنى اصلاح حقيقى بعيدًا عن الميليشيات الإرهابية وكان الشعب فى هذه اللحظات الفارقة قادرًا على التصدى لها، ولم يفكر فى تطوير قدرات الدولة السورية وبناء دولة وطنية قوية ومؤسسات عصرية ولم يفكر فى اطلاق حوار بين السوريين الانقياء، لكنه أمعن فى القهر والاعتماد على قوى خارجية جاءت لتبحث عن مصالحها وأجنداتها وسرعان ما تخلت عنه عندما تم تهديدها، فى ساعات مضت مثل البرق لتشهد البلاد أوضاعًا كارثية، وحالة مأساوية بدت عليها الدولة السورية التى يسهل الآن ابتلاعها من قوى ومخططات الشر والشيطان، وهنا يتحمل بشار الأسد ونظامه المسئولية فيما آلت إليه الاوضاع فى سوريا من فوضى ومخاطر وتهديدات لأنه تجاهل الاستثمار فى شعبه، وتغافل عن بناء الدولة الوطنية السورية على أسس العدل والمساواة ودولة القانون والمؤسسات وعدم التمييز، وبناء الإنسان السوري، اختار طريق القمع، والقهر، والفرقة، والانقسام، فعملت قوى الشر على ملء العقول بالتحريض ضد سوريا والنظام، الذى سقط فى أول خطوة للاجهاز على سوريا.
إسرائيل ابرز الرابحين، وآن لها الأوان، تحذف سوريا من قائمة الأهداف فقد تمكن منها فيروس الفوضى والفراغ، وقام الكيان الصهيونى باستكمال المخطط وهو تدمير كامل للقدرات العسكرية والاستراتيجية السورية ولم يصبح لدى سوريا مطارات عسكرية أو مقاتلات أو مروحيات أو سلاح للجو، ولم يعد هناك بحرية سورية أو قطع أو أسلحة استراتيجية أو دفاع جوى حديث من الأنظمة الروسية المتطورة ناهيك عن تدمير كامل للبنية العسكرية للجيش السورى الذى كان وذهب ولم يعد، وربما ان عاد سوف يحمل مجرد بنادق خفيفة ومركبات لفض المشاجرات جيش مستأنس، بلا أنياب أو أسلحة ردع، وليلحق بالجيش العراقى كل ذلك بسبب اخطاء كارثية لبعض الأنظمة العربية التى خدعتها النرجسية والغطرسة لكن الفارق بين صدام وبشار أن الأول لم يهرب من العراق بعد أن سقط نظامه ولكن بشار الأسد ترك سوريا وهرب دون ترتيبات أو اجراءات، لتسليم السلطة بشكل صحيح وسليم يحفظ لسوريا أمنها ويحافظ على جيشها الوطنى ومؤسساتها لكنه اختار نفسه، وهى خيانة عظمى وترك سوريا للمصير المجهول، مثل كعكة يتقاسمها، كثير من الأطراف التى لطالما حلمت بتنفيذ هذا المخطط لا استطيع أن أقول شيئًا إلا أن الكرة الآن فى ملعب السوريين أنفسهم إما يتركونها للتقسيم والفوضى والإرهاب أو يحمونها فالأوطان تحميها شعوبها الواعية المتسلحة بعمق الانتماء والولاء ولعلنا نتذكر مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى التاريخية محدش هيحمى البلد دى غير شعبها.
تحيا مصر