مصر .. مواقف
واضحة وثابتة تجاه الاعتداءات على سوريا
لم تكن مصر لتصمت حيال التوغل الإسرائيلى الأخير فى الأراضى السورية, فأصدرت الخارجية المصرية بيانا شديد اللهجة أدانت فيه بأشد العبارات استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع القيادية المجاورة لها، ووصفت ذلك باحتلال لأراضٍ سورية، وعدّته انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية، ومخالفة صريحة لاتفاق فض الاشتباك الموقع فى جينيف عام1974بين سورية وإسرائيل بإشراف الأمم المتحدة ورعاية كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى السابق, طالبت مصر مجلس الأمن الدولى والقوى الدولية بـالاضطلاع بمسئولياتها واتخاذ موقف حازم من الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، بما يضمن سيادتها على كامل أراضيها والتدخل باتخاذ موقف حازم, هذه باختصار هى الدولة المصرية صاحبة المواقف الواضحة والثابتة.
مع تطور الأحداث فى المنطقة كشفت الأيام الأخيرة عن ملامح السيناريوهات الإسرائيلية المتوقعة للصراع العربى الإسرائيلى فالمشهد السورى لا يمكن فصله عن المشهدين فى غزة ولبنان، الحروب جعلت الشرق الأوسط عبارة نص مشتعل فى نشرات الأخبار, كل مفرداته نيران وأشلاء ودماء, إسرائيل مثلما انتهزت أحداث السابع من أكتوبر العام الماضى فى غزة لتصفية القضية الفلسطينية وشن حرب إبادة لمحو القطاع من على الخريطة وإعادة رسمها إسرائيليا؛ ها هى تنتهز الآن حالة السيولة والفراغ فى سوريا لاحتلال مزيد من الأراضى العربية لفرض أمر واقع جديد على الأرض بما يخالف القانون الدولي, وكعادتها لا تحترم اتفاقًا ولا تلتزم بمواثيق!
فى كل جوانب المشهد ومن أى زاوية سترى إسرائيل كياناً عدوانياً يغتصب الأرض ويقتل الأطفال ويهدم العمران, حتى حلفاء إسرائيل أنفسهم من القوى الفاعلة دوليا وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية يعرفون ذلك جيدا، لكن المواقف الدولية الصادرة تثبت دائما كم بهذا العالم من معايير مزدوجة و تفسيرات عدة للشيء نفسه هنا وهناك, فالولايات المتحدة مثلا كانت ولازالت تسلح إسرائيل لضرب غزة وجنوب لبنان والتوغل فى الأراضى السورية وفى نفس الوقت تطالب واشنطن باحترام القانون الدولى وحماية المدنيين! وكأن إسرائيل مثلا توزع الورود فى المنطقة!! لكن السؤال هل يستمر الوضع على هذا النحو؟, بمعنى هل تواصل الولايات المتحدة دعمها اللامحدود لإسرائيل أم أن لها استرايجية جديدة للمنطقة؟
تاريخيا الولايات المتحدة ليست فقط غضت الطرف عن الممارسات العدوانية الإسرائيلية على الأراضى العربية ولكنها أيضا سمحت ودعمت, فما كان من إسرائيل إلا المضى قدما فيما تسميه رسم «شرق أوسط جديد» بالمعايير الإسرائيلية وتفاخرت بالعدوان ومضت فى خرق القوانين الدولية وتعاملت باستهتار ولا مبالاة مع أحكام القضاء الدولي.
كما لا يمكننا أيضا فصل السلوك الإسرائيلى فى سورية عن الطموحات الإسرائيلية المرتقبة بعودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب, فحديث نتنياهو مثلا عن هضبة الجولان وهى أرض عربية محتلة بأنها جزء لا يتجزء من إسرائيل! يمكننا مثلا ربطه بسياسة ترامب خلال فترة رئاسته الأولي،لكن فى نفس الوقت فما لا يتوقعه نتنياهو هو أيضا يبدو غير مستبعد بمعنى أن ترامب شخص متغير بحسب مصالح السياسة الأمريكية.
لا يمكن التنبؤ القطعى بمشهد نهاية هذا الصراع ولكن فى الأخير ستكون هناك نهاية, ولكل عدوان وقت يتوقف فيه، فمثلما سقطت النازية من قبل وتلاشت الفاشية، ستنتهى الصهيونية, ولعل هذا هو الهاجس الأبدى لقادة إسرائيل «خوف القادمين من الشتات» من الانعدام الدائم للأمن, رغم كل هذا التظاهر بالقوة.