الإنترنت كما نعرفه اليوم من خلال متصفحات الويب والتطبيقات حديث نسبيًا. وعلى الرغم من عمره، فإن تأثيره على المجتمع كان ثورياً بشكل ملحوظ. لقد عمل على تمكين الأفراد والشركات والمجتمع بأسره وزودهم بالقدرة على تبادل المعلومات والتواصل والتعاون بطرق لا تصدق علاوة على ذلك، فقد أتاح لنا الفرصة لممارسة حقوقنا وحرياتنا، والتعبير عن آرائنا وهوياتنا.
ومع ذلك، يواجه هذا المشهد المتحول للإنترنت تحديات عدة.. فقد انسحبت الولايات المتحدة، المدافعة عن الإنترنت المفتوح، مؤخرًا من دعم مفاوضات منظمة التجارة العالمية (WTO) حول التجارة الإلكترونية. وتهدف هذه المفاوضات إلى وضع تشريعات لحماية تدفقات البيانات الدولية ومنع الحمائية. يمكن أن يعرض هذا التحول فى الموقف جهود الحفاظ على الإنترنت كمورد مفتوح وحر للخطر، مما قد يمهد الطريق لسياسات أكثر تقييداً من دول أخري.
فقد أصبحت الفكرة التى تقضى بأن الحكومات لديها الحق والواجب بتنظيم الأنشطة الرقمية والبيانات لمواطنيها وشركاتها مفهوما شائعا بين العديد من الدول. بينما تعد بعض جوانب السيادة الرقمية، مثل حماية البيانات والأمن السيبراني، مشروعة، فإن جوانب أخرى مثل توطين البيانات والحواجز التجارية الرقمية يمكن أن تكون ضارة وذات نتائج عكسية. ويمكن أن تؤدى هذه الجوانب إلى تفكك وعدم الاستقرار والسيطرة على الإنترنت من قبل الحكومات والشركات، مما يؤدى إلى تآكل فوائدها وقيمها للجميع.
الإنترنت كيان متغير، يتكيف مع المتطلبات المتطورة لمستخدميه. ويتوقف مستقبله على كيفية تشكيلنا له والإشراف عليه وفقًا للمبادئ والمعايير التى نلتزم بها. والحفاظ على السياسات الداعمة للإنترنت المفتوح تتطلب جهدا عالميا موحدا، بما فى ذلك تدفق المعلومات، وقابلية التشغيل، والابتكار والشمولية، وكذلك الحفاظ على حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
واستنادا إلى خبرتى الكبيرة فى رئاسة اللجنة الاستشارية للأمم المتحدة لحوكمة الإنترنت (UNICTTF)، أؤكد على ضرورة زيادة الشفافية والمساءلة بين الكيانات التى تؤثر على الإنترنت، بما فى ذلك الحكومات والشركات ومنصات التكنولوجيا. لذلك فإننى أحث جميع أصحاب المصلحة على المشاركة فى مناقشات حول مستقبل الإنترنت، لأنه يجب علينا التأكد من أن يظل الإنترنت موردًا حرًا ومفتوحًا لصالح البشرية.