تناولنا فى المقال السابق أنه منذ عام 2016 يتم تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادى بهدف تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة لمصر، وأنه على أرض الواقع، ورغم كل هذه المجهودات المبذولة، فإننا لن نكون دولة متقدمة إلا بالصناعة، وتعظيم القيمة المضافة فى شتى قطاعات الاقتصاد، ولن يتحقق تقدم مصر على طريق التصنيع بغير أن نثق فى قدرتنا على أن نصبح دولة صناعية، وأن ندرك أن محاولاتنا للتصنيع على مدى القرنين الماضيين، رغم ما تعرضنا له من اخفاقات، تؤكد تلك المقدرة .وان إنعقاد المؤتمر الثامن للمنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام، تحت عنوان «محركات التنمية الصناعية المصرية فى عالم الذكاء الاصطناعى ‹ وتحت شعار «بالذكاء الاصطناعي.. المستحيل لا شيء». جاء ليؤكد صحة النظرة المستقبلية للقيادة السياسية المصرية الحكيمة، فى إرساء قواعد دولة مصرية عصرية حديثة، لذا جاءت توصيات المؤتمر الإستراتيجى للتنمية والسلام لتصب فى فكر وتوجهات الدولة المصرية الساعية لتقليص المسافة الاقتصادية بيننا وبين الدول المتقدمة وهذا من شأنه أن يعود بفوائد جمة من خلال تعزيز الإنتاجية، وخلق فرص عمل، ورفع مستوى الدخل، وتعزيز الأمن الغذائي، جاءت الجولة الأوروبية للرئيس السيسى للدنمارك والنرويج وأيرلندا للتعبير عن رؤية اقتصادية جديدة تعمل فى إطار زيادة التعاون التجارى وجذب الاستثمارات الأجنبية، وعقد اجتماعات مع مسئولى كبرى الشركات مثل «أيه بى موللر ميرسك» و«شركاء كوبنهاجن للبنية التحتية»، لتعزيز الاستثمارات المشتركة. كذلك فإن الدول التى تشملها الجولة تتمتع باقتصادات قوية فى مجالات متنوعة، مثل الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والصناعات المتقدمة، مما يفتح آفاقا جديدة للتعاون مع مصر، خاصة فى ظل الفرص الواعدة التى تقدمها الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة ،والتى تتطلب تعاوناً ثنائياً فى مجالات الابتكار والصناعات الخضراء، وتعزيز التعاون فى قطاع الطاقة، خاصة الطاقة النظيفة والمتجددة، بما يساهم فى دعم الجهود المصرية للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، مما يعزز من تنافسية الاقتصاد المصرى على المستوى الدولي. مما يدعم جهود مصر لتصبح مركزا إقليميا لسلاسل الإمداد ونقل وتداول الطاقة المتجددة. وإذا كان الآخر يبحث عن شراكة إستراتيجية معنا فإن الواجب الوطنى يحتم أن نبدأ بالمحيط العربي، وان ندرك بأنه عند فشل التجربة فلا بد من إعادة النظر فى منطلقاتها الأساسية، فى إشارة دلالية للهيئة العربية للتصنيع والتى تتبع رئاسة الجمهورية حالياً، وهى إحدى ركائز الصناعة العسكرية فى مصر، أنشئت عام 1975 بتعاون بين مصر وقطر والسعودية والإمارات، لبناء قاعدة تصنيع دفاع عسكرى مشتركة والإشراف عليها. تخارجت الدول العربية بعد معاهدة كامب ديفيد، وفى عام 1993 قامت السعودية والإمارات بإعطاء مصر أسهمها فى الهيئة التى بلغت قيمتها حينئذ 1.8 مليار دولار، فصارت الهيئة مملوكة بالكامل للحكومة المصرية.. تمتلك الهيئة بالكامل 14 مصنعا، إلى جانب المعهد العربى للتكنولوجيا المتقدمة. إعادة النظر فى كيفية تمويل الهيئة العربية للتصنيع لتصبح هى بيت التصنيع الأول للأمة العربية هو أمن قومى عربى تقتضيه الظروف الراهنة، وهذا لن يكون إلا من خلال توفير التمويل اللازم لهذا الكيان العربى المهم فى هذه الفترة تحديداً، وعبر الإتفاق على تمويل الهيئة العربية للتصنيع بـ1٪ من الناتج المحلى الاجمالى لكل دوله عربية سنوياً. وللحديث بقية.