فى ظل عصر التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى وأدواتها المختلفة التى تتنوع بين الصورة والفيديو فضلا عن الكلمات وتضاعف أعداد المستخدمين، الامر الذى يجعلنا أمام مجتمع ولكنه افتراضى، منهم الطيبون والأشرار والجهلاء والمجرمون والأبرياء، للاسف معظمهم يعتقد انه بمنأى عن العقاب، فبقدر ما تحمل هذه الأدوات الكثير من المميزات.. ففيها أيضا عناصر التدمير والخطر والتهديد، وجرائم خطيرة تقع، اكثرها التنمر والقذف والسب أو الإساءة والتشهير والابتزاز، التى يمارسها البعض ممن يفتقدون الى الاعتدال، أو التربية السليمة.
وهذا الذى يحدث يقودنا الى سؤال مهم عن الهوية المصرية وأين هى الان وهل أثرت عليها العولمة ام تأثرت الاجيال الجديدة بها او بما يعرف بحروب الجيل الرابع، والحقيقة إننا نعيش أزمة هوية وخاصة عند الشباب الذين يحصلون على كل معلوماتهم وثقافتهم من السوشيال ميديا والاعلام، لا يدركون ــ للأسف ــ مكونات الهوية المصرية ومدي تميزها وانها ذات طابع خاص وفريد .
فما حدث فى قضية طالبة العريش التى توفيت، يؤكد اننا امام أزمة هوية سببها وسائل التواصل الاجتماعى، ورغم انها كانت سبباً وعامل ابتزاز.. فهى أيضا كانت من عناصر الكشف عن الجريمة.
وخلال سنوات كانت هناك قضايا تعدٍ وتنمر على بعض الضعفاء، استغاثوا بالنائب العام، ولا شك أن تحرك النيابة العامة فى الجرائم التى تقع عن طريق مواقع التواصل، ويتم فيها ارتكاب أفعال تنمر أو سب وقذف أو تشهير، يحفظ حق المجنى عليهم، ويضع المسئولية القانونية على كل من يستخدم أدوات التواصل ويدرك أنه قريب من يد العدالة.
ونعود الى أساس القضية وهى ان الهوية المصرية أساسها الوعى ويلاحظ حاليا الإعتماد الكبير علي وسائل الإعلام مما يؤثر علي تشكيل وعي المواطن واتجاهاته نحو القضايا الوطنية والقومية خاصة فى ظل التحديات التي يشهدها المجتمع حاليا والتي تحدث حالة من الحيرة حول هذه الهوية وملامحها وطرق تشكيلها ، وهو الأمر الذي يرتبط بمدي قدرة الإعلام علي تشكيل الهوية المصرية وتعزيز قيمها من خلال ما يقدمه من محتوي متنوع ومضامين متنوعة الاتجاهات وعاملا مهما لمساعدة الدولة على مواجهة تأثيرات العولمة المتزايدة .
فمن المهم ان تكون هناك استراتيجية وطنية واضحة للخطاب الاعلامى تدعم الهوية المصرية، وهنا تأتي أهمية تقديم رؤية اعلامية واضحة للإعلام المصري بمختلف أنواعه لتقديم قيم الهوية في مكوناتها المتعددة من اللغة العربية والثقافة والدين والتاريخ العربي وغيره، وإبراز أهمية الهوية في بناء المقاومة الذاتية وتقديم أنفسنا للآخر ، وايضا فض الاشتباك بين ثنائية الوحدة والتنوع في الهوية العربية .
ومن الأهمية أن تسعي هذه الرؤية الي تدعيم دور الإعلام الوطني لمواجهة كل ما هو من شأنه مسخ الهوية في معركة الوعي، والأمر قد يتطلب رؤية إعلامية متكاملة تتبناها الدولة و يشترك فيها مجموعات عمل في مختلف المجالات الثقافية والفكرية والسياسية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها لصياغة مفهوم وقيم الهوية من اجل وضع مؤشرات محددة لتعريف الهوية في المجتمع المصري وتحديد آلياتها والأطر التي ترسم قيمها ومكوناتها بإعتبار أن مفهوم الهوية هي حائط الصد الرئيسي للإنسان المصري من محاولات التفتيت والإضعاف والسيطرة عليه من أية قوى معادية وايضا لتفعيل دور الإعلام فى دعم الهوية المصرية، والثقافة، والاهتمام بتعريف شبابنا تراثنا وحضارتنا وترسيخ الانتماء والوقوف صفًا واحدًا بجانب الوطن فى معركة البناء وهو ما يتطلب دعم دور الاعلام الوطني في تعزيز قيم الهوية كضرورة وطنية ملحة في مسيرة بناء الجمهورية الجديدة .