أمن واستقرار «الشرق الأوسط».. بل أمن واستقرار العالم كله.. مرهون ومقرون بالحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية.. هذه رؤية مصر «الثابتة» و»الراسخة» و«التاريخية» التى تؤكد الأحداث دوما أنها بالفعل «رؤية ثاقبة» يجب على المجتمع الدولى أن تتضافر جهوده من أجل تنفيذها.. لأن حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه ستكون له انعكاساته الإيجابية ليس فقط على «دول المنطقة» إنما تمتد هذه الانعكاسات إلى أرجاء «الكرة الأرضية» عبر تعزيز الأمن والسلم الدوليين.
يحضرنى هنا «عبارة بالغة الدلالة» قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى «فى حضور الرئيس الأمريكى جو بايدن» خلال «قمة جدة للأمن والتنمية» والتى عقدت بالمملكة العربية السعودية قبل ما يقرب من عام ونصف العام وشارك فيها عدد من قادة الدول العربية.. قال الرئيس عبدالفتاح السيسي: لعلكم تتفقون معى أن الانطلاق نحو «المستقبل» يتوقف على كيفية التعامل مع «أزمات الماضى» الممتدة.. ومن ثم فإن جهودنا المشتركة لحل أزمات المنطقة.. لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا من خلال التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ونهائية «لقضية العرب الأولى» وهى القضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين المستند إلى مرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة.. وبما يكفل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إن ما قاله الرئيس السيسى.. أمام «قمة جدة للأمن والتنمية» أو خلال قمم ولقاءات واجتماعات أخرى.. سواء قبل «الحرب على غزة» أو بعد ذلك.. إنما هو تأكيد مصرى متواصل على حقيقة لا يدركها كثيرون وهى أنه «لا مستقبل مزدهر آمن» للشرق الأوسط.. ولا للعالم أيضا سوى بحل عادل لقضية «الماضى والحاضر».. القضية الفلسطينية.. وحصول الشعب الفلسطينى على «كامل حقوقه».
ما يشهده «مسرح الأحداث» الآن.. فى الإقليم والعالم.. بسبب الحرب الوحشية على غزة ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية.. يشير بكل وضوح إلى تللك العلاقة القوية بين السلم والأمن الدوليين.. بالإضافة إلى أمن واستقرار المنطقة.. وبين قضية التاريخ «القضية الفلسطينية».. محيط التأثير الذى وصلت إليه «القضية» نتيجة تداعيات وتفاعلات «حرب الإبادة ضد غزة».. محيط التأثير هذا تجاوز كافة الحدود والخرائط التقليدية وصار يفرض نفسه على امتداد «مفاصل العالم».. العالم القديم والجديد أيضا.. الحل «العادل والشامل» للقضية الفلسطينية أصبح «أكثر من أى وقت مضى» مطلبا «عالميا».
التحول العالمى «الإيجابى» تجاه «القضية الفلسطينية» صار يتزايد بشكل لافت منذ الحرب الوحشية على غزة.. تحول على كافة المستويات خاصة الشعبية منها.. دعم غير مسبوق للحق الفلسطينى بات يتدفق من جميع قارات العالم.. ووسائل الإعلام العالمية أخذت تبث وتنقل «بالصوت والصورة» تلك الفعاليات والاحتجاجات والمظاهرات التى تتحدث بكل «لغات المعمورة» تأييدا للفلسطينيين ضد مذابح «الاحتلال الإسرائيلى» الذى ترتكبها قواته كل ساعة ضد الأطفال والنساء على أرض فلسطين.. شاهدنا الجموع الحاشدة تخرج «من قلب أوروبا وأمريكا» ومختلف دول العالم جميعها يهتف «الحرية لفلسطين» .. شاهدنا قادة دول وسياسيين يرفعون العلم الفلسطينى فى اجتماعات رسمية داخل بلدانهم وينددون خلال منتديات دولية بمجازر إسرائيل فى غزة.. شاهدنا «جندى أمريكى» يشعل النار فى نفسه ويموت حرقا «اعتراضا» على موقف بلاده من الحرب على غزة.. شاهدنا كيف أظهرت مراكز الدراسات تراجع شعبية «إسرائيل» داخل المجتمع الأمريكى إلى مستوى لم يحدث منذ عشرين عاماً.. رأينا تغيرا غير مسبوق بالفعل فى الموقف الدولى تجاه القضية الفلسطينية منذ الحرب على غزة.. تغيرا لم يشهد التاريخ مثله منذ «النكبة» قبل أكثر من خمسة وسبعين عاماً.
«الموقف الدولى» تجاه الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة.. هناك أسباب عديدة جعلته يتغير أو يتحول هذا التحول اللافت والمثير تجاه «قضية مزمنة» لم يعط لها العالم.. الرسمى والشعبى.. أدنى اهتمام تستحقه طوال العقود السبعة الماضية.. إن أبرز ما يمكن الإشارة إليه هنا من «أسباب» هو تلك الجرائم المروعة التى ترتكبها «إسرائيل» فى حق الشعب الفلسطينى.. كم غير مسبوق فى تاريخ البشر من مذابح ومجازر «متعمدة».. لأول مرة فى حروب التاريخ نجد هذا الكم من الشهداء الأطفال والنساء بالمقارنة إلى العدد الإجمالى للشهداء.. الأطفال والنساء أكثر من «الثلثين» بالنسبة للعدد الاجمالى.. إجرام لم تسمع عنه البشرية من قبل.. لقد حركت «مذابح إسرائيل» داخل مستشفيات غزة ومجازرها ضد أولئك الذين يقفون فى «طابور» انتظار المساعدات بعد تعرضهم لأسلحة «التجويع والتعطيش».. لقد حركت هذه المذابح الإسرائيلية «مياه الإنسانية الراكدة» فى عروق شعوب العالم.. فهبت هذه الشعوب من أجل وقف «إبادة شعب» يتعرض لأقسى ظلم عرفه التاريخ «على مرأى ومسمع» العالم.. العالم بمؤسساته ومنظماته وقوانينه الدولية.
من بين ما استوقفنى هذا الأسبوع فيما يتعلق بالحرب «الإسرائيلية– الأمريكية» على غزة «حدثان» قرأت عنهما فى أحد المواقع الإلكترونية الإخبارية العالمية.. الحدث الأول «البطل فيه» هو عالم الزلازل الهولندى الشهير «فرانك هوجر بيتس» والذى سبق وأن توقع حدوث عدة زلازل فى الشرق الأوسط ومن بينها «الزلزال الرهيب» الذى ضرب تركيا وسوريا فى آن واحد قبل شهور.. هذا العالم الهولندى تقول الأنباء إنه اختفى عن المشهد العام بشكل مفاجىء وأن هناك علاقة بين اختفائه وبين الحرب على غزة.
ووفقا لتصريحات صحفية أدلى بها لإحدى الصحف أرجع عالم الزلازل الهولندى سبب اختفائه من «المشهد العام» إلى «ما يفعله الاحتلال الإسرائيلى من جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة» وقال: «إنه لا فائدة من القيام بتنبؤات الزلازل أثناء حدوث هذه المذبحة لذلك قررت التوقف عن ذلك فى الوقت الحالي.. وأنه ينبغى على العالم بأسرة أن يتوقف ويطالب بوضع حد للإبادة الجماعية التى يتعرض لها سكان غزة من قبل هجمات الاحتلال الإسرائيلى.. ألا يكفى استشهاد أكثر من ثلاثين ألف مدنى دون نهاية تلوح فى الأفق.. إن أفعال الاحتلال لا تدل على محاربة الفصائل الفلسطينية التى يصفونها بالإرهاب كيف هم إرهاب؟! وكل أفعال الإسرائيليين هى التى تدل على الإرهاب».
آخر ما نشر عالم الزلازل الهولندى «فرانك هوجر بيتس» على صفحته فى «منصة إكس».. وفق ما ذكرت وسائل إعلام عالمية.. كان فى «نوفمبر الماضى» حيث تحدث عن القضية الفلسطينية فكتب يقول: «فى عام «1948» تم تهجير أكثر من «750» ألف فلسطينى قسرا من أراضيهم لأن «المنظمة الصهيونية» اعتقدت أن من حقهم الاستيلاء على هذه الأرض بناء على مطالبة عمرها «2000» عام.. واليوم يضطر العالم إلى مواجهة الجريمة وعواقبها.. ومن هنا اللامبالاة».. وفى منشور آخر كتب العالم الهولندى: «إسرائيل تقصف غزة بشكل عشوائى.. «68٪» من القتلى نساء وأطفال.. إنها أسوأ أزمة إنسانية منذ ما يقرب من «80» عاما.. فى حياتى لم أر قط كارثة بهذا الحجم».
«الحدث الثانى» الذى أتحدث عنه «صنع فى إسرائيل».. جيش الاحتلال الإسرائيلى يواصل جرائمه غير المسبوقة فى تاريخ الحروب والاستخفاف بدماء البشر.. أحدث ما توصلت إليه «إسرائيل» فى ذلك كان مثار سخط عالمى على «مواقع التواصل الاجتماعى» حيث أظهر «مقطع فيديو» جنودا إسرائيليين «يلعبون كرة القدم» على وقع تفجير مبانى سكان غزة.. ويقوم هؤلاء الجنود «بتوثيق» هذه اللحظة!.. يقول «الخبر» : «انتشر فى «مواقع التواصل الاجتماعى» مقطع فيديو يظهر جنودا إسرائيليين «يوثقون» لحظة تفجير عدد من المنازل والمبانى فى قطاع غزة وهم يلعبون كرة القدم» مما أثار غضبا لدى «النشطاء» وأن «مقطع الفيديو» أظهر الجنود وهم «يلعبون كرة القدم» بينما يتم تفجير المبانى داخل قطاع غزة»..!! إن «ثقافة الدم» المسيطرة على «إسرائيل».. ليست ثقافة حكومة أو جيش أو طائفة أو حزب بعينه إنما هى «ثقافة شعب».. شعب يرى أن «كل ما هو غيره» لا يستحق الحياة!!.
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.