استبشر العالم الثالث خيراً بميلاد هذا التجمع الجديد «البريكس»، خاصة أن دولاً مثل الصين وروسيا والبرازيل كانت من المؤسسين لـ «البريكس» وغيرها.. ثم انضم بعد ذلك إلى هذا التجمع «الوليد» دول ذات مستقبل واعد اقتصادياً طبقاً لرؤية رجال الاقتصاد العالميين، فكان أن انضمت أخيراً مصر وبعض من دول قارتى آسيا وأفريقيا لـ»البريكس» ليزداد الزخم حول هذا التجمع، خاصة بعد أن تناثرت الأخبار حول عدة إجراءات ستقوم دول التجمع بتنفيذها، وأهمها لا شك إصدار عملة جديدة خاصة بدول التجمع الوليد وما سينضم إليها من أعضاء مستقبلاً، خاصة فى مجال التبادل التجارى والاقتصادي، وهو ما يمكن أن يكون له أثره الفاعل بين دوله وأثره السلبى على «الأخضر» الأمريكي.. بحيث ان يحد ذلك من سطوته «المقيتة» على اقتصاد دول العالم.. وهذا الأمر تحديداً هو ما أثار حفيظة الرئيس الأمريكى القادم دونالد ترامب، حيث أطلق كالمعتاد منه «صواريخ» التصريحات «العنترية» فى مواجهة التجمع الوليد.. محذراً دوله الأعضاء بأنه سوف يفرض رسوماً جمركية تصل إلى 100 ٪ على السلع التى تقوم الولايات المتحدة باستيرادها من الدول المنضمة إلى «البريكس».
هذا التصريح فى حد ذاته يمثل واحداً من أهم التحديات التى تواجه هذا التجمع الجديد.. إذ كيف سيكون التصرف حال تولى ترامب السلطة فى 20 يناير المقبل وقيامه بتنفيذ تصريحاته على أرض الواقع؟!.. هنا تكمن الإشكالية أو بالأحرى التحدى الأقوى فى طريق «البريكس».. إذ كيف يمكن التصرف حيال هذا الأمر إذا ما قام الرئيس الأمريكى بفرض الجمارك بذات النسبة التى صرح بها من قبل؟!
لذا وجب على الدول الأعضاء أخذ هذا التصريح مأخذ الجد، والعمل من الآن قبل الغد على تفادى الآثار التى يمكن أن تترتب عليه.. وبالتالى فإن القوى الكبرى داخل «البريكس» ممثلة فى الصين وروسيا يقع عليها – مع مساندة باقى دول التجمع – الوقوف فى وجه هذه الهجمة الشرسة ضد التجمع الوليد، حتى يستطيع الصمود وإحداث التوازن على المستوى الدولي، بحيث لا ينفرد القطب الأوحد بالإدارة الاقتصادية لدول العالم وفقاً لأهوائه ومصالحه الشخصية، دونما اعتبار لأى شيء آخر، كما هو حادث الآن منذ انهيار الاتحاد السوفيتى السابق.
من هنا، فهل يستطيع «اليوان» و»الروبل» مواجهة «الدولار» الأمريكي.. مع العلم أن النمو الاقتصادى الصينى القادم بسرعة الصاروخ وكذا الاقتصاد الروسى القوى رغم حرب أوكرانيا لهما التأثير الكبير على المستوى الدولي.. وبالتالى فالاتفاق «الروسي- الصيني» وتعاونهما مع باقى دول «البريكس» سوف يكون له أثره.. ومن هنا أعتقد أن تعاون دول التجمع بقيادة العملاقين الصينى والروسى سوف يحدث نوعاً من التوازن العالمى فى جانب الاقتصاد، خاصة أن معظم اقتصادات دول «البريكس» واعدة ويمكنها امتصاص أى صدامات يمكن أن تتعرض لها.
وعلى الجانب المقابل، فإن الخريطة حتماً فى طريقها إلى التغيير، فى ظل هذه الأحداث التى تشهدها الساحة العالمية على المستويات كافة، ومنها بطبيعة الحال المستوى الاقتصادي.. لذا كان تكوين التكتل الجديد «البريكس» صورة من صور استشراف المستقبل على المستوى العالمي.. فهل تصمد اقتصادات دول «البريكس» فى مواجهة تصريحات الـ «ترامب» الأمريكي؟!.. هذا ما سوف تجيب عنه الأيام القادمة.