فى السابع من ديسمبر 1953 صدر العدد الأول من جريدة الجمهورية صوت جمهورية مصر العربية بعد قيام ثورةً يوليو وتحول مصر من الملكية إلى الجمهورية، الرئيس جمال عبدالناصر هو من أسس هذه الجريدة لتكون صوتاً مصرياً أصيلاً لا تشوبه شائبة، وكلَّف عبدالناصر الرئيس الراحل أنور السادات ليتولى إدارة هذه الجريدة الوليدة، كان يكفى اسم عبدالناصر كمؤسس والسادات كمدير لتعرف الهدف والغاية من التأسيس كذلك اتضحت اتجاهات وتوجهات رجال ثورة يوليو نحو التحرر التام من عهود وعصور التبعية والاستعمار خاصة تحرير العقول وبناء الإرادة الوطنية للدولة الوطنية.
>>>
فى هذا التوقيت كانت مصر لديها صحف ومجلات وثقافة وفكر وفن راق وقوة ناعمة حقيقية، لكن كانت التجاذبات السياسية والخلافات الحزبية والفساد السياسى سببا فى استقطاب المنابر الصحفية والإذاعية للمشاركة فى المناكفات الحزبية، كان ناصر ورفاقه يعلمون ان هناك من يدعم الرجعية وهناك من يدعم ويتعاون مع الاستعمار، وكانت الأقلام مغموسة فى حبر الهوي، لذلك كان التفكير فى استقلال الإرادة الوطنية من خلال استقلال الصحافة والإعلام، لذلك كان مشروع جريدة الجمهورية مختلفا عن كل الإصدارات المصرية، لأنه خرج من رحم الوطنية المصرية الخالصة، كمشروع وطنى تنويري، كانت جريدة الجمهورية تبث رائحة الاستقلال الوطنى وبناء المشروع القومى الحداثى الكبير.
>>>
استمرّت الجمهورية تؤدى دورها حتى تم تحرير باقى الصحف المقيدة بفعل ملكياتها المختلفة وتوجهاتها المتنوعة، لذلك يعتبر البعض إصدار جريدة الجمهورية بمثابة إعلان ميلاد الصحافة المصرية الوطنية الخالصة، لذلك استمرت الجريدة طوال كل هذه السنوات على نفس الخط الوطنى وبنفس البصمات التحريرية رغم تعاقب الأجيال، فسر الخلطة كان فى عقول المؤسسين، صحافة مصرية خالصة بلغة رشيقة وشعبوية مع الحفاظ على الرصانة المهنية والتنوع المعرفي، توارث أبناء الجمهورية تلك الأفكار والمباديء كما توارثوا سر الخلطة وحافظوا عليه حتى فى أصعب الأوقات.
>>>
لذلك عندما قررت ان أخوض تجربة الكتابة اليومية كانت الجمهورية هى المكان الذى يتوق إليه قلبى وعقلي، فلى مع هذه الجريدة بشر وحجر وتاريخ وحاضر ما يجعلنى اشعر بأنها بيتى الحقيقي، كنت ومازلت أرى أننى أمثل صوت الجماهير المصرية العادية التى تشبهني، على الشاشات أو على صفحات الجرائد، فالجمهورية هى قلب المواطن وعقل الدولة، اليوم نحتفل معا بعيد ميلاد هذه المطبوعة التى تحوَّلت من مجرد صحيفة إلى مؤسسة تنويرية وتثقيفية تخوض المعركة تلو المعركة دون تردد، فعندما يصبح الوطن مستهدفا يكون الحياد خيانة، تعلمت من الأساتذة الكبار فى الجمهورية الكثير ومازلت أتعلم واتشرف بأن اطل على القارئ الحبيب من هذه النافذة وهذا المنبر بشكل يومي، فى هذا اليوم أهنئ الأصدقاء والزملاء فى جريدة الجمهورية بهذه المناسبة التى تتخطى كونها عيداً لجريدة الجمهورية إلى كونها عيداً للجمهورية.