البداية فى قرية «العزيزة» رحلتك من القرية فى المدرسة.. دراسة الطب والتوجه للصحافة.. كيف ترى هذه الرحلة؟.
ولدت لأب يقولون إنه أول من أكمل تعليمه فى القرية، فى قرية العزيزة محافظة الدقهلية، فى 31 يناير 1931، لكن تم تسجيلى فى 21 فبراير وأرادت أمى أن تسمينى محمد بهاء الدين لكن الموظف سجلنى باسم محمد جاد الحق، والدى كان أستاذا فى كلية أصول الدين فى الأزهر، وعاش على عادة الدارسين فيه فى هذا الوقت من القرن الماضى فى الحسين وبجوار بعضهم.
وكان أول ما يفكرون فيه عندما يتيسر الحال هو شراء بيت صغير فاشترى والدى لنا بيتاً صغيراً فى الدراسة مكوناً من دورين الأول به ثلاث غرف ودور ارضى به غرفتان وحمام مشترك جعلها للضيوف.
مات والدى صغيراً وكان عمرى 5 سنوات، أمى كانت من القرية وكان لديها قطعة أرض صغيرة وأخوها كان عمدة القرية، ولم تكن تقرأ أو تكتب ولم تبتعد عن القرية كثيرا فعادت لقريتنا العزيزة مرة أخري،وبعد فترة جاهدت أو قل حاربت للعودة إلى القاهرة من اجلى واخى أحمد واختى لنكمل تعليمنا فى سرس حيث منزلنا، كنا اطفالاً أنا أكبرهم ودار حوار مع اخوتها منهم من صمت ومنهم من وافق.. كيف ستصرف على التعليم والحياة، وماذا ستفعل بالتعليم لكن أمى رحمها الله أصرت وحققت رغبتها وسكنت فى بيت والدى وهذا كان من أهم مواقف حياتها، واستمر البيت على نظامه فى استقبال الضيوف واحيانا كانت الظروف صعبة ولايوجد مال فتستلف من جارتها وترد، فاتصور أنها عاشت معاناة صعبة.
> هل كنت تفكر فى المستقبل والدراسة فى هذه الظروف؟
>> والدتى كل حلمها أن أكون طبيباً لأفتح أول عيادة فى البلدة، كنت فى سنة خامسة ثانوي، أدرس فى مدرسة فؤاد الأول ومازلت موجودة، كانت تقدم مجلات حائط فصرت اتعلم وأعد مجلة فى البيت ومع ذلك كنت اذاكر جيدا وحصلت على مجموع دخلت به كلية طب.. ونجحت فى السنة الأولى وكان بعدها سنتان دراسة فيها الهستولوجى والانتومى والفسيولوجى وأربع مواد أخري، نجحت فيهم كلها إلا الانتومى «التشريح» لأننى كان لديّ فيه مشكلتان الأولى صعوبته والثانية رائحة الفورمالين, وشاءت الأقدار أن التقى مع مجموعة تهوى الصحافة وتريد تأسيس مجلة لكلية طب القصر العينى فانضممت إليهم، وأصبحت كل جلساتنا فى الكلية لإعداد المجلة، وتمت بالفعل وكان اسمها «قصر العينى يقود المعركة»، قدمت فيها تحقيقاً آن ذاك، وكان معنا زميل اسمه صبرى أيوب هو الزعيم حيث كان يذهب إلى «روزاليوسف» وعندما يرجع إلينا يتحدث بفخر عما شاهد وكان هو رئيس التحرير وكان معنا ضمن المجموعة حمدى قنديل وآخرون.
من هنا انشغل تفكيرى بالعمل الصحفى أو بإدراك أمى «أنا كده بوظت» لم انجح فى الكلية والصحافة تأخذ عقلي.. فى هذا التوقيت خرجت اخبار اليوم بشكل جديد للصحافة، وسط هذا الجو وجدت صبرى أيوب رتب لى ولحمدى قنديل فرصة تدريب فى آخر ساعة، فرحت لأنها أخبار اليوم، وذهبت للأستاذ هيكل كان رئيس التحرير وقولت له أنا لديّ أقارب كثيرون فى بورسعيد، وأريد أن أغطى العدوان الثلاثى فى بورسعيد، فقال لى اذهب، هناك ذهبت لـ«لوكاندا» أقاربي، وجدت الأجواء قاتمة، لم اجد اى شخص سوى أقاربى الذين يديرون المكان، اخذت أنا أكتب كل يوم مقالاً أو موضوعاً او انطباعاً من باب الصحافة والوطنية وتوثيق ما أراه غريباً، وكنت أخرج لباب المدينة اقابل الاتوبيس واعطى السائق ما كتبته وبعض المال ليوصل الموضوع للأخبار.
فى أحد الأيام ابتعدت وتفاجأت بنيران من كل اتجاه ولا أدرى من يطلقها، واستندت هربا إلى حائط ووجدت يداً تشدنى لداخل المبني، وجدته حارس العقار الذى استندت إليه، وجهزوا لى سريرا نظيفا وقدموا لى طبق أرز بالعدس لا أنساه، أكلته ونمت نوما عميقا وفى الصباح قال لى الرجل أنت تريد العودة للقاهرة؟ قلت نعم بعد أن حكيت له حكايتى وكنت قضيت نحو 10 أيام ولا أرى جديدا، اخبرنى بوجود مراكب شراعية، عبر بحيرة المنزلة وإلى المطرية، ولكن المركب لا يقف على شاطئ المنزلة إنما يبتعد قليلا عن المينا فسأحتاج للعوم، ووصلت المطرية ومن هناك ركبت قطار الديزل وكان قطارا بطيئا لكنه أقصر الطرق لقريتي، عندما وصلت البيت وجدت سيدات يرتدين الأسود وفور أن رأتنى امى اخذت فى البكاء، فأدركت اعتقادها وفاتى، ظلت امى تبكى ثم فى نفس اليوم أخبرتنى لأول مرة موافقتها أن أعمل فى الصحافة.
عدت للقاهرة وقابلت الأستاذ هيكل وفوجئت أنهم لم ينشروا سطرا واحدا، فقلت للأستاذ هيكل إنى تقريبا كل يوم أرسل رسالة ولم ينشر منها شئ فأعطانى اول درس فى الصحافة أنها خبر وليس انفعال أو رأياً «ده كلام ميخشش دماغي» وظل يقنعنى بذلك، ولكنى لم اقتنع.. لا يمكن أن يكون بلدى محتلاً ولا أتحدث.
قررت عند ذلك أن أترك آخر ساعة واخبار اليوم رغم بريقهم، كان فى هذا التوقيت يتم الإعداد لمجلة جديدة باسم التحرير، وجدت عرضاً من اختار خمسة صحفيين فى اخبار اليوم منهم أنا وحمدى قنديل وإبراهيم راشد، بقيت أنا وحمدى والأخرون خرجوا عند ذلك كنا نأخذ مبلغاً كبيراً حوالى خمسة وعشرين جنيهاً، كنا نعمل بحماس لوقت ونستريح فى وقت فنزل مرتبنا لـ 15 جنيهاً، ثم انتقلت أنا وحمدى للجمهورية.
> فترة دراستك فى الطب ماذا عنها؟
>> فى الكلية حضرت اغتيال شخصية كبيرة من الداخلية وكان تم استهدافه من فوق سطح مبنى مقابل لطب قصر العينى وكان يرتدى بالطو.. وتم تنفيذ العملية باستخدام قنبلة.
ودخلت الشرطة الكلية وقبضت على العشرات من الطلاب، وتم توزيعهم على أقسام الشرطة لامتلائها، وبينما اسير مع حمدى قنديل فى فناء الكلية وجدت شخصاً يقول لى ادخل من هذا الباب حيث كانت المفاجأة وجود باب يفصل بين الكلية ومستشفى قصر العينى القديم، وكان أحد الاثنين فؤاد محيى الدين، والثانى د.هاشم فؤاد.
> ومتى بدأت دراسة الصحافة؟
>> حتى هذه اللحظة كنت فى مهب الريح وعلمت أن كلية الآداب افتتحت قسماً للصحافة، فأخبرت حمدى قنديل أنه لا يصلح أن نبقى بالتوجيهية فقط «وأن وضعنا بعد وقت سيكون سيئاً».
حمدى شغلته الإذاعة والتلفزيون واتجه لهما، أنا بقيت طوال عمرى فى الجمهورية ولم اشأ اطلاقا أن أعمل فى غيرها، وأنا كتبت فى الأهرام خاصة أهرام الجمعة، وكنت غير منتظم، وكتبت فى المصرى اليوم وظللت هناك سنة كاملة، وكتبت بعد المعاش فى يوميات الأخبار، حتى ضعف نظرى للغاية.
> عشت فترة الملك فاروق، وكنت تعمل صحفيا لما قامت الثورة، فما علاقتك مع عبدالناصر والسادات؟
>> علاقتى بالملك لم تكن موجودة لم أشارك فى مظاهرات ضده لكن كنت أكرهه، أما النحاس فكان رجلاً طيباً محبوباً ولم تكن لى بهم علاقة، ولم أكن احب الزحام ولا النفاق فابعتدت عن البشاوات.
لما قامت الثورة كان هناك حماس مع عبد الناصر لذكائه وقدرته على الكلام والحديث، ولما أصدرنا مجلة قصر العينى كنت مسئولا عن متابعتها مع الرقيب فذهبت لأحصل على موافقته، فلما ذهبت له قال لى هناك جمال عبد الناصر كنت قد سمعت عنه لكن لم أكن أعرف قيمته الكبيرة هذه لأن نجيب كان موجوداً، أعطانى هاتفه فى المنزل وقال لى اخبره عن مشكلة مجلتكم مع عبد الله الكاتب عميد الكلية لكن المجلة خذوها وانشروها.. ظللت طوال الطريق كلما وجدت هاتفاً فى محل اتصل فترد على سيدة صوتها وقور يظهر أنها السيدة «تحية» تقول لى «والنبى يا ابنى مش موجود» اطلبه كمان شوية.. فظللت هكذا مرة واثنتين وثلاثاً «ثم قلت أنا مش فاضى اسأل متى يحضر خلاص.. لو كنت اصررت ربما كان زمانى بقيت هيكل».
> لكنك اعتقلت فى عهد عبدالناصر!
>> ناصر اعتقلنى قبل النكسة بشهور كان قد قبض على عدد من اليساريين، أنا لم أكن يساريا لكن كان لى اصدقاء من اليسار وشيوعيين، لهم عيوب ولهم تفكير وكنت تقريبا اشتراكياً فكنت استمع لهم ولا اكرههم لأنى اقرب لليسار ولكن لست يساريا، الحزب الشيوعى بفروعه المختلفة أعلن حله، لكن تم القبض على المنتمين له، وكان هناك مجموعة صغيرة من الشيوعيين كان تعدادها نحو خمسين فردا ومنهم الابنودى وسيد حجاب وجمال الغيطانى وصلاح عيسى وأخى أحمد العزبي، نحو خمسة أو ستة شهور وخرجنا قبل النكسة مباشرة. ظللت ستة أشهر فى حياة السجن التى اعتبرها الآن تجربة مهمة فحياة السجن مختلفة تماما، وجدت هناك نماذج مختلفة كنت فى عنبر واخى فى عنبر الوفديين الذين ساروا فى جنازة النحاس.
كنت مستعجباً من النوم على الحذاء كوسادة وان يغلق الباب من الخارج فكرة صعبة، وان اجد اليساريين القدامى يتواصلون مع الشباب،واذكر مرة أن أحدهم كان مسئولاً عنا وجدته مرة يدخل بـ«جردل» والجردل يخرج منه بخار، اكتشفت أنه شاي.
> وكيف تنظر لفترة الرئيس السادات؟
>> علاقتى بالسادات كانت خارجية أنا لم أكن على ود معه.. جمال شخصية كان مبهرة، السلبيات معروفة ، أما السادات فقد عرفته وقت أن كان مرفودا من الجيش أيام مقتل أمين عثمان، لانه كان صاحب صديقى طوغان جدا، وكان أحيانا يقيم عنده، وكان هذا يتصادف كثيرا مع وجودى عند طوغان الذى كان يسكن فى شارع 26 يوليو إلى جوار الجريدة كنت التقيه كثيرا، بذلك أنا عرفت السادات وهو فى حالة هروب.
السادات لما أصبح فى الجمهورية لم التقيه كنت اسمع أنه يرتدى أزياء أنيقة للغاية أنا لم أكن أراه سوى عندما كان يمر أو هناك أمر هام أحتاج أن ابلغه به، وهو ذات مرة منع مقالة لحسين فهمى نقيب الصحفيين، ووجد فى الصفحة الأولى مقال انور السادات «الصاغ الأحمر».. كان حول خالد محيى الدين أما حسين فهمى كان صديقه، وكان رئيس تحرير وكان السادات رئيس مجلس إدارة فاختلفا معا وخرج حسين فهمي.
> عاصرت جيل العمالقة وأباطرة صاحبة الجلالة كيف تتذكر هذا الجيل ولماذا لم يعد لدينا أمثال هؤلاء؟
>> ببساطة لأن الصحافة أهلها لا يأخذونها بالجدية المطلوبة، لأن الصحفى لابد أن ينشر الخبر كما هو أما التعليق ورأيه فى الخبر هذا موضوع اخر، «أنا مرة روحت جريدة الديلى تليجراف، كنوع من التدريب»، مدير التحرير هناك وكان أقوى رجل فى الجريدة وجدته نشر خبراً لا يتسق مع يمينية الجريدة فسألته فى اليوم التالى لماذا نشره، قال لى بتحذير.. لا الخبر هنا خبر كما هو أما التعليق ورأينا نعرضه بشكل آخر، والأستاذ هيكل كذلك كان يكتب معهم، وكانوا يقرأون مقالاته ويراجعونه فيها «يعنى مكنش عندهم هزار نحن كنا نذهب عشرة أيام فى الأسبوع، نحن فى جيلنا «كان اللى يخلص شغله لما كنا فى المبنى القديم للجمهورية،كنا نخلص ونتقاطر على البلكونة اللى يقول شعر واللى يقول حكاية واللى ينتقد صديقه لغاية ما نزهق، فنروح» الشاهد كان الجرنال هو بيتنا والخبر هو عملنا والصدق هو أساس العمل، حتى لو كنت أكره الخبر «يعنى أنا لما كنت فى القسم الخارجى رغم نواياى الطيبة ورغم أنى من القلائل الذين ذهبوا إلى فيتنام الشمالية، أيام كانوا يضربونها بالقنابل كنت ارفض صياغة «قال العملاء على فيتنام الجنوبية».
وأنا أحب الشباب وأحب أن أتحدث معهم واستفيد منهم، هناك ناس تعمل ولا تجداً تقديراً كافي، هناك ناس فى الصحافة تريد أن تعمل كمستشار اعلامى وهناك صحفيون يريدون أن يسافروا لتحقيق أغراض خاصة، وأنا سافرت معظم بلاد العالم للعمل أو للسياحة وكنت عضو جمعية الكتاب السياحيين المصريين.
لم أعد صالحا
> كيف كانت علاقتك بالتابعى ومصطفى أمين؟
>> التابعى كان بعيد عنى، كان عامل لنفسه وضع خاص، ومصطفى أمين كان جيداً جداً متعاوناً ويحب المساعدة مهما اختلفت معه سياسيا لكنه عاشق للصحافة، بدليل هو كان يريد أن يصنع جورنال انجليزي، لما أصبحت رئيس تحرير الجازيت أردت تحويلها لجريدة مصرية بلغة انجليزية ونحن نناقش الأعداد السابقة ونتحدث فيما هو قادم، فكنت احصل على درس مجانا أسبوعيا مع مصطفى أمين وظلت علاقتى به قوية وكذلك بابنته ومنحونى جائزة لم أكن انتظرها فقد كنت محكما فيها لكن اشكرهم.
واريد أن أقول أنا فى الجمهورية لم أكن أريد منصباً كنت اريد أن أكتب فقط.
> ماذا تذكر عن مصطفى أمين من موقف؟
>> مصطفى أمين أنه لما كان مسجونا واراد أن ينكل به مدير السجن فجمع المصورين ليصوره وهو ذاهب الزنزانة، وأخذوا يصوروه إلا مصور الاخبار فقال له امين أنت مبتصورش ليه انت عايز الجرنال يفوته الخبر.
> ما علاقتك بالأباطرة وبارونات الصحافة أيام جيلك؟
>> أنا شخص «مش اجتماعى»، أمينة السعيد كنت أعرفها فى الاجتماعات الرسمية واللقاءات العامة، أما جلال الدين الحمامصى كان مثل التابعى له شخصية مستقلة مبتعدة عننا، لكن أول علاقتى به كنت فى يوم اجلس على أحد المكاتب اكتب موضوع ما فلم يكن لدى مكتب، وكان الحمامصى يحضر مبكرا ولم يجد أحداً فى الجرنال، فكان دائما «رايح جاي» على التيكرز وفى أثناء مروره أمام المكتب دخل لى وقال أنت قدمت موضوع تحقيق جيد اليوم، أما كامل الشناوى ومحمود السعدنى كنت أخاف منهم لأن لسانهم طويل، أما السعدنى كنت التقيه كثيرا لأن كان احمد طوغان صديقاً مشتركاً بيننا.
نجيب محفوظ كنت أذهب له كثيرا لكن ليس فى الندوات لكن من باب التعرف على شخصيات هامة اسعد أنه إلى حد ما يعرفني، وتوفيق الحكيم كنت أذهب له كثيرا فى الأهرام برفقة جلال السيد الذى كان مثل أخي، جلال كان رجلاً راقياً إذا أعجبه كتاب يذهب ليشتريه لا ينتظر أن يرسل له وكثيرين كانوا يرفضون ذلك، أما فكرى باشا أباظة فقد كان كبيرا عليا وكان فى المصور بعيدا عن محيطنا، ومكرم محمد أحمد كان صديقى، وأنيس منصور كان صديقى للغاية أما أنيس فقد تولى رئاسة التحرير مؤقتا فطلبت منه اكتب ووافق ونشر لى كثيرا لكن عندما عاد موسى رفض أن يتوسط لى عنده أو أن يكمل لى النشر، موقف آخر عندما قرر السادات أن يفصلنى من النقابة ليرفدنى من الجمهورية ليحيلنى للمعاش وأنا فى عمر حوالى الاربعين، فموسى كلمنى وكان قريبا للسادات وقلت له لا علاقة لى بالاتحاد الاشتراكى فطلب مقابلتى وعدت.
> انت شخصية موسوعية زرت الكثير من البلاد كم منها تذكر؟
>> زرت خمسين أو ستين دولة.. غطيت فيتنام فى عز الموت أثناء ضرب امريكا لها، وذات مرة اذكر كنت هناك ازور عمدة وكان رجلا جيدا للغاية لكنه جعلنى انام على سرير «ملة فقط» من الواضح هذه ثقافة هذا الشعب، وذات مرة ايقظونى فى الليل مع آخرين لأن هناك غارة أمريكية فذهبنا مسرعين للحديقة حيث توجد فتحات حفر كل حفرة تأخذ شخصا واحدا يوضع فوقه غطاء مثل غطاء البرميل، وظللنا حتى انتهت الغارة ثم خرجنا سالمين، فعشت هذه التجربة، وهناك قابلت الجنرال وكان القائد العسكرى لفيتنام الشمالية.
وذهبت للجزائر بعد تحررها وكان فيها إضرابات ذهبت أنا ويوسف ادريس إلى تونس لعدم وجود طرق أخرى للوصول لها، سوى من جنوب تونس هناك ظللت حوال 15 لعشرين يوماً أما أنا دخلت من جنوب تونس حيث كان الجيش محدث لمشكلة هناك وهناك شيئ مختلف، فوجدت عربية تنتظرنى عند الحدود هناك واخذونى للعاصمة، وظللت فى الجزائر فترة وكانت مضطربة جدا، وذهبت لكوريا الشمالية، وقابلت الزعيم الكورى.
ذهبت كذلك لكوريا الجنوبية والمناخ مختلف تماما بينهما، وذهبت للهند أكثر من مرة فى عهد انديره قبلها كنت فى ال صين ضمن مؤتمر وطنى هناك ثم ذهبت بعدها للهند الذى قابلنى فى المطار أخبرنى أن السيدة انديره تريد أن تلتقى بك فى منزلها فى طريقك قبل الوصول للفندق، آن ذاك كان هناك خلاف على الحدود بين الصين والهند وهى كانت شغوفة أن تلتقى بصحفى عائد من هناك لتعرف منه الأجواء وطبيعتها، جلست معى لكنى لم احدثها طويلا لأن لديها كلبان وأنا لا أخشى إلا الكلاب، لكنى وجدتها شخصية قوية لديها حضورها.
> لماذا حرمت قراء كثيرين من قراء الجمهورية من مقالاتك؟
>> أنا لم اعد صالحا بشكل عام أنا لا أرى فلا استطيع أن أتابع لأكتب.
أنا عينى بدأت فى الانهيار تدرجيا، وطبيبى أستاذ طب عين شمس قال لابنتى والدك يقوم باشاعات كل شهر، لكنه مصاب فى الشبكية وهذا لا علاج له بل ومهدد بالعمى التام فأصبحت أفقد أهم أدوات التعامل مع التكنولوجيا.
وسؤالى الدائم لبنتى وابنى لما يأتى «ما الجديد الذى يحدث»
> ماذا تمثل لك الجمهورية؟
>> بالجمهورية صلة قوية للغاية، لى وكأنى مولود فيها وهو ما جعلنى اكتب فى المصرى اليوم لما ذهبت لها بترحيب كبير أن اجعلهم يكتبون فى الصفحة الأولى «محمد العزبى مرتبط بالجمهورية ولن يتركها ابدا وهو يكتب هنا متى يشاء وكيفما يشاء».
> فى وجود اتجاهات جديدة للصحافة الإلكترونية ما مدى تقييمك للعمل الصحفى فى إطار منصة مختلفة؟
>> ألا يتجاوز ولا يحاول الصحفى فى البداية أن يقفز بسرعة وأن تثق فيما تقول، وأن تكون نظيف اليد.. والصحافة هواية واحتراف.
> هل الصحافة مشروع تجارى ام مجتمعى؟
>> هى مشروع وطنى قومى لكن لابد ألا تخسر هى الاثنين لكن اولا دورها وفائدتها كمحامى الشعب وبانى للوطن.
> كيف تنظر إلى المرحلة الحالية؟
>> إننا الآن نعيش مرحلة بناء لابد من اكتمالها لأن الدولة تسير فى الاتجاه الذى يخدم المواطن والصحيح.. بالتأكيد هناك صعوبات وأزمات.. والعالم كله يشهد مزيداً من الأزمات.. لكن فى مصر هناك حالة من الإصرار على البناء.. وأتصور أننا نطلب من الحكومة التريث فى اتخاذ القرارات وتهتم بضبط الأسعار.. ومواجهة المحتكرين وضبط الأسواق وتعمل كما يقول الرئيس على إرضاء الناس الذين تحملوا هذه المرحلة من البناء ووصفهم بأبطال الإصلاح.