يظل المواطن فى أى دولة هو عصب وأحد أهم ركائز الأمن القومى بمفهومه الشامل.. لذلك من المهم والحتمى أن تكون الأولوية الأولى لدى الحكومة سواء بترسيخ حالة الرضا الشعبى أو تخفيف الأعباء.. وهنا تسهل عملية بناء الوعى وقدرته وايجابيته على الانصات لرسائل ومحتوى بناء هذا الوعى الحقيقي.. ولقد فعلت الحكومة أمراً جديراً بالتقدير فى وقت تعاظمت فيه تداعيات الوضع الاقتصادى الشامل ونجحت الدولة ان تكون صمام الأمان للمواطنين من خلال توفير السلع والاحتياجات الأساسية فى الأسواق والمنافذ بوفرة.. كما أنها أقامت شبكة كبيرة من المنافذ الثابتة والمتحركة فى كافة ربوع البلاد بأسعار أقل من الأسواق ومنافذ القطاع الخاص وربما تفوقت على أسعار السلاسل التجارية وبجودة عالية.. وبالتالى عبرت بالمواطن تداعيات الإصلاح الصعب الذى نجح بشكل كبير فى تعظيم قدرة الاقتصاد المصري.
الحقيقة أعجبتنى فكرة الأسواق المجمعة فى محافظتى القاهرة والجيزة وهى تمثل قفزة جيدة لأنها تجمع كافة منتجات المصانع والشركات والوزارات فى منطقة واحدة أو سواق واحد لمدة يوم فى الأسبوع وبأسعار تقل عن أكثر من 30 ٪ من مثيلتها فى الأسواق.. وهذه الفكرة الجيدة تجسيد حقيقى لإستراتيجية البيع للمواطن من المصدر الذى يعنى جهة الإنتاج مع وضع تكلفة النقل فى الاعتبار لتتيح للمواطن فرصة الحصول على احتياجاته بشكل يخفف الأعباء عنه.. لكنها تحتاج للمزيد من الإعلان والترويج ونشرها على المواطنين للتعرف على التفاصيل أكثر والمواعيد والمناطق.
يمكن تطوير الفكرة التى تعتبر فى مرحلة الاختبار لكننى أراها ستكون جيدة إذا نالت الاهتمام والإرادة والتطوير والانتشار ولدى بعض المقترحات فى هذا الإطار كالتالي:-
أولاً: فكرة الأسواق المجمعة ليست بديلة للمنافذ الثابتة والمتحركة بل هى دعم إضافى للمواطن.. مع الاهتمام بتوسيع دائرة المنافذ المتحركة.. وربما يكون من الأفضل تطبيق نفس فكرة الأسواق المجمعة الثابتة فى مكان أو منطقة واحدة.. لتكون أسواقاً مجمعة متحركة من خلال مجموعة من السيارات المحملة بكافة أنواع السلع والاحتياجات الأساسية وليست سيارة واحدة أو جهة إنتاج واحدة بل تتبنى نفس فكرة الأسواق المجمعة فى المحتوى والمضمون وما تقدمه من سلع واحتياجات وبمشاركة عشرات المصانع والشركات وجهات الإنتاج وبنفس المزايا والأسعار.
ثانياً: لابد من تطوير وتعميم الفكرة لتشمل كافة محافظات الجمهورية من خلال رعاية وزارة التموين ودعوة كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية ذات الطبيعة الإنتاجية مثل الزراعة أو منافذ القوات المسلحة والداخلية ليعمل الجميع تحت مظلة واحدة وربما تكون مساهمة ودور المحافظين بالغ الأهمية لتنضم الشركات والمصانع المنتجة فى المحافظات وإنتاج كليات الزراعة والمدارس الزراعية الفنية وأيضاً إنتاج القرى ودعوة القطاع الخاص ونشر الأسواق المجمعة الخاصة ونشر الأسواق المجمعة سواء ثابتة أو متحركة من خلال مجموعة من السيارات تجوب المناطق والقرى أو تخصص أياماً محددة لكل منطقة أو قرية مرة أو اثنتين شهرياً مع إعلام المواطنين بالمواعيد.
ثالثاً: يمكن أيضاً استغلال المنافذ الثابتة وتحويلها إلى معارض ومنافذ شاملة أقرب للأسواق المجمعة تتيح للمواطن شراء احتياجاته سواء من خلال مشاركة وزارة الزراعة وجهاز الخدمة الوطنية.. ومنتجات مراكز التأهيل والإصلاح وأيضا شركات ومصانع القطاع الخاص.. لأنه فى اعتقادى ان كل منطقة فيها منفذ أو أكثر سواء لوزارة التموين أو الزراعة أو باقى وزارات ومؤسسات الدولة.
رابعاً: لدينا فرصة رائعة بتحويل الأسواق المجمعة إلى فكرة المعارض الكبرى التى تسبق شهر رمضان مثلا بعنوان «أهلا رمضان» لتكون الأسواق المجمعة «معارض يومية» أقرب إلى فكرة المعارض الكبرى التى يجد فيها المواطن جميع احتياجاته من السلع الاحتياجات الأساسية.. فالجميع سواء منتجات مصانع وشركات الدولة أو القطاع الخاص.. أو المزارع.. لابد ان تكون حاضرة ومشاركة ولم تخسر على الاطلاق.. لأن الفكرة توفر وتختصر حلقات التوزيع وترحم المواطن من ارتفاع التكلفة.. وأيضاً تنقذه من طمع التجار الجشعين والمغالاة فى الأسعار وتوصيل هذه الاحتياجات بالأسعار العادلة والمعقولة للمواطنين.
لابد من البحث عن أفكار جديدة وخلاقة تعمل على تخفيف المعاناة عن المواطن.. مع الأخذ فى الاعتبار أهمية الضرب بيد من حديد على أيدى الجشعين والمحتكرين والمغالين والمتلاعبين فى الأسعار.. فليس من المعقول ان تباع نفس السلعة فى الشارع الواحد بأكثر من سعر.. ومن هنا فإن تفعيل الرقابة لا يعنى وضع أسعار أو تسعيرة «جبرية» فما يحدث من بعض التجار غير منطقي..
يمكن تطبيق فكرة الأسواق المجمعة فى بعض المؤسسات والمشروعات ذات الكثافة العمالية الكبيرة.. أو المصانع خاصة المتحركة منها بحيث تكون هناك زيارة شهرية مع صرف المرتبات ليحصل كل موظف وعامل على احتياجاته من كافة السلع لكن يجب على هذه المبادرة ان يكون لها مركز للإدارة وبمشاركة ممثلين من الحكومة والقطاع الخاص ويمكن ان تكون احد مسارات التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى ومبادرة حياة كريمة.. فالجميع يجب ان يعمل فى هذا الإطار من أجل تخفيف الأعباء عن المواطن الذى يؤكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً ويوجه الحكومة به فى كافة اللقاءات والاجتماعات.
الحقيقة من أهم التحديات والأولويات بالنسبة للحكومة هى المواطن.. بمعنى قضية الأسعار وتوفير احتياجاته بالشكل الذى يتناسب إلى حد ما مع قدراته وامكانياته.. فإذا توسعت وتم تطوير فكرة الأسواق المجمعة مع الحرص على البيع بهامش ربح بسيط فى النهاية فإن السلع تباع من المصدر سواء المصانع أو الشركات أو المزارع ويمكن إشراك السلاسل التجارية الكبرى للمشاركة فى الأسواق المجمعة من خلال عروضها وتخفيضاتها والمستفيد فى النهاية هو المواطن وبالتالى الوطن. تحيا مصر