نشكو من تراجع سينمانا المصرية الآن، ولكننا مع مهرجانات السينما التى تقام فى مصر نكتشف الجديد منها، وآخرها كان مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الاخيرة والذى رأينا فيه فيلمين طويلين، الأول روائى هو (دخل الربيع يضحك)، والثانى وثائقى هو (أبوزعبل 98)، وفيلم ثالث قصير بعنوان (عقبالك يا قلبي) مدته عشرون دقيقة، والملفت هنا هو حصول الفيلمين الأولين على جوائز عديدة، والملفت اكثر هو الأسماء الجديدة التى قدمت هذه الافلام فى الكتابة والإخراج والتصوير وأغلب العناصر والتى تعنى بداية صعود جيل جديد من صناع وصانعات السينما فى مصر،وبعضهم ترك عمله الأصلى ليذهب الى دراسة السينما مثل مخرجة (دخل الربيع يضحك)، وهو ما يضعنا امام توقعات متفائلة بسينما اهم وأفضل فى السنوات القادمة خاصة مع تزايد الإقبال على دراسة هذا الفن من خلال معهد السينما وكل الاماكن الاخرى وحتى زيادة الإقبال على دروس الورش الخاصة، ولهذا زاد عدد الافلام القصيرة التى يتم انتاجها وتقدمها مهرجانات خاصة بها اقيمت مؤخرا بجانب المهرجانات الكبيرة، وما يتبقى فقط لاجل عرض هذه الافلام القصيرة (وأغلبها لا يزيد عن دقائق معدودة) هو اقتناع المسئولين فى قنواتنا التليفزيونية بأهميتها فى تنويع ما يراه المشاهد وفى دعم ثقافة ملايين المصريين من خلال برنامج يقدم هذه الأفلام ويحتفى بها ويناقشها فدعم الفن الجميل جزء مهم نحتاجه كثيرا،خاصة من تمنعه ظروفه من التردد على المهرجانات والمناسبات التى تعرض فيها هذه الأفلام.
أبوزعبل.. والحياة بعد صمت طويل
فى فيلم (أبوزعبل 89) يحكى مخرجه بسام مرتضى عن حياته من اللحظة التى خرج فيها والده من سجن أبوزعبل بعد انضمامه لإضراب عمالى وقتها،وكيف تحول هذا التاريخ الى تاريخ جديد للاسرة منذ 35 عاما حين ذهب مع والدته لزيارة الأب، وبعد ان خرج الاب من سجنه وتغير كثيرا، واصبح إنساناً مختلفاً تماما،ويستعين المخرج بكل ما وجده من وثائق وصور ليقدم لنا، ولنفسه قبلنا، كيف حدثت تحولات العائلة بعد هذه الأزمة، ويستعين بوالده فى رواية الاحداث، والنقاش حولها،وبصور الام التى رحلت،ليترك لنا سؤالاً بلا اجابة فى النهاية هو هل تستطيع أى أزمة خارجية أو عامة ان تطيح بأمان وسكينة الأسرة؟
هل دخل الربيع يضحك حقا
أربع قصص يقدمها لنا فيلم (دخل الربيع يضحك) لمخرجته وكاتبته نهى عادل، تبدأ الاولى بزيارة شاب وجده لعائلة صديقة، وغضب الأبنة المطلقة من طلب الشاب يد جدتها لجده، وإحساسها بالإهانة فتطردهما، أما الثانية فتدور حول قعدة صديقات فى احد المناسبات وحيث تنفرد واحدة منهن بقيادة الحوار وتتفاخر بأهميتها وزوجها رجل الأعمال، لكن الموقف ينقلب حين تسمع حكاية إحداهن عن الزوج الذى تزوج على زوجته فتغضب لاعتقادها انهاالمقصودة بهذا، وتتساقط الاعترافات والإدانات بصوت عال، ومن الكل تجاه بعضهن البعض ليتحول اللقاء الى عراك، وهو أسلوب يحدث أيضا فى القصتين الباقيتين من الفيلم الذى يستفزك فى البداية كمشاهد بالأصوات العالية لبطلاته فتعتقد انه امر غير مقصود، لكن، مع الانتقال من قصة لآخري، يبدو واضحا تركيز الفيلم على صورة المرأة فى لقاءاتها مع غيرها من النساء، وفى حواراتها معهن، وهو ما يخلق لدى المشاهد شغفا بالفرجة فى البداية قبل ان يكتشف اهتمام المخرجة بتقديم صور من حياة بطلاتها يتشابك فيها الغضب مع الضحكات و الدموع والسبب فصل الربيع القاسى الذى يطلق الأحزان والأشجان لديهن، وهو نفس عدد جوائز فيلم (أبوزعبل 98).
عقبالك يا قلبي
أما الفيلم القصير (عقبالك يا قلبى 20 دقيقة) للمخرجة شيرين مجدى دياب فيقدم قصة عامل توصيل طلبات يفاجيء بأن الزبونة التى سيوصل اليها فستان الزفاف الذى أرسلته مصممته غير موجودة، ويعرف انها اعتذرت عن تسلمه إلا بعد ساعات فيجدها فرصة للقاء خطيبته التى لا يعرف متى سيتزوجها لازمته المالية، ويخرج معها فى فسحة قصيرة (قام بادوارهما على الطيب وولاء الشريف) وتطلب منه ان ترى الفستان، فيرفض فى البداية، لكنه يوافق حين تواجهه بالغضب، وحين تراه تجن فتطلب منه ان تقيسه لترى نفسها فيه، ويتحول اللقاء الى غضب، فتطالبه بالعودة الى المحل الذى تعمل به، ويدرك انه يغضبها بالفعل فيوافق على تجربتها للفستان الذى تبدو فيه كساحرة وفى لحظة قدوم زفة سيارات بجانب مكان وقوفهما ترتبك ويشتبك الفستان بالسيارة، ويقطع من جانبه، وقبل ان ينطلق هو فى عتابها ولومها يفاجئان بزفة كبيرة لعروسين تحيطهما ايضا بالزفة، وينتهى الفيلم تاركا الرؤية للمشاهد، هل تكتمل الفرحة، أم ينفصلان خوفا من العقاب).