صدقت مصر فى مواقفها الواضحة والمحددة والشريفة.. وأيضاً فى تحذيراتها من استمرار العدوان وتوسيع نطاق الصراع.. وقدمت كافة أنواع الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطنييين.. على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والقانونية والإنسانية.. وحالت دون تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.. حفاظاً على قضيتهم ووطنهم وساهمت بـ80٪ من حجم المساعدات الإنسانية لأهالى غزة سواء برياً عبر معبر رفح المفتوح على مصراعيه منذ 8 أكتوبر الماضى أو جواً عبر الإسقاط بالطائرات لعشرات الأطنان من المواد الغذائية والإغاثية.. فى المقابل فإن إسرائيل فى حالة من الارتباك والانقسام.. والولايات المتحدة باتت تعانى من آثار سياسات وفشل نتنياهو.. واقتراب شهر رمضان دون التوصل لوقف إطلاق النار أو هدنة.. يشكل ضغطاً وخوفاً فى الداخل الإسرائيلى.. فى كل الأحوال فإن موقف مصر الشريف والمحورى والواضح والمحدد يسطع مثل الشمس.
لم تنجح إسرائيل فى تحقيق أى هدف.. الفشل يطاردها على مدار خمسة أشهر من عدوانها الوحشى.. وحرب الإبادة والتجويع التى تمارسها على قطاع غزة ولم تأت بشىء سوى إظهار ضعف وترهل دولة الاحتلال.. وانقسامات حادة.. وعزلة دولية باتت قريبة بعد أن عرف العالم أكاذيب ودعاية تل أبيب التى تروج لنفسها الديمقراطية والإنسانية.. واستيقظ العالم على وحش كاسر.. جل بطولاته قتل الأطفال والنساء.. والمدنيين وممارسة الحصار والتجويع على شعب أعزل.. فرغم القصف البربرى والمتواصل على مدار ما يقرب من خمسة أشهر.. لم تحصد إسرائيل وجيش الاحتلال سوى الفشل الذريع.. فكل الأهداف التى وضعها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة.. ومجلس حربه الفاشل ذهبت أدراج الرياح.. فلم يقض على المقاومة الفلسطينية.. التى مازالت توجه الضربات القاتلة والموجعة لجيش الاحتلال وتسقط آلياته وتجهز على ضباطه وجنوده.. ولم يفلح فى إطلاق سراح أسراه لدى المقاومة.. ولم ينجح إلا فى قتل البعض منهم عن عمد رغم رفع عدد منهم رايات بيضاء.. إلا أن آلة القتل الإسرائيلية حصدت أرواحهم ولم يتمكن أيضاً من السيطرة الكاملة على الأراضى الفلسطينية.
نتنياهو يعاند ويصر على استمرار الحرب الوحشية.. والقصف المتواصل.. بل ويهدد باجتياح رفح الفلسطينية برياً لأنه لا يبحث سوى عن البقاء السياسى له فى صدارة قيادة المشهد سيزيد الارتباك والتلعثم والانقسام داخل مطبخ الحكم الإسرائيلى والذى تجلت بوادره فى سحب صلاحيات ايتمار بن غفير وزير الأمن الإسرائيلى شديد التطرف والغباء والكراهية.. أو سفر بينى جانتس الوزير فى حكومة أو مجلس الحرب الإسرائيلى إلى الولايات المتحدة دون أدنى تنسيق مع رئيس الوزراء نتنياهو والذى وجه السفارة الإسرائيلية فى أمريكا لعدم التنسيق أو التعاون معه فى زيارته وهو ما يكشف حالة الانشقاق والانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية.. وأيضاً عزوف الجانب الأمريكى عن التعامل مع نتنياهو بسبب فشله الذريع.. وتطرفه وتماديه فى قتل المدنيين ليس لإنسانية واشنطن بقدر خطورة ممارسات نتنياهو على مستقبل الرئيس الأمريكى جو بايدن فى المشهد الخاص بانتخابات الرئاسة وتراجع فرصه وشعبيته وانقلاب الرأى العام الأمريكى على بايدن وسياساته المؤيدة بشكل مطلق لإجرام إسرائيل ودعمها اللامحدود.. وتجلى ذلك فى إقدام الطيار الأمريكى آرون بوشنيل على إشعال النار فى نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بالولايات المتحدة رفضاً لحرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.. وأيضاً رفضاً لدعم أمريكا لدولة الاحتلال.. فى قتلها للأطفال والنساء والمدنيين.. وتجويع الفلسطينيين.
غاية نتنياهو هى البقاء السياسى.. لذلك يصر على إطالة زمن الحرب الهمجية ضد الفلسطينيين.. ولديه استعداد قوى للمضى فى طريق القتل.. والدماء من أجل الحفاظ على مستقبله السياسى أو البحث عن خروج آمن ينقذ رقبته من مصير التحقيقات والمحاكمات سواء بسبب الفشل الذريع فى الحرب الحالية وعدم تحقيق أى هدف.. وتوريط جيش الاحتلال.. فى حالة انكشاف كاملة تعكس الضعف والارتباك.. وغياب التدريب والتخطيط وإرادة النصر.. فالمقارنة بين المقاومة الفلسطينية محدودة التسليح وهى الأقرب للبدائية.. وبين جيش الاحتلال المدجج بترسانة متطورة من الأسلحة والمقاتلات والأقمار الصناعية.. والدعم الأمريكى والغربى.. تكشف بوضوح فداحة الهزيمة.. والفشل الذريع.
نتنياهو وحكومته المتطرفة أنهت مستقبلهم السياسى فى إسرائيل تماماً.. وهناك احصائيات واستطلاعات تشير إلى أن 53٪ من الإسرائيليين يرون أن رغبة نتنياهو المريضة فى البقاء السياسى هى وراء اطالته للحرب والعدوان على غزة.. حتى المتطرف أفيجدور ليبرمان باع نتنياهو طمعاً فى أى مكاسب سياسية قادمة بعد إعلان الموت السياسى للحكومة الحالية.. قال ان حكومة نتنياهو انتهت وعلينا التوجه إلى انتخابات مبكرة.. أيضاً الاستطلاعات الإسرائيلية تشير إلى تفوق بينى جانتس واحتمالية حصوله على 39 مقعداً فى أى انتخابات قادمة يأتى بعده يائير لابيد المعارض الإسرائيلى ثم وزير الدفاع الحالى يوآف جالانت.. اذن نتنياهو خارج أى معادلة سياسية عندما تتوقف الحرب البربرية على قطاع غزة.. لذلك يدرك فى ظل افتقاده لأى نوع من الثقة لدى الإسرائيليين والاتهامات والفساد الذى يطارده.. وعدم مشاركته فى الحرب إلى جانب الشباب الإسرائيلى وإقامته فى أمريكا وتخصيص نفقات هائلة من أجل هذا الهدف بالإضافة إلى الحراسات التى تقوم بحمايته.. ومع الانفاق المتواصل والفشل الذريع.. ورفض نتنياهو للدخول فى مفاوضات أو صفقات من أجل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية عمق السخط داخل المجتمع الإسرائيلى على رئيس الوزرا ء المتطرف ولعل المظاهرات الشعبية وأهالى وأسر الأسرى أمام إقامته تعكس هذه الحالة جيدا.. اذن لم يبق أى مبرر لنتنياهو لاستمرار وإطالة الحرب سوى مصالحه الشخصية وبقائه السياسى وخوفه من المصير المجهول عندما تتوقف آلة القتل والحصار والتجويع.. ما يكشف المأزق الإسرائيلى أيضاً استقالة ضباط كبار من وحدة «المعلومات» الناطق باسم الجيش الإسرائيلى وإعلان تقاعدهم.. لذلك إسرائيل تواجه مخاطر كثيرة.. الفشل الذريع والانقسام الحاد وشبح العزلة الدولية.. وانكشاف حقيقة وقدرة دولة الاحتلال.. بالإضافة إلى الخسائر الفادحة سواء الاقتصادية أو العسكرية فى الآليات والمعدات وأرواح الضباط والجنود من جيش الاحتلال.. بالإضافة إلى فتح جبهات كثيرة فى لبنان وسوريا واليمن والعراق وهى تبعات واستنزاف خطير للقدرات الإسرائيلية.
على الجانب الأمريكى أقول لن ينتهى أو يتوقف دعم واشنطن لإسرائيل مهما حدث.. لكن الاختلاف على الأشخاص الآن.. والخوف من التداعيات والآثار السلبية للعدوان الصهيونى على قطاع غزة على المستقبل السياسى للرئيس الأمريكى جو بايدن والديمقراطيين عموماً.. فى ظل تقدم دونالد ترامب واستعداده لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية نهاية العام الجارى بالإضافة إلى حالة الانقسام والانقلاب فى الرأى العام الأمريكى بسبب دعم أمريكا للمدابح والمجازر الإسرائيلية فى قطاع غزة ورغبة واشنطن فى عدم توسع نطاق الصراع فى الشرق الأوسط وخسارة الكثير من حلفائها.. وأيضاً تأثير المصداقية الأمريكية فى ظل مواقفها المتناقضة ورفضها لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان على غزة رغم بشاعة الكارثة الإنسانية وازدواجية المعايير وإفشال مجلس الأمن فى اتخاذ قرار وقف إطلاق النار والتهدئة رغم الظروف الإنسانية الكارثية.. وفشل متعمد لكافة المؤسسات والمنظمات الأممية تجاه الموقف فى قطاع غزة.. لذلك ستعانى واشنطن من تراجع مصداقيتها ووهن شعاراتها عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.. لذلك أيضاً فإن واشنطن وخاصة الديمقراطيين فى مأزق حقيقى له تداعياته وحساباته.. ولعل استدعاء بينى جانتس لأمريكا واجتماعه بنائبة الرئيس كامالا هاريس هو محاولة لتدارك الأمر وتخفيف الآثار والبحث عن مخرج والحيلولة دون اتساع نطاق الصراع.. خاصة قبل حلول شهر رمضان المبارك.. لكن لا يجب ان ننسى هناك تحولات نسبية فى مواقف الغرب تجاه العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وبات الإيمان بحل الدولتين واقعاً على الأرض.. ولسان حال الدول وذلك يعود بالدرجة الأولى إلى دور مصر وإصرارها وحكمتها فى التعامل مع الأزمة.
قولاً واحداً نتنياهو قريباً سيكون نسياً منسياً ومن الماضى بعد هذه الاخفاقات والاتهامات وحالة الشقاق مع الإدارة الأمريكية وانعدام ثقة الإسرائيليين فى أداء الحكومة المتطرفة.
فى المقابل نرى بوضوح مثل الشمس الساطعة دور ومواقف مصر الشريفة والواضحة والمحددة التى لم تحد عنها يوماً ولم تتبدل بل كانت ومازالت هناك إرادة سياسية وإصرار وحسم على عدم السماح بتصفية القضية الفلسطينية أو التهجير القسرى للفلسطينيين فى قطاع غزة.. أو التوطين على حساب الأراضى المصرية ويمس الأمن القومى المصرى الذى لا تهاون أو تفريط فى حمايته.. وحذرت مصر منذ البداية من مغبة استمرار العدوان وخطورته على توسيع نطاق ودائرة الصراع.. وبذلت جهوداً متواصلة ومازالت من أجل ادخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لتخفيف معاناة الأشقاء فى قطاع غزة.. أحاديث مصر ومواقفها لم ولن تتغير تصدت لمحاولات تصفية القضية ومخطط التهجير.. ووقفت بشموخ أمام محاولات الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية.. ورفضت عبور الأجانب من مزدوجى الجنسية إلا بعد دخول المساعدات للأشقاء وفتحت معبر رفح منذ 8 أكتوبر الماضى دون اغلاق ولو لحظة وأن تعطيل دخول المساعدات بسبب البربرية الإسرائيلية وقصفها للمعبر من الاتجاه الفلسطينى 4 مرات وقامت مصر بإصلاحه وتأهيله ورفع كفاءته.. ومصر التى تستضيف مفاوضات بمشاركة أمريكية وقطرية وفلسطينية أى الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى تهدئة وهدنة قبل حلول شهر رمضان فى ظل المعاناة والكارثة الإنسانية التى يعيشها الأشقاء فى قطاع غزة من قصف وقتل وإبادة وحصار وتجويع.. هى التى قدمت 80٪ من اجمالى المساعدات التى دخلت القطاع والذى بلغ 142 ألف طن مساعدات ساهمت فيها بـ102 ألف طن.. إضافة إلى الإسقاط الجوى لعشرات الأطنان من المواد الغذائية والإغاثية فى عمليات نفذتها مصر مع الإمارات والأردن وقطر وفرنسا لانقاذ الفلسطينيين من الحصار والتجويع الذى فرضته عليهم دولة الاحتلال بلا رحمة أو إنسانية.
لا يمكن لأحد المساس بموقف مصر ودورها التاريخى الداعم للقضية الفلسطينية وما اتخذته من مواقف ومساندة للأشقاء فى محنتهم الحالية.. فالقاهرة تحولت إلى قبلة ومركز للاتصالات الهاتفية والزيارات من الرؤساء وكبار المسئولين الدوليين للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى للاستماع والانصات إلى رؤيته وحكمته والبحث عن حلول واقعية.. وبذلت «مصر– السيسى» جهوداً ومازالت على كافة الأصعدة والمستويات سواء السياسية والدبلوماسية والقانونية والإنسانية تجعلها بلا منافس فى دعم القضية الفلسطينية وحقوق الأشقاء المشروعة وحتى نجحت فى ترسيخ مفهوم حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية خياراً يجمع عليه العالم.. وهو نجاح كبير للدبلوماسية الرئاسية التى تعاملت مع القضية بشفافية وشرف وبمبادئ أمام العالم.. ولعل شهادات الأشقاء وفصائل المقاومة الفلسطينية وشكرهم العميق لمصر وقيادتها السياسية أبلغ رد على المزايدات ومحاولات تشويه الدور المصرى الساطع مثل الشمس.. على كافة المستويات فمعبر رفح المفتوح على مصراعيه منذ 8 أكتوبر الماضى يشهد على شرف الموقف المصرى وكبار المسئولين فى العالم ووزراء خارجية وسفراء الدول ووسائل الإعلام العالمية والأمين العام للأمم المتحدة هم شهود عيان على أرض الحقيقة بل وكم التحية والشكر والثناء على روعة وعظمة الموقف المصرى وجهود القاهرة فى ادخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة تضرب وبقوة وتصفع بشدة أبواق قوى الشر.
لم تكن المساعدات الإنسانية والإغاثية التى ساهمت فيها مصر بنصيب الأسد بما يزيد على 80٪ من اجمالها.. لكن أيضاً أقامت المخيمات للنازحين والفارين من همجية جيش الاحتلال.. حيث أقامت مصر مخيمات فى رفح الفلسطينية وخان يونس لإيواء الأشقاء وتوفير سبل الاعاشة لهم.. لتخفيف معاناتهم.
مصر التى لم تتوقف عن التواصل مع العالم والشركاء الدوليين واتخذت مواقف حاسمة وشامخة واستضافت قمة القاهرة وشاركت فى قمم عربية وثنائية وثلاثية من أجل انقاذ الأشقاء الفلسطينيين والحفاظ على قضيتهم وحقوقهم المشروعة.
ما قدمته «مصر– السيسى» على مدار ما يقرب من خمسة أشهر فى العدوان الأخير من دولة الاحتلال على قطاع غزة يدعو للفخر والاعتزاز بالدور المصرى.. الذى جسد شموخ وشرف الدولة المصرية.. وتصديها لمخطط تصفية القضية الفلسطينية والتهجير القسرى ولم تبال بكافة أنواع الضغوط والحصار والابتزاز.. لذلك كل مواطن مصرى يفخر بموقف وعطاء مصر وقيادتها للأشقاء الفلسطينيين.