تلقيت دعوة من حلف شمال الاطلنطى لحضور اجتماعات وزراء خارجية دول الحلف الاثنتين والثلاثين لأول مرة مع الأمين العام الجديد مارك روته الذى ترك منصبه كرئيس لوزراء هولندا قبل عام ونصف العام تقريبا بعد مضى ثلاثة عشر عاما أمضاها رئيسا للحكومة الهولندية وهى الفترة الاطول فى تاريخ هولندا، الرجل له بصمات وسمات خاصة فى طريقة ادارته السياسية، فهو ليبرالى حقيقى يدعم ويطالب بدعم أوكرانيا بقوة ويهاجم روسيا وحليفاتها خاصة المجر، وكانت سجالاته مع فيكتور أوربان نموذجاً للتباين الفكرى والسياسى الذى يمكن التعايش معه بسهولة لكن بذكاء شديد.
>>>
العناوين العريضة أمام اجتماع وزراء الخارجية شديدة الحساسية والأهمية نظرًا لأسباب عديدة أهمها وصول ترامب إلى البيت الأبيض والذى كانت تربطه بمارك روته علاقات طيبة رغم ما نراه من مياه جديدة أُلقيت فى النهر الذى يقف كلاهما على شاطئيه ويتحكمون فى مساراته أيضاً، لذلك نجد ما تسفر عنه اجتماعات الحلف خلال هذه الساعات سيحدد بجلاء ما يمكن ان يحدث غدًا، لكن الملاحظ ان ما يدور فى مناطق الصراع الدولية أثر على الجميع بنسب متفاوتة، فهل ينجح الأمين العام الجديد لحلف شمال الاطلنطى فى تدوير الزوايا وإطلاق مبادرات جديدة تساعد فى استقرار وتمكين الدولة الوطنية فى احتواء الأزمات والتحديات وتحولها إلى فرص.
>>>
بيد أن أوكرانيا هى الشغل الشاغل لحلف الناتو، واستدامة دعمها بالمال والسلاح هو المطلب الهستيرى من الجميع، ودعم كييف متوقف مداه وسرعته على العديد من العناصر المتداخلة، فأمريكا وعلى لسان رئيسها المنتخب ضد استمرار الحرب وهناك وعد بإنهائها فورًا وكذلك وقف المساعدات المالية التى وصفها ترامب فيما مضى بأنها غير مقبولة ولا يجب ان تكون مساعدات إلى ما لا نهاية وعلى حساب دافع الضرائب الأمريكي، التحدى الآخر هو أمن شرق أوروبا، وهم أعضاء الناتو المجاورين لروسيا مثل بولندا ودول البلطيق الثلاثة، وغيرها.
>>>
الجديد هذه المرة هو الحدث كما اسماه المسئولون فى الناتو «منطقتنا الجنوبية» وهى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «مينا» والتى باتت مصدر قلق شديدا لا يمكن إغفاله، فالحرب الدائرة فى غزة وجنوب لبنان واليمن والصومال السودان والآن فى سوريا التى تشهد مقدمات حرب أهلية طائفية تنذر بتفكك الدولة السورية، هذا الوضع البائس وفى حالة عدم السيطرة عليه ستشهد أوروبا موجات جديدة و شديدة من الهجرات غير الشرعية إلى كل أوروبا من ثغورها وكنتيجة مباشرة لاستمرار بؤر الصراع واتساع رقعته.
>>>
لكل ما سبق سمعت لأول مرة «عبارة منطقتنا الجنوبية» هنا تحوُّل نوعى حقيقى فى نظرة الحلف إلى منطقة الشرق الأوسط، لم يكن الحديث عن المنطقة الجنوبية، بل كان وبشكل محدد «منطقتنا الجنوبية» وهذا يعنى ان القادم سيكون مختلفاً تمامًا فى تعامل حلف شمال الأطلنطى مع قضايا الشرق الأوسط ونكمل غدًا.