يستخدم الصيادون الطعوم لاصطياد فرائسهم بكل أنواعها، من الأسماك فى البحار، أو الطرائد البرية، أو الطيور فى الجو، ومنهم من يقيم لها الشراك الخداعية أو الأفخاخ لتقع فيها ولا تستطيع الإفلات منها بأى شكل.
لم نسمع عن ذلك فى عالم البشر، ولم يذكر التاريخ شيئا من ذلك ولم نعرف أناسا ينصبون الأفخاخ ليصطادوا غيرهم، فيما وقع من صراعات واقتتال وحروب على مر الزمان، إلا أنها فى كل زمان ومكان لها ما يحكمها من تقاليد ومباديء وقوانين، وفى الجاهلية لم يكن الفارس يطعن منافسه أو مبارزه ولا من يقاتله أبدا من الظهر مهما كان، وهذا ما يسمى «أخلاق الفرسان».
لكن لأننا نعيش فى زمن انعدمت فيه الأخلاق، وضاعت المباديء، وسقطت الإنسانية، وجدنا من يرتكب كل الموبقات والمجازر الوحشية، يبيد البشر أمام أعين الناس والكاميرات، ثم يبررها بسخافة وجبن، وجدنا من يضع الطعوم ليجتمع حولها الناس بحثا عن لقمة خبز «حاف» وعندما يتجمعون تتم إبادتهم وحصد أرواحهم، ينصبون لهم الفخ تلو الآخر.
هذا ما تفعله أمريكا وربيبتها غير الشرعية إسرائيل، يسمحون لأهل غزة أن يحصلوا على المساعدات التى يتم إرسالها إليهم فى مشاهد غير آدمية، وعندما يتجمعوا تنهال عليهم قذائف المدافع والطائرات والرصاص من كل حدب وصوب، وإذا كان المثل يقول «أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أعمالك استعجب»، فإننا نتعجب من كلام وأعمال الأمريكان، الذين أحبطوا ولثالث مرة مساعى مجلس الأمن الدولى فى إقرار بيان يحمّل إسرائيل مسئولية المجزرة التى ارتكبتها قواتها فى شارع الرشيد، بعد أن صوتت ضد البيان الذى طرحته الجزائر، فى تناقض شديد بين القول والفعل.
ففى الوقت الذى يؤيد فيه الأمريكان العمليات العسكرية الإسرايلية ضد المدنيين الفلسطينيين، ينكرون أنها «إبادة جماعية»، ثم يعلن بايدن أن الولايات المتحدة ستبدأ توصيل إمدادات الإغاثة جوا إلى غزة، لأن تدفق المساعدات ليس كافيا وسنبذل قصارى جهدنا لإيصال المزيد منها»، وفيما تقترب الحرب من دخول شهرها السادس، يتواصل القصف على غزة وسط مجاعة هى الأخرى واحدة من أسباب الوفيات بين الفلسطينيين.
المشهد أصبح مخزيا، والعالم لم يعد يقتنع بما تروج له الصهيونية من أكاذيب، تؤيدها إدارة بايدن وهى مغمضة العينين، وجدنا من يسخر من نفاق الحكومة الأمريكية، يذكر إعلامى أمريكى شهير أن «الجيش الأمريكى متورط بالإبادة الجماعية فى غزة».. ويذكر صديق مقرب من الطيار الأمريكى آرون بوشنل الذى أشعل النار فى نفسه يكشف معلومات سرية للغاية كانت السبب فى انتحار صديقه، الذى ذكر له أن جنودا أمريكيين يحاربون فى غزة.
واستمرارا لموقفها المشرف، انتقدت البرازيل بشدة إسرائيل ونتنياهو بسبب مقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة المئات أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الغذائية، وقال الرئيس الكولومبى جوستافو بيترو إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى يدعمون قصف المدنيين فى غزة، ويجب وقف الإبادة الجماعية، وإن ألمانيا تدعم الإبادة الجماعية، وفرنسا والاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة والولايات المتحدة جميعهم يدعمون إسقاط القنابل على المدنيين.
وبعد أن انضمت نيكاراجوا إلى جنوب أفريقيا فى دعواها التى رفعتها على إسرائيل بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية، أعلنت محكمة العدل الدولية أن نيكاراجوا أقامت دعوى قضائية ضد ألمانيا بتهمة «تسهيل الإبادة الجماعية» وتقديم مساعدات مالية وعسكرية لإسرائيل ووقف تمويل «الأونروا»، ومن خلال هذه الإجراءات تسهل ألمانيا ارتكاب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
لم يعد سرا أن الحرب على غزة ليست إسرائيلية فقط، بل وبكل تأكيد أمريكية أوروبية أيضا، بالسلاح أو التأييد، او حتى السكوت عن المجازر، وليس لها من دون الله كاشفة.