أجد من واجبي.. تجاه الأصدقاء تسجيل تجربتى مع التدخين.. وكيف تمكنت بفضل الله من الاقلاع عن هذه الآفة.. ونجوت من مخالبها والأخطار القاسية التى تصيب بها من يدخن السيجارة ذلك الجسم الصغير اللعين.. وأنا كنت ومازلت أعانى من تداعيات سنين التدخين مشاكل فى جهاز التنفس.. سعال وبلغم وبقايا تطردها المعدة كل صباح بعد ان عادت الرئة إلى لونها الارجوانى الجميل.. ونفضت عنها طبقات من الأسفلت الأسود جثم على الصدر طوال سنين.
كعادة الكثيرين يبدأ التدخين معهم مع اطلالة الشباب وقد يتأجل لبداية مشوار العمل والانتاج.. بعض الرجال يعتبرونها علامة رجولة والسيدات اضافة للرقة والدلال.. تناولتها من يد صديقة أو زميلة تجاهلت مرحلة الانذار الطبيعى من داخل الإنسان.. لكنى لم اشتر السجاير «علبة أو فرط» حتى بعد رحلة دراسية لبرلين.. ولم أشعر بحاجتى للتدخين بسبب القهوة الأوروبية التى يكتمل مذاقها بدون التدخين.. بعكس القهوة التركية التى يستيقظ عليها وسجايرها المدخنون كل صباح.
تزوجت ومعها اشتريت أول علبة سجاير محلية لزوم العمل ولقاء المصادر كما أفهمت زوجتى رحمها الله.. اكتشفت أن طالما تحمل علبة تكون يدك قريبة لتخرج منها سيجارة.. تنضم إلى أخرى لم تدخن حتى النهاية ملقاة أمامك فى المطفأة.. ومع رحيلى وزوجتى إلى السعودية الشقيقة لتكون رحلتى الطويلة الثانية بدأت مرحلة السجائر المستوردة.
كان على رأس شارعنا بجدة.. توكيل لاحدى الماركات العالمية الشهيرة ببيع السجائر بالقاروصة ومعها هدايا متنوعة.. أصبحت من الزبائن الأوفياء.. ارشدنى إلى حفظ الكرتونة فى الثلاجة لتحافظ على طزاجتها.. وقد كان ارتفع معدل استهلاكى وتدخينى فى المنزل والعمل والسيارة المكيفة.. وعقب وقت قليل بدأت أعراض التدخين تظهر عليّ.. فشلت محاولاتى الاقلاع.. بدأت التوقف أكثر من مرة.. حتى أصبحت رب أسرة.. ولدين وبنت.. التى كانت أول من احتجت على التدخين.. مع أولى كلماتها المفسرة.. وانضم الجميع إلى المطالبة.. وفى جلسة استرشادية رحب الطبيب وتمنى تحول الرغبة إلى قرار موضحاً أمرين مهمين.. أضرار تدخين سيجارة هى ذاتها مع العلبة ومضاعفاتها.. وأهم فترة فى الاقلاع هى الثلاثة أسابيع الأولي.. بعدها يخف الدوار وتبدأ الرئة التخلص من القار.. والاقلاع عملية ارادة فى جميع الأحوال.
أخيراً قررت تنفيذ القرار.. خميس وجمعة ميدان التجربة.. فى المنزل بعيداً عن العمل الذى يحتاج إلى تفكير.. أمضيت أكثر الوقت نائماً.. والمنزل خالياً لسفر الأبناء فى الإجازة.. تحملت حتى الحادية عشر مساء الجمعة.. ذهبت دون وعى للثلاجة.. احضرت علبة مغلقة.. فتحتها.. سحبت نفسين منها هما الأجمل والأكثر لذة.. لكنى استيقظ ضميرى أين ذهبت ارادة الصمود لديك.. تنبهت اخرجت كرتونات السجائر من الثلاجة وفتحت الباب.. القيتها فى صندوق القمامة.. وكانت السيجارة الأخيرة.. رغم العناد مع الوقت لم أكد أشعر بتأثير التدخين السلبى والحمد لله- نجا أبنائى من فخ التدخين فيما عدا الابن الأوسط.. الذى ادعو الله سبحانه وتعالى كل صلاة.. بأن يتوب عليه ويجعله كارهاً للتدخين.. وينجح فى الاقلاع عن الخطر.. بصحة وأمان.