يشكل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل فرصة سانحة لإعادة النظر في الحرب الإسرائيلية الغاشمة والأزمة الإنسانية والسياسية المستمرة في قطاع غزة.
فبينما يشكل هذا الاتفاق تطورًدا إيجابيا في الساحة اللبنانية، إلا أنه يسلط الضوء بشكل أكبر على الحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة.
إن الحل السياسي الشامل في غزة يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار المؤقت، وتتضمن مجموعة من الإجراءات المتكاملة التي تعالج جذور الصراع، وتضمن حقوق الشعب الفلسطيني، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
ومن أهم هذه الإجراءات رفع الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ سنوات طويلة أحد أهم أسباب الأزمة الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها القطاع. ولذا، فإن أي حل سياسي شامل يجب أن يتضمن رفع الحصار بشكل كامل، والسماح بحرية حركة الأفراد والبضائع، وإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي المتكرر.
وكذلك تمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من ممارسة صلاحياتها الكاملة في قطاع غزة، وإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية.
وهذا يتطلب إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية.
وكذلك إطلاق سراح الأسرى الذين يقبعون في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك الأسرى القدماء والأطفال والنساء. كما يجب ضمان عدم اعتقالهم مرة أخرى.
وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك حق العودة إلى ديارهم التي شردوا منها عام 1948.
ولابد من إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع ضمان الأمن لكافة دول المنطقة. ويتحمل المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في دفع عملية السلام قدما، وذلك من خلال الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان، واحترام القانون الدولي، وتقديم الدعم المالي والفني للشعب الفلسطيني.
كما يجب على الدول العربية أن تلعب دورا أكثر فعالية في دعم القضية الفلسطينية، وتقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية للشعب الفلسطيني، والضغط على إسرائيل لقبول الحل السياسي.ويجب على الفصائل الفلسطينية التوحد خلف برنامج وطني موحد، والعمل معا لتحقيق المصالحة الوطنية، وتعزيز الوحدة الوطنية.ويشهد الشرق الأوسط تحولات متسارعة على المستويين الدولي والإقليمي، مما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.
فمن جهة، تبرز تحديات جديدة تعيق تحقيق السلام المستدام، مثل تزايد التطرف والإرهاب، وتدخل قوى إقليمية ودولية في الصراع، وتغير موازين القوى في المنطقة. ومن جهة أخرى، تظهر فرص جديدة قد تساهم في دفع عملية السلام قدما، مثل التغيرات في الإدارات الأمريكية، وتزايد الوعي الدولي بأهمية حل الصراع، وظهور جيل جديد من القادة الفلسطينيين والإسرائيليين.
إن أي تحليل لمستقبل عملية السلام يجب أن يأخذ في الاعتبار التطورات الأخيرة على الساحة الدولية والإقليمية، مثل صعود القوى الناشئة، وتغير التحالفات، وتزايد التنافس على النفوذ في المنطقة.
كما يجب أن يأخذ في الاعتبار التغيرات الداخلية في كل من فلسطين وإسرائيل، مثل التشرذم السياسي الفلسطيني، وتصاعد التيارات المتطرفة في إسرائيل.
كما أن تحقيق السلام الدائم والشامل في الشرق الأوسط يتطلب رؤية مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ورغبة حقيقية في التوصل إلى حل عادل ودائم للصراع.
كما يتطلب ذلك تضافر جهود المجتمع الدولي، ودعما قويا من القوى الإقليمية والدولية. ويجب على الأطراف المختلفة أن تبني مستقبلا مشتركا يقوم على الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.إن تحقيق السلام ليس بالأمر السهل، ويتطلب جهودا مضنية من جميع الأطراف.
ومع ذلك، فإن البديل عن السلام هو استمرار الصراع والمعاناة، مما يهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها. لذا، فإن الاستثمار في السلام هو استثمار في المستقبل، وهو الخيار الوحيد لتحقيق الرخاء والازدهار للمنطقة.وفى النهاية فإن مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط يظل مبهما وغير مؤكد، ولكن هناك أمل في تحقيق السلام.