مخطئ من يثق فى العدو الإسرائيلى ولو للحظة واحدة فهذا الكيان منذ أن تم زرعه فى قلب الوطن العربى لا يعرف إلا القتل والدم وديدنه نقض المواثيق والعهود، وحدث ذلك عشرات المرات وسيفعلها فى لبنان الذى سيدخل معه فى اتفاق وقف إطلاق نار، وسيحاول بشتى الطرق أن يستمر فى القتل تحت دعوى مواجهة تحركات حزب الله أو ادعاء تنفيذ الحزب لعمليات عسكرية ضد قواته التى ستظل فى الجنوب لمدة ستين يوما، ما سيمنحها الفرصة والمبرر لتواجد طويل الأمد يضمن له عدم تعرض مستوطناته فى شمال فلسطين المحتل إلى التهديد والقصف مرة أخرى من جانب حزب الله اللبناني.
يعتقد النتنياهو وفريقه المتطرف أنه بذلك حقق انتصارا، وأبعد الحزب وقلص قدراته العسكرية، ولكن فى القلوب غصة فهى ملأى بالأحزان والشجن على عشرات الآلاف الذين سقطوا قتلى تحت نيران القصف الوحشى الذى طال مناطق واسعة فى لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية وهو ما سيدفع المقاومة بأن تجدد دماءها من جديد تحت أى مسمي، وتعود ولو بعد سنين حتى لو انتهى حزب الله للأبد أو غابت حركة المقاومة حماس بمسميات وأشكال أخرى ستحمل الراية لتنال شرف مواجهة العدو وتحرير الأرض المحتلة.
ما حدث على مدار عام كامل فى غزة ومنذ شهرين فى جنوب لبنان أثبت أن المقاومة وضعت أطر وقواعد اشتباك جديدة مع العدو الإسرائيلى تعتمد على استراتيجية توازن الخوف والرعب بعد أن حاول العدو طيلة السنوات الماضية أن يغرس فى نفوس الشعوب أنه قوى ولا يستطيع أن يقف فى وجه أحد فظهر على حقيقته وأنه أوهن من بيت العنكبوت منذ أن استطاع الجندى المصرى إزالة خط بارليف فى ساعات الذى أوهم نفسه وأوهم العالم أنه منيع وصولا إلى الفلسطينى الذى استلهم التجربة وعبر فى السابع من أكتوبر وقتل وأسر العشرات من الجنود المدججين بالسلاح والتكنولوجيا، وفعلها اللبنانى الذى أمطر سماء الكيان بالصواريخ.
أرى أن الاتفاق مع لبنان لم يحقق للكيان الإسرائيلى أى هدف من أهدافه المعلنة قبل الحرب من إعادة سكان مستوطنات الشمال أو أن ينزع سلاح حزب الله أو القضاء على المقاومة اللبنانية أو صناعة نظام سياسى لبنانى موال للغرب.
وسواء جرى إبرام اتفاق على الجانب الآخر مع حركة حماس لتبادل الأسرى فلن يحقق العدو أهدافه من إعادة احتلال غزة أو طرد المقاومة وسيدفع الثمن وسيخرج كما خرج سابقا، لأن الأسرى الأحياء منهم أو الأموات وهم الورقة الرابحة ما زالوا فى أنفاق غزة.