مازال السؤال الذى يشغلنى ويشغل الكثير ماذا تحمل لنا أيام ترامب القادمة ؟
والسؤال الذى يتبادر للذهن هل سيعود ترامب بصفقة القرن مقترحة للسلام فى الشرق الأوسط الذى لم يُعمل به فى حينه، وهى الصفقة التى رفضها الفلسطينيون اجمالا وتفصيلا لتناقضها مع الحقوق الفلسطينية المستندة إلى القانون الدولى والقرارات الأممية خاصة فى مسائل الحدود واللاجئين والقدس، لكن ترامب اعتبر وقتها أن الخطة «ربما تكون فرصة أخيرة» للفلسطينيين، أما رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فقال: «صفقة القرن هى فرصة قرن، ولن نفوتها!!…يعنى هو يجدها فرصة له لا يجب تفويتها ومكسباً لا يمكن ان يحصل على مثله من غير ترامب !!
ورفضت الدول العربية وخاصة المحيطة باسرائيل خطة ترامب التى تمنح الصهاينة أكثر مما يحلمون، بالاضافة لتحمل هذه الدول الثمن الأكبر من الصفقة التى تتلخص فى استقبال الفلسطنيين المطرودين من بلدهم واقتطاع أجزاء من أراضيهم من اجل توسع وتمدد الكيان الصهيونى .
طبعا نتنياهو كان سعيدا بهذه الصفقة التى تقضى على امل اقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الى شبه دولة على أراض مفتتة تتخللها مستوطنات صهيونية ، يعنى دولة فلسطينية بشروط اسرائيلية صارمة، مع ضمّ إسرائيل لمستوطنات الضفّة الغربية وغور الأردن وعدم تطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، بالاضافة الى الاعتراف بإسرائيل كـ»دولة يهودية»
والدولة المقترحة فى خطة ترامب «منزوعة السلاح»، وتتولى إسرائيل مسئولية الأمن ومراقبة المجال الجوى فى المنطقة الواقعة غرب غور الأردن، فى حين ستكون حركة حماس التى تسيطر على قطاع غزة «منزوعة السلاح ( لم تكن حرب غزة قد وقعت وحقق فيه نتنياهو انتصارا يزيد من تشبثه.
فى صفقة القرن القديمة ، الدولة الفلسطينية لن تقام على كامل الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967، ولن تكون متصلة، و القدس «ستبقى عاصمة غير مقسّمة لإسرائيل»، أما العاصمة الفلسطينية فيجب أن تكون فى جزء من القدس الشرقية، فى كفر عقب والجزء الشرقى من شعفاط وأبو ديس، ويمكن تسميتها بالقدس
ولم تنص الخطة على حق اللاجئين الفلسطينيين فى «العودة إلى ديارهم»، واقترحت ثلاثة خيارات وهى العودة إلى الدولة الفلسطينية الجديدة، أو الاندماج فى الدول المضيفة لهم، أو توزيعهم على دول راغبة فى منظمة التعاون الإسلامي.
وفيما يتعلق بالحرم القدسى الشريف فى القدس فسيبقى «الوضع كما هو وستواصل إسرائيل حماية الأماكن المقدسة فى القدس والسؤال هل يعود ترامب بخطة جديدة أكثر قسوة الآن؟
قد تكون الاجابة المباشرة ان الحل السياسى المطروح من قبل قد يتبدل الى الواقع الجغرافى الذى تريد فرضه اسرائيل على المنطقه كلها بعد حرب غزة ولبنان.
وأعتقد ان إسرائيل ستدفع ترامب للتعامل مع أرض الواقع فى صفقة جديدة سيتم الترويج لها خلال الأيام القادمة تكون الجغرافية الجديدة للشرق الاوسط الجديد عمادها مع «الاقتصاد والأموال العربية «، يعنى فلسطين بالكامل الى اسرائيل بالكامل وبلا مقابل الا اقل القليلا، وللدرجة التى سيقول فيها بعض المتشائمين ان العرب أصحاب الفرص الضائعة.
وطبعا يزداد الأمر صعوبة للفلسطينيين الذين لايملكون أوراق ضغط على أرض الواقع بعد حرب الابادة التى ارتكبها الكيان الصهيونى فى غزة وتقليم أظافر حزب الله يعنى واقع حرب تجاوزت وخلفت واقعاً مختلفاً عمّا كان الأمر عليه منذ 4 أعوام،
لا يوجد الا ما يطرحه العرب الآن مقابل التطبيع مع الكيان الصهيونى ، والا ستكون حصلت اسرائيل على فلسطين والجولان وتحييد حزب الله ومحاولة اخراجه من المعادلة ، يعنى تأخذ اسرائيل كل شئ ولا تدفع مقابله شيئا، ويكون التطبيع مقابل التطبيع فقط!!
وصفقة القرن السابقة أو الجديدة لترامب تبتعد عن الحل السياسى الى نظام الصفقة برؤية التجار المرابين .. ورغم ان الصفقة صناعة اسرائيلية صهيونية لكن لها جذور فى شخصية ترامب التى أفصح عنها من قبل فى كتابه « فن الصفقة» الصادر عام 1987ويقدم فيه نصائحه لمن يريد ان يكسب المال ، وهو يتخذ من الصفقة دستور عمل وللدرجة التى جعلته يعتبر كتابه بما يحوي، من القداسة التى تجعله يعلو على الانجيل وكان يصر على القسم به اثناء اداء يمين تولى الحكم ، وبذل مساعدوه جهدا كبيرا فى اقناعه بضرورة القسم على الانجيل.
ويقدم كتاب «فن الصفقة» نظرة ترامب لفن التفاوض، و«التضخيم الصادق و التفكير الكبير ووضع أهداف عالية، فأصحاب المليارات لا يختلفون فى العمل عن الآخرين، ولكنهم يفكرون بشكل أكبر والتطلع إلى مشاريع ضخمة.
تعالوا نطبق نهج ترامب فى كتابه الى الواقع السياسى فى الشرق الاوسط، كل شئ بثمن لتحقيق أهدافه الكبيرة ، ثمن يحدده هو ولا رأى لخصمه ، وهو ما حاول تطبيقه مثلا فى صفقة القرن وحتى نقل سفارة بلاده الى القدس.
ورغم انه يؤمن بالاستفادة من الخيارات لكنه يشدد على أهمية الاستعداد للمواقف غير المتوقعة وإعداد خيارات بديلة، والسؤال ماهى الخطط البديلة التى سيأتى بها الينا رغم أن اختياراته لمعاونيه لا تنبئ بخير لنا فسفير امريكا الجديد لا يؤمن بوجود الفلسطنيين من الاساس ويرى ان كل أرض فلسطين من حق اسرائيل !!