للمقهى مكانة خاصة فى حياة المصريين فى العصر الحديث، بما له من أهمية اجتماعية وثقافية، وبما يعنيه من قيم إنسانية قائمة على التلاقى والحوار، ويحمل المصريون عشقاً خاصاً للمقاهي، فعلى حد تعبير نجيب محفوظ متحدثاً عن نفسه «طوال عمرى أعشق المقاهى وندواتها حتى أن قصصى لا تخلو منها فالحياة هنا.. ومن هنا يبدأ التاريخ»
على المقهى بدأت علاقات أدبية وفنية وسياسية واجتماعية وفكرية وشهدت طاولاته مولد أعمال شاركت فى تطور فنون الإبداع المختلفة، كما انعكست التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على أشكالها.
ورد وصف علماء الحملة الفرنسية المقهى فى كتاب «وصف مصر» بأنه «مكان رحب متسع، مبنى عادة من طابق واحد، يتميز بالهندسة المعمارية الإسلامية فى الزخرفة، تنعكس آثارها على صناعة أبواب ونوافذ وسقوف وأعمدة المقاهي، يجلس الناس فيه على مصاطب مفروشة بالحصر، وكانت تكعيبات العنب ونباتات الزينة تحيط دائماً بالواجهة».
ورغم أن هذه الصورة التى قدمها علماء الحملة الفرنسية لشكل المقهى المصرى فى نهاية القرن التاسع عشر، إلا أنها تعطى لنا صورة واضحة عن اهتمام المصريين بالمقاهى والتى انتشرت فى الآونة الأخيرة بشكل لافت للنظر حتى وصل عدد مقاهى القاهرة ـ فقط ـ وفق إحدى الدراسات فى عام «2001» إلى ما يقرب من «42» ألف مقهى ويبلغ عدد المترددين عليها يومياً المليون ونصف المليون مواطن، حيث تحولت المقاهى إلى مشاريع تجارية تدر أرباحا طائلة على أصحابها.
يعد مقهى «متاتيا» أبرز المقاهى الثقافية فى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، فقد ارتبط برواد النهضة فى العصر الحديث، فعلى كراسيه وطاولته الخشبية جلس جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده وسعد زغلول وقاسم أمين وعبدالله النديم ومحمود سامى البارودى وغيرهم من قادة الفكر وزعماء السياسة، والذين كانوا يتوافدون على المقهى الذى كان يقع أسفل إحدى العمارات الشاهقة الواقعة بين ميدانى الموسكى والعتبة ـ وللأسف الشديد تم منذ سنوات إزالة العمارة بما فيها المقهى وأقيمت مكانها عمارة على الطراز المعمارى الحديث خالية من الروح ومن التاريخ لكن تبقى «متاتيا» فى الذاكرة كمكان شهد تحولات عاصفة فى تاريخ الحركة الفكرية والسياسية.
رغم أن المقهى قد أنشئ فى منتصف القرن التاسع عشر إلا أن شهرته بدأت تتزايد مع قدوم «جمال الدين الأفغاني» إلى مصر سنة «1288» هـ، «1871» ميلادية وهو على حد وصف الإمام عبده له فى كتابه «الثائر الإسلامي.. جمال الدين الأفغاني» «رجل بصير فى الدين، عارف بأحوال الأمم، واسع الاطلاع، جم المعارف، جريء القلب واللسان.
أما عبدلله النديم أديب الثورة العرابية وشاعرها الشعبى فكان حضوره فى المجلس الفكرى لـ»متاتيا» يكسب الجلسة روحاً فكاهية نظراً لما كان يتمتع به النديم من حس ساخر ولغة مفارقة عن وعى جعلته يجلس بجوار عقليات علمية لها طابع التأسيس فى الفكر النهضوى العربى كسليم النقاش ومحمد عبده وقاسم أمين وجمال الدين الأفغانى وكقيادات سياسية كبرى كسعد زغلول ومحمود سامى البارودى اللذين أصبح كل منهم رئيسا للوزراء.
من هذا المقهى وعلى كراسيه الخشبية المتهالكة بدأ التخطيط للثورة العرابية بقيادة الزعيم أحمد عرابى والذى كان أحد رواده الدائمين ومن أكثر من تأثروا بأفكار الأفغانى حول الثورة والحرية والعدالة الاجتماعية، وقد ظهر ذلك جلياً فى مطالبه للخديو توفيق فى سبتمبر «1881» حيث قال له من فوق ظهر جواده «لقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً ولن نستعبدبعد اليوم».
زكريا أحمد وأمير الشعراء
أما علاقة شيخ الملحنين زكريا أحمد بالمقهى فلها قصة طريفة فقد كان الشيخ زكريا فى مطلع شبابه ـ لم يكن تجاوز وقتها الثمانية عشر من عمره ـ بعد أن ترك الأزهر حباً فى الفن، راح يتنقل فى الأفراح والموالد والمقاهى وراء المطربين والمنشدين، وفى المسارح والتياتروهات وراء الممثلين والراقصات، وكان يحضر كل ليلة الروايات الممثلة التى لم تكن تخلو واحدة منها من الأغانى وكان يحفظ أغانيها عن ظهر قلب، وخاصة تلك التى كان يلقيها سلامة حجازي، وبعد ان مات مصطفى كامل امتنع الناس ـ وقتها ـ عن مشاهدة المسارح والذهاب إلى دور اللهو، فلحن قصيدة أحمد شوقى فى رثاء مصطفى كامل مطلعها:
«المشرقان عليك ينتحبان… قاصيهما فى مأتم والداني»
فجذب بذلك الجمهور وقد سجلت هذه القصيدة المغناة شركة «أوديون» وباعت منها آلاف الأسطوانات. وقد حفظها زكريا أحمد فى جلسة واحدة.
لم يكن يمر يوم دون أن يذهب زكريا إلى «متاتيا» خاصة فى فترة ما بعد العصر ثم يعرج إلى بار «بريلكي» أو مسرح إسكندر أفندى فرح حيث كان هذا البار بمثابة خلية فنية فالشيخ سلامة حجازى يلحن بعض أغانيه، ومريم سماط تراجع دوراً لها، وفرح أنطون يكتب فصلاً جديداً لرواية جديدة.
«ريش » بدايات فنية
وقد اشتهرت مقهى ريش منذ افتتاحها عام 1908 بأنها مقهى النخبة، ففى حين كانت المقاهى الأخرى تحوى خليطا بشريا من الطبقات المختلفة بداية من عمال التراحيل مروراً بالموظفين والفتوات والأفندية، فإن ريش تميزت بالهدوء النسبى مما جعل أبناء الطبقة الوسطى وأحيانا الطبقة الراقية يقبلون عليها يلعبون الطاولة والبلياردو ويشاهدون المصارعة ويستمعون إلى الغناء ويشربون الخمور والقهوة والشاى وغيرها من المشروبات التى كانت يقدمها المقهي.
ظلت لعبة «القمار» موجودة فى المقهى حتى عام «1952»، وقد كان سبب منعها أن المطربة اللبنانية الشهيرة صباح كانت متزوجة وقتها من عازف الكمنجة الشهير أنور منسى والذى اشتهر بإدمانه للقمار فكان يأخذ أموالها ليلعب بها، وفى أحد الأيام وهو مندمج فى اللعب إذ بها تدخل عليه مقتحمة المقهى ومعها قوة من البوليس ليقبضوا عليه.. ومن يومها منعت إدارة المقهى هذه اللعبة وألغتها من برامجها وأنشطتها.
كان لمسرح ريش أثر واضح فى الحركة الفنية المصرية والعربية فقد شهد أياماً خالدة، فقد وقفت على خشبته أم كلثوم لأول مرة فى حياتها عام «1915» كأول مسرح تغنى عليه بعد قدومها من بلدتها «طماى الزهايرة» بالمنصورة، وكانت ترتدى وقتها عقالاً بدوياً.
كما جذب هذا المسرح مجموعة من كبار مطربى ومنشدى هذا العصر أمثال الشيخ أبوالعلا محمد وزكى أفندى مراد «والد المطربة ليلى مراد والملحن منير مراد»، وكذلك المطرب ذائع الصيت وقتها صالح عبدالحي.
وقد شارك بعض هؤلاء المطربين بإنشاد أغانيهم مجاناً، إلا أن أم كلثوم كان لها معاملة خاصة فقد ظلت نجمة للمقهى لعدة سنوات، وكان يطلق عليها وقتها تياترو ريش، وكانت تتقاضى فى الليلة الواحدة «15» قرشاً، وهو أجر مرتفع بمنطق ذلك الزمان.
يدلنا على ذلك أن وصلاتها الغنائية كانت محط أنظار الصحافة والنقد، فنجد على سبيل المثال فى صحيفة «المقطم» فى عددها الصادر يوم «30» مايو عام «1923» ـ أى بعد سبع سنوات من قدوم أم كلثوم إلى القاهرة ـ إعلاناً هذا نصه:
«تيارو كافيه ريش ـ تطرب الجمهور يوم الخميس مساء 31 مايو بلبلة مصر صاحب الصوت الرخيم الآنسة أم كلثوم.. هلموا واحجزوا محلاتكم من الآن.. كرسى مخصوص 15 قرشاً ودخول عمومى 10 قروش»
وبعد ذلك انطلقت أم كلثوم لتغنى على مسرح «البوسفور» وغيره من المسارح الشهيرة وقتها.
على خشبة مسرح ريش أيضاً قدمت العديد من المسرحيات الكلاسيكية التى سطع فيها نجوم فى التمثيل والإخراج والتأليف أمثال بديع خيرى وروز اليوسف وحسين رياض ومحمد عبدالقدوس «والد الكاتب إحسان عبدالقدوس» وعزيز عيد الذى جاء بجوقته المسرحية عام «1918»، ليقدم واحدة من تراجيدياته وكانت بطلة العرض روز اليوسف وكان عبدالقدوس يقدم بعض المونولوجات بين فصول الرواية وقد قربا بينهما هذا العرض ـ كثيراً ـ الذى ما انتهى حتى أعلنا زواجهما، وبعد ذلك بما يقرب من أربعين عاماً جمع المقهى بين أحمد فؤاد نجم وصافيناز كاظم، وبعدهما بسنوات قليلة بين أمل دنقل وعبلة الروينى بعد أن جاءت لتجرى حواراً صحفياً مع شاعر «الرفض» والذى كان ملء السمع والبصر نظراً لطبيعة شعره المتمردة، وقصائده التى شكلت وعى جيل بأكمله وكان لها دور فاعل فى إذكاء الحركة الطلابية مثل قصيدة «الكعكة الحجرية» وقصيدة «لا تصالح».
الفيشاوى
أما مقهى الفيشاوى فى عصره الذهبى كان من بين رواده مجموعة مميزة من الأدباء والسياسيين نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: بيرم التونسى وحافظ إبراهيم والشيخ محمد عبدالمطلب والزجال مصطفى حمام والملحن الشيخ زكريا أحمد والثنائى الفكاهى حسين الفار وسلطان الجزار وشاعر البؤس عبدالحميد الديب.
وقد زار المقهى شخصيات سياسية بارزة من ملوك وزعماء ورؤساء دول من بينهم «أوجيني» إمبراطورة فرنسا والتى زارت مصر وشاركت مع الخديو إسماعيل فى افتتاح قناة السويس الذى جاء بشكل أسطوريّ وتكلف ملايين الجنيهات.
بعد انتهاء الحفل طلبت الإمبراطورة زيارة الأماكن الأثرية فى مصر ومنها «القاهرة الإسلامية» وبعد أن استمتعت بالآثار الفاطمية فى حى الجمالية جلست على «الفيشاوي» وتناولت الشاى الأخضر.
يرجع البعض تاريخ المقهى إلى أكثر من مائتى عام فى حين يشير المستشرقون إلى أنه كان هناك مكان «الفيشاوي» مقهى آخر هو «البسفور» القديم فتم تغيير الاسم فقط، والدليل على ذلك وجود لوحات زيتية داخل كتاب «وصف مصر» الذى أعده علماء الحملة الفرنسية على مصر فى نهاية القرن الثامن عشر، ويقال إن نابليون بونابرت قد جلس عليه وشرب مشروب الحلبة وأعجب بها أيما إعجاب. البعض الآخر يرجع تاريخ إنشائه إلى عصر السلطان المملوكى محمد أبو الدهب وكان يطلق عليه وقتها مقهى «البسفور».
حكايات محفوظية
ارتبط «نجيب محفوظ» فى بداية شبابه بمقهى «عرابي» بالعباسية حيث كان قريباً من بيت الأسرة التى انتقلت إليه من حى الجمالية الذى ولد ونشأ فيه وقضى فيه أيام طفولته وصباه.
ترجع تسمية المقهى إلى «كامل عرابي» فتوة الحسينية الذى قضى فى السجن «20» عاماً بعد أن كسّر وحطم وأطاح بعين أحد الأشخاص، وكانت هذه الحادثة سببا فى إلغاء نظام «الفتونة» فى الثلاثينيات من القرن الماضي.
وقد تحدث «محفوظ عن علاقته بهذا المقهى فى الكتاب الذى أعده الناقد رجاء النقاش عن أحاديث مطولة معه عن حياته وذكرياته وحمل عنوان: «نجيب محفوظ.. صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته» فيقول «محفوظ» عن بداية تعارفه بالمكان:
«تعرفت على عرابى بعد خروجه من السجن وكنا ـ أنا وأصدقائى نذهب للجلوس فى مقهاه، وكان أحياناً يتشاجر معنا لأنه كان محبا للهدوء والنظام، ويكره أن يصفق أحد بيديه لاستدعاء الجرسون وكان صوتنا يعلو كثيراً وندخل فى فاصل من المشاغبة البريئة. فلما يضيق بنا يتجه نحونا ويقول فى غضب: هذا مقهى أم مدرسة أيها الأفندية؟ من الغد لا تدخلوا المقهي.. فننتقل إلى مقهى الفقي، وهو مقهى صغير فى آخر العباسية وبعد عدة أيام يمر علينا فى بيوتنا، يصالحنا ويعلن انتهاء فترة الطرد، ونعود إليه من جديد.
يضيف محفوظ: «فى أيام الانتخابات كان مقهى عرابى يتحول إلى معسكر لأنصار الوفد، لأن عرابى كان وفدياً، وكان كبار السياسيين من أهل الحسينية مثل الشواربى باشا وأحمد ماهر باشا يخطبون ود عرابى حتى يساعدهم فى كسب أصوات الناس بما يتمتع به من تأثير جماهيرى رهيب ورغم السنوات العشرين التى قضاها فى السجن إلا أنها لم تؤثر على شخصيته، وكان شكله وتركيبته يوحيان بالزعامة، وفيه هيبة سعد زغلول، وكان فى صوته شموخ لأنه تعود أن يؤمر فيطاع».
مقهى «أوبرا»
فى منتصف الخمسينيات جاء «جورج بهجوري» إلى القاهرة يبحث عن ربة الفن فى حوارى وشوارع العاصمة بعد أن ندهته النداهة من صعيد مصر فجاء محملاً بموروث ثقافى متعدد الملامح، ولم يكن يملك إلا ريشة وورقة بيضاء. زاده اليومى التجول فى الشوارع والتأمل فى وجوه البشر بحثا عن فضاءات لخطوط تشكيلية مغايرة.
ذات ظهيرة قائظة أخذته قدماه إلى مقهى «أوبرا» بميدان العتبة وهناك اختار ركنا قصيا بخجله الريفي، ربما، وربما أيضاً ليرصد تفاصيل المكان دون أن يراه أحد أو يزعجه، فإذا به أثناء اندماجه فى رسم لوحاته تقع عيناه على «نجيب محفوظ» الذى كان يدوام على الذهاب للمقهى صباح كل يوم جمعة ويتحلق من حوله المريدون من الأدباء والمثقفين. فتقرب البهجورى بأوراقه ورسومه، والتى كانت عبارة عن تخطيطات تشكيلية لبعض أبطال روايته من الحرافيش والجبلاوي. وفى إحدى المرات ـ وبعد ان تعمقت العلاقة بينهما ـ اقترب بهجورى من الأستاذ بعد أن انفضت الندوة الإسبوعية وقال له:
أنا مسافر باريس أرسم هناك من أجل العالمية».
: «خليك محلى هنا وكلما زادت المحلية أصبحت عالمياً»….
أجاب محفوظ
مقهى لأصحاب المهن
فى كل مدينة مقاه خاصة للحرفيين عليها يلتقون ويتعاقدون ويتفقون على أعمال جديدة يومية يحصلون من خلالها لقمة العيش البسيطة لهم ولأسرهم.
تتعدد مقاهى المهنيين فى شوارع وميادين القاهرة فهناك مقهى «الحلاقين» فى شارع نجيب الريحانى الذى يقصده الحلاقون وعمال الكوافير من ربوع مصر بحثا عن فرص عمل جديدة، ويكتظ المقهى بالزبائن خاصة يوم الاثنين، وفى منطقة «المدبح» هناك مقهى خاص للجزارين، أما ميدان باب الشعرية فيمتلئ بمقاهى الخبازين، وتمتلئ شوارع حى السيدة عائشة بمقاه لعمال المعمار والبنائين والسباكين وغيرهم، وهناك كذلك مقهى للطباخين بباب اللوق.
بعرة والفنانين
من أشهر هذه المقاهى مقهى «بعرة» والذى يقع فى شارع سليمان الحلبى وهو خاص بالكومبارس الذين يبحثون عن أدوار ثانوية أو الظهور ولو لمشهد واحد على شاشة السينما.
وقد افتتح المقهى عام «1936»، تحت اسم «نادى الكورسال» وكان فى البداية مكان لالتقاء الموظفين إلا أنه وبالتدريج بدأ يجذب إليه أهل الفن ومجانين الشهرة.
أقدم رواد المقهى من الفنانين كان الفنان رشدى أباظة، ويقال إنه هو الذى سمى المقهى باسم «بعرة» وهو الجمل الصغير نظرا لأن صاحب المقهى «الزناتى الصعيدي» كان ذا قامة طويلة وعريضة، فكان رشدى أباظة حين يلتقى أصدقائه ـ وكان من عشاق السهر يقول لهم «تعالوا نجلس على بعرة».
وقد ارتاد المقهى بعد ذلك عدد كبير من الممثلين الذين أصبحوا نجوماً بعد ذلك، حيث كانوا يأتون إليه بحثا عن فرصة للظهور ومن هؤلاء عادل إمام وتوفيق الدقن وأحمد زكى وفريد شوقى ويوسف شعبان.
ومن القصص الطريفة التى يرويها رواد المقهى القدامى والذين تجاوز سنهم الآن السبعين عاماً أن الفنان يوسف شعبان كان دائم الذهاب إلى «بعرة» بعد تخرجه فى معهد الفنون المسرحية عام «1960» وذات مرة وأثناء جلوسه على إحدى الطاولات مستغرقاً فى شرب قهوته، إذ بعمر الشريف يدخل من باب المقهى فيهرع إليه يوسف شعبان ليتعرف عليه، وليخبره بأنه تخرج للتو من معهد الفنون المسرحية وأن أمنيته أن يمارس هوايته التى يحبها بالإضافة إلى كونه دارساً لفنون التمثيل، فيخبره عمر الشريف بأنه أسس شركة للإنتاج السينمائى بالاشتراك مع الفنانة فاتن حمامة، وستبدأ نشاطها بفيلم «لا تطفئ الشمس» من إخراج صلاح أبوسيف، وأن هناك فرصة للعمل فى هذا الفيلم من خلال تمثيل شعبان لإحدى شخصياته. إلا أن صلاح أبو سيف ـ بعد ذلك ـ لم يتحمس لإعطاء الدور ليوسف شعبان، ومن يومها لم يعد يوسف إلى مقهى «بعرة» حيث اعتبر جلوسه عليه ذكرى سيئة، رغم أن الفرصة ـ بعد ذلك قد جاءته بأدوار بطولة فى عشرات من الأفلام والمسلسلات، وأصبح أحد نجوم سينما الستينات.