فى 2014 أدخل أحد مواقع التسوق أونلاين العالمية «البلاك فرايداي» أو الجمعة السوداء إلى مصر وقبلها كان الأمر معروفا على نطاق محدود بين رواد فروع البراندات العالمية فى المولات الكبري..يحفظ المستهلكون وأغلبهم من الشباب موعد الجمعة الأخيرة من نوفمبر تقدم «البراندات» المشهورة تخفيضات غير مسبوقة لمدة يوم واحد أسوة بما يحدث فى أمريكا لأن عندهم هى الجمعة التالية لعيد الشكر وإشارة البدء لموسم شراء هدايا الكريسماس والعام الجديد.
عندما نقلنا التقليد الغربى كما فعلنا قبل فى الفالانتين «يوم الحب» ومؤخرا فى «الهالاوين يوم الهلع» قمنا بتمصيره بدءا من تغيير الاسم أو اللون – إن شئت الدقة- لتكن جمعة بيضاء أو ذهبية أو بلون السلعة أو الشركة وتحول الأمر من يوم واحد معروف تزدحم فيه محال البراندات صاحبة التخفيضات إلى موجات من العروض تستمر طوال نوفمبر و تمتد للمنتجات المحلية وتتنافس جميعا على إغراء الشباب خصوصا أونلاين بتخفيضات ملموسة على الملابس والاكسسوارات ومنتجات التجميل وأيضا السلع المعمرة..
كل ما تتخيله أو لا تتخيله من سلع يتبنى حاليا تخفيضات الجمعة البيضاء «السوداء سابقا» وحتى شباب المشروعات الصغيرة دخلوا الساحة بأسعار منافسة وكثير من الشباب يدخر راتب و مصروف الشهر لشراء احتياجاته «أو ما لا يحتاجه أحيانا» قبل وداع نوفمبر الموفر.
حكاية جمعة التخفيضات مع الشباب بين الأصل الغربى والنسخة المصرية اجتذبت الصديقة بسملة عمر لتسأل الشباب عن مشترياتهم ويعطينا خبراء الاقتصاد روشتة للشراء الرشيد ومعها دعوة لتمصير الفكرة من أساسها لتكون موسما لترويج السلع المحلية.
شباب تحت الإغراء
نبدأ بسؤال الشباب الذين توجه لهم الإعلانات بطوفان من السلع ووعود بتخفيضات كبيرة أو أكثر من سلعة بنفس السعر..عروض أونلاين جذابة ولا ننسى التسهيلات فى السداد! فكيف يرى الشباب جمعة التخفيضات؟
أحمد السيد- طب بيطرى بنها: أدخر لشراء الملابس أو الساعات «البراندات» ولا أنكر أنه تقليد للغرب وتحول إلى موضة لكنه أسلوب ناجح لترويج السلع والمنتجات وتجاربى معقولة، استفدت من الخصومات واشتريت ساعة غالية بـ 8500 جنيه بدلا من 12 ألفا! وألاحظ من متابعة بعض المواقع اونلاين أن الأسعار تزيد فعليا قبل الخصومات فيتوهم المستهلك بأن التخفيض مضاعف بينما يكون أحيانا هو نفس السعر القديم!
آية عربي- زراعة القاهرة: اهتم خصيصا بالملابس ومستحضرات التجميل واليوم تحول إلى أيام أو عروض متنوعة على مدار نوفمبر لذلك أجده فرصة إيجابية للشراء قبل نهاية العام وكذلك للمحلات للتخلص من بضاعتها قبل الموسم الجديد والمهم فى رأيى تحديد المنتجات التى احتاجها والتأكد من الخصومات وتحديد المناسب منها لذلك كانت تجربتى إيجابية فى شراء حذاء رياضى أعجبنى انخفض سعره من 1100 إلى 750 جنيها.
محمد طارق -إعلام: فكرة تسويقية جيدة خصوصا أنها مطبقة بالفعل على مستوى فروع البراندات العالمية فى مصر فلماذا لا تمتد على نطاق أوسع ولباقى المحلات وفى جميع المنتجات؟
ولكى أضمن أن الاستفادة متحققة اخترت بنطلونا «أصليا» أعجبنى قبل التخفيض واشتريته بـ 1300 بدلا من 2700 أى ما يقل عن نصف السعر!
إسراء السيد- تمريض: فرصة مناسبة لاقتناء سلعة ربما تكون بعيد عن متناولنا بدون هذه التخفيضات وأخذنا الفكرة من باب التقليد لكننا عدلنا فيها أيضا..ودائما أحرص على شراء الملابس والأحذية فى هذا التوقيت و تجاربى بين الإيجابى والسلبى فيحدث كثيرا أن أقع فى فخ المغريات فأشترى أكثر مما أحتاج و»تبوظ» الميزانية. وحدث أن اشتريت من موقع تسوق أجنبى شنطة بـ550 بدلا من 800 ولم تعجبنى الجودة…محمد محمد -إعلام القاهرة: كل عام تزيد معرفة الناس بيوم التخفيضات «جمعة بيضاء أو سوداء» وينضم له المزيد من المنتجات لذلك الاختيارات واسعة ولا تنحصر فى الملابس والأحذية.
تجاوب وترويج
أصحاب المشروعات الصغيرة وخصوصا جروبات الفيس بوك انضموا للتجربة وتجاوبوا مع التخفيضات مثلا – مريم محمود- تبيع مستحضرات التجميل المستوردة وتحاول كل فترة حتى بدون «الفرايداي» تقديم عروض لتصريف بضاعة وتوفير سيولة لشراء بضاعة جديدة ولأن البنات تسأل عن عروض الشهر تحاول أن تسعدهن خصوصا لمن تدخر طوال العام وتريد مكافأة نفسها بشراء الماكياج والزبونة تعرف الأسعار وتستطيع الحكم على العروض حقيقية أم لا وهذا يؤسس مصداقية للتعامل مع الجروب
تتفق معها سلوى رءوف التى تبيع أيضا منتجات البشرة مؤكدة أن «البلاك فرايداي» درس فى الدعاية تعلمناه من الغرب ورغم أننا عرفناه حديثا لكن الشباب ينتظرون هذه العروض وأنا أستفيد شخصيا بالشراء فى هذا التوقيت وأقدم عروضاً خاصة فى مناسبات مثل عيد ميلاد المحل أو نوفمبر أو نهاية العام وفى عيد الحب والأم وأحيانا عروض بلا مناسبات «نشغل الدنيا» وأعتقد أن التوقيت مثالى لأنه آخر الشهر الناس قبضت المرتبات وأيضا مع بداية موسم الشتاء «اللى ناقصه حاجة يجيبها».
نصائح مفيدة
ومن الشباب إلى الخبراء ترى د.ياسمين محيى الدين غريب مدرس الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أن المسميات المختلفة لليوم جاءت لمراعاة طبيعة البلاد الإسلامية ولكن المهم هل هذه التخفيضات حقيقية أم لا؟
وتجيب: هذا يتوقف على سمعة المكان وثقة المستهلك به ومتابعته للأسعار قبل وبعد التخفيض لذلك تنصح الشباب بالشراء من أماكن معروفة حتى لا يتعرضوا للغش أو الخداع.
وبالنسبة للأونلاين التأكد من مصدر السلعة أو بائعها للرجوع إليه عند حدوث أى مشكلة واللافت أن مواقع البيع أونلاين بدأت فعلا العروض من أول الشهر ولا تقتصر على منتجات التجميل أو الملابس بل تمتد إلى السلع المعمرة مثل الأجهزة الكهربائية فهى مثلا اشترت «مقلاة هوائية» بـ٦ آلاف جنيه بدلا من 10 آلاف.
مشيرة إلى أن عروض الأونلاين من الأماكن الموثوقة تتفوق أحيانا على مثيلاتها فى المحلات بجانب التسهيلات فى السداد والتقسيط الذى بالطبع يزيد من حمى الشراء.
وتنوه أن الطابع المصرى للمناسبة موجود فعلا سواء فى التسمية أو امتداد العروض طوال الشهر حتى لا ترتبط فى الأذهان بمناسبة بعيدة عن ثقافتنا.
دعوة للتمصير
وتوضح د.غادة رياض عمارة خبير الاقتصاد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن التاجر يلعب على تفضيلات المستهلك المحب للفصال والجدال لذلك جاءته «جمعة التخفيضات» كفرصة جاذبة لأنه سيحقق مبيعات كبيرة تغطى التكلفة وبالتالى النفع الأكبر يتحقق للتاجر قبل المستهلك..وتضيف أن ارتباط المناسبة بالغرب كنوع من التقليد الذى اعتدناه ويخاطب الشباب أكثر من غيرهم لأنه يرتبط بالبراند والشباب يظن أن الحكم عليه من مظهره وملابسه ويلجأ للبراند لينتمى لطبقة اجتماعية أو اقتصادية معينة وقد ينزل للفرجة لكنه يتورط فى الشراء على سبيل التقليد أو استجابة للإغراء الذى تمثله الإعلانات المدروسة لهذه البراندات.
وتواصل أن امتداد المناسبة من محلات أجنبية محددة إلى نطاق محلى واسع يعبر عن رغبة فى تحقيق عائد كبير أسوة بهذه المحلات ويرتبط بحركة البيع والشراء التى تأثرت بارتفاع أسعار المعيشة وكأنه أضاف موسما جديدا أسوة بالمواسم والأعياد المعروفة.
وهو أمر استغرق عدة سنوات حتى تستقر هذه الثقافة الجديدة وساهم نشاط البيع أونلاين فى انتشارها وتدعو لتمصير المناسبة ليس بتغيير الاسم من جمعة سوداء إلى بيضاء ولكن بتمصير الفكرة وترويج المنتجات المحلية بحيث تنافس البراندات العالمية بجودة عالية وأسعار تنافسية وعروض حقيقية فى نوفمبر تجعل المستهلك يختارها دون الأجنبية.. وقتها نكون اخترنا من الثقافة الغربية ما يناسبنا ويحقق عائدا للاقتصاد الوطنى وقللنا من السلبيات ويمكن بعد رسوخ المنتجات المحلية أن نتبنى يوما مصريا للتخفيضات لأن المهم الاستفادة من الفكرة لمصلحة الصناعة الوطنية وليس تغيير اليوم.