الأكاذيب والشائعات وحملات التشويه والتشكيك.. من أهم ما يستهدف الدولة المصرية.. فى ظل ما تحققه من نجاحات وإنجازات تثير جنون قوى الشر.. فلا تستطيع أن تفعل شيئاً أمام دولة قوية وقادرة.. إلا بتسخير أبواق وخلايا أهل الشر فى الداخل والخارج يروجون الأباطيل والمعلومات المزيفة.. لذلك علينا أن نمتلك أهم أسلحة الحرب على الأكاذيب.. وهى القدرة على بناء الوعى الحقيقى.. والفهم الصحيح بشكل سريع الانتشار.. وأكثر وصولاً إلى جميع الفئات وفى كافة ربوع البلاد.
لدى قناعة وإيمان عميق من قراءة أحداث ثلاثة عقود ماضية ومتوالية شهدت الكثير من المتغيرات الحادة والاضطرابات والصراعات، والفوضى وسقوط الدول.. بأن الشعوب إذا فهمت واطلعت على الحقائق والتحديات، وما يحاك للوطن، وما يواجه مسيرته من صعوبات، وعت فاطمأنت هذه الشعوب، واستقرت الدول، وهذا الفهم، والوعي، لا يأتى صدفة، على الإطلاق ولكن وفق عقيدة، وسياسات، وإجراءات، وحرص ونضال وكفاح من أجل بناء الوعى الحقيقى ولذلك لابد من اتباع إجراءات مترابطة آراها طبقت فى الدولة المصرية على مدار 10 سنوات، فأتت ثمارها وحصادها فى أمن وأمان واستقرار واصطفاف وطنى حول القيادة السياسية، وبالتالى نجاحات وإنجازات غير مسبوقة، وقناعتى أيضاً أن سلاح الوعى الحقيقي، والفهم الصحيح، والتشاركية بين القيادة والشعب، فى تحمل مسئولية الحفاظ وبناء الوطن، أهم أسلحة حماية الأوطان وتقدمها و تفويت الفرصة على حملات مغرضة وحثيثة من الأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك فى كل إنجاز ونجاح وقرار ومشروعات، فأخطر ما يهدد الأوطان فى هذه العصور هو إهمال عقول الناس، وترك فراغات تملؤها قوى الشر بالوعى والبيانات والمعلومات المزيفة والمغلوطة، لذلك من المهم أن تعمل الدول بمصداقية ومصارحة وشفافية على صياغة وبناء وعى حقيقى فى عقول شعوبها من خلال التلاحم والارتباط الفكرى المتواصل، والاطلاع على تفاصيل الواقع، وما يحمله من تحديات ونجاح وإحاطة الشعوب بما يدار ضد الدول من استهداف ومخططات ومؤامرات، تسعى لتقويض وتدمير وإضعاف الدول، وتحريض شعوبها على الخراب والفوضي.
يقيناً، فإن الدول بعد ثلاثة عقود أصبحت أكثر انتباهاً لأهمية بناء الوعي، والاطمئنان على عقول شعوبها، وما يصل إليها من معلومات وغزو فكرى وثقافي، فالحروب الجديدة تعتمد فى الأساس على احتلال العقول، وتحريك الشعوب إلى أهدافها الخبيثة وهو ما يستلزم الحفاظ على الوعى والفهم، وتأمين هذه العقول من خلال الآتي:
أولاً: قوة التواصل بين الدولة متمثلة فى مؤسساتها مع المواطن، من خلال إحاطته بالحقائق والمعلومات، والبيانات والأرقام، بأعلى درجات الشفافية والمصارحة والمكاشفة ليس هذا فحسب، بل العمل على إحاطته بما يدور على أرض الواقع سواء عبر الإعلام الذى لا يتوانى عن ذلك وزيارات إلى ميادين وقلاع العمل والإنتاج والمشروعات وبما يتحقق من تطور وقدرة فى مختلف مؤسسات الدولة.
ثانياً: سرعة مجابهة الأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك والتشويه، والأباطيل وهذا ما تفعله الدولة المصرية.. بالفعل عبر منصات حكومية، وأيضاً من خلال وسائل الإعلام المختلفة التقليدية والجديدة وعرض المعلومات والبيانات الدقيقة، وعلى أرض الواقع.
ثالثاً: غرس عقيدة الحوار، فهو سلاح مهم بالنسبة لعلاقة الدول بشعوبها خاصة الحوار التفاعلي، والذى لا يقتصر فقط على فئة بعينها، ولكن تمثيل لكافة الفئات وفى مقدمتها الشباب والبسطاء، لأنهم الأكثر استهدافاً من قبل قوى الشر ومحاولاتها لتزييف الوعي، واحتلال العقول والحقيقة أن مصر فتحت باب الحوار على مصراعيه فى كافة المحاور، والقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولدينا منصة هى الأقوى وهى الحوار الوطني، الذى مازلت أطالب بتحويله إلى كيان مستدام، نطرح عليه شواغلنا وتحدياتنا وإشكالياتنا من أجل الوصول إلى صيغة، يجمع عليها الشعب، والوصول إلى كلمة سواء تحدث نوعاً كبيراً من الرضا والتوافق وتغذى مبدأ أهمية التشاركية وكون المواطن أياً كان مسئولاً عن حماية وبناء وطنه، والتعرف على تحدياته ونجاحاته وإنجازاته، لأن ذلك رصيد قوى فى مواجهة الزيف.
رابعاً: تحويل لغة الحوار، إلى مبدأ عام، ومجتمعى لا يقتصر على القضايا الكبرى التى تهم الوطن، بل يكون منهاجاً لدى جميع المؤسسات الحكومية والأهلية وداخل المدارس والجامعات، والمؤسسات كثيفة العنصر البشري، حتى فى المشروعات العملاقة لابد أن يكون على الأقل لقاء أو حوار شهرى مفتوح، فمصر شديدة الاهتمام بهذا الأمر خاصة ان تغليب لغة الحوار والعقل أصبحت سياسة مصرية على الصعيدين الخارجى والداخلي، وتدعو دائماً إليه فى حل النزاعات الداخلية فى دول الأزمات، أو فيما بين الدول وبعضها البعض، لأنه يوفر الكثير من الوقت والموارد وربما الأرواح والدماء.
من هذا المنطلق لدى أمران مهمان: الأول: هو أهمية إحياء مراكز النيل التابعة للهيئة العامة للاستعلامات، وتطويرها كما وكيفا، وتزويدها بالإمكانيات والقدرات والخبراء القادرين على التواصل والحديث إلى الناس من مختلف الفئات من أجل طرق كافة أبواب الحوار والتواصل مع الجميع حتى فى القرى والنجوع والمدارس والجامعات حول مختلف القضايا والموضوعات.
الأمر الثانى المهم أيضاً: إعادة النظر فى دور «عمدة القرية» فلم يعد للوجاهة الاجتماعية، أو العائلية، ولكن هناك مقتضيات باتت ضرورية لهذا الدور، ولا يجب أن يكون مقتصراً على أداء العزاء والواجبات الاجتماعية، ولكن لابد من دور تنويرى وتوعوي، والبحث عن أزمات ومشاكل وتحديات القرية، والتعرف وحصر الفئات الأكثر احتياجاً، أشبه بدور رئيس مجلس إدارة القرية ومعه أعضاء مجلسه، وهم مشايخ البلاد، ويكون على تواصل مع المسئولين فى المحافظة لحل المشاكل والأزمات والتعرف على مطالب الناس، وأيضاً كافة الأجهزة المعنية ويجب أن يكون شخصاً من الوطنيين المتعلمين والمثقفين بحيث يحظى باحترام وتقدير الجميع، وقادراً على التواصل الإيجابى معهم وتنظيم لقاءات دورية يطلع خلالها على منسوب الوعي، وما لدى الناس من مشاكل، أو حتى لأهداف وأغراض التنمية المستدامة، وهو ما يتطلب تأهيلاً وتدريباً يقترب من مواكبة العصر، لسرعة الوصول والتوصل إلى الناس، ويجرى دورياً، تثقيف العمد وإحاطتهم بالتحديات والنجاحات، والمعلومات حول مختلف القضايا ويقيم جسور التواصل مع الجميع خاصة الشباب، فالقرية المصرية وصلت فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى مستويات غير مسبوقة من التطور والتنمية بسبب مكاسب المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» وإطلاقها للمشروع الأعظم تطوير وتنمية قرى الريف المصرى على كافة الأصعدة والمستويات، تنموياً وفكرياً وقومياً وتعليمياً وصحياً، بل ودوره يجب أن ينسحب على تعظيم الجهود الذاتية.
المواجهة الشاملة والحاسمة مع حروب الأكاذيب والشائعات، وحملات التشكيك والتشويه التى تدار ضد مصر أمر حتمى وضرورى لقطع دابر هذه الأكاذيب، وهذا يتحقق بتربية وتنشئة وطنية منذ الصغر، وتدريب الشباب على كيفية الوصول والتعرف على الأكاذيب، وبناء قاعدة قوية وعقيدة راسخة فى عقل ووجدان كل مواطن عقله لا يصدق ما يتردد من أكاذيب أو تشكيك فى وطنه، وهذا يتطلب عملاً جماعياً، وإستراتيجية شاملة تطرق كافة الأبواب، وتخاطب جميع الفئات فى كل ربوع البلاد.
المثير فى الأمر ورغم كثافة الأكاذيب والشائعات والتشكيك الذى يستهدف الدولة المصرية، أنه لم تصدق أو تتحقق أى واحدة من هذه الأكاذيب، والغريب أيضاً أن الإنجازات والنجاحات التى تسطع مثل الشمس ولا أحد يستطيع إنكارها وتميزها تتعرض وتستهدف أيضاً للأكاذيب والتشكيك.. فمن سيناء إلى رأس الحكمة، بينهما قناة السويس كل هذه النجاحات المدوية والعظيمة حاولت قوى الشر تشويهها ولكن هذه المحاولات باءت جميعاً بالفشل بسبب جدوى هذه الإنجازات العملاقة، فمصر نجحت فى تطهير سيناء من الإرهاب، وتبنت أكبر عملية تنمية فى تاريخ سيناء، تنفق عليها الدولة ما يقارب التريليون جنيه خاصة انها قضية أمن قومي، تسعى الدولة لحمايتها والحفاظ عليها وعدم السماح بتكرار ما حدث خلال العقود الماضية عندما تعرضت للتجاهل والتهميش، خاصة ان أرض مصر هى قدس الأقداس، وهى العرض والكرامة، ولا تهاون أو تفريط فى حمايتها مهما بلغت التضحيات وعودة سيناء آمنة مستقرة تشهد إنجازات غير مسبوقة فى مجال التنمية، صفعة قوية ومدوية على وجه أكاذيب قوى الشر.
ولأن قوى الشر لا تريد الخير لمصر، تمعن فى الأكاذيب والتشكيك المتواصل بهدف زعزعة ثقة المواطن وتزييف وعيه، فشلت قوى الشر أيضاً وأبواقها فى تشويه أو تزييف الوعى حول أكبر وأضخم استثمار مباشر فى تاريخ مصر، وهو تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة بالشراكة مع الإمارات الشقيقة باستثمارات 35 مليار دولار، ولمصر حصة من صافى الأرباح تقدر بـ 35٪ وتقوم الإمارات الشقيقة بضخ 150 مليار دولار خلال فترة تنفيذ المشروع، وتوفير ملايين فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
ليس سيناء أو رأس الحكمة فحسب استهدفتا بأكاذيب وتشكيك من قبل أبواق ومنابر وخلايا قوى الشر ولكن أيضاً قناة السويس الجديدة، التى زعموا الكثير وأطلقوا الأكاذيب عنها لكنها ردت على أرض الواقع بنتائج فاقت كل التصورات والتوقعات.. فإيرادات القناة بعد التطوير وصلت إلى 10 مليارات دولار، وأعلى رقم كانت تدره القناة قبل التطوير وإنشاء القناة الجديدة كان لا يزيد على 4.5 مليار دولار، ناهيك عن المشروعات العملاقة التى تشهدها القناة الآن كأهم ممر ملاحى فى العالم.
طبقاً لتقرير المركز الإعلامى لمجلس الوزراء فإن القضايا الاقتصادية هى الأكثر استهدافاً من حروب الأكاذيب والشائعات بنسبة 24٪.. وتفسيرى لذلك هو كم النجاحات الاقتصادية والتنموية التى تحققها الدولة المصرية، ثم يأتى قطاع التموين بنسبة 21.2٪ وتفسير ذلك لأنه مرتبط بالناس ثم التعليم بنسبة 11.6٪ والطاقة والوقود 11٪ والصحة 8.3٪ والحماية الاجتماعية 6.2٪ وغيرها من المجالات وهذه الأكاذيب والشائعات المتواصلة والتى تستهدف مصر تعكس حجم نجاح الدولة المصرية، لذلك فالهدف هو تضليل وتزييف وعى المصريين والتغرير بهم، وهز ثقتهم فى أنفسهم ودولتهم، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل على صخرة شفافية الدولة المصرية.
هل يمكن أن يتخيل بشر الموقف المصرى التاريخى والمحدد والواضح والثابت والشريف تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، وتجاه العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وما تقدمه مصر من جهود متواصلة للحفاظ على القضية والحقوق المشروعة للأشقاء، ووقف العدوان وإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية من خلال الإصرار على إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشتى الطرق والوسائل، ورغم كل هذه الشمس الساطعة التى تظهر الموقف المصرى إلا أن قوى الشر وأبواقها وخلاياها تحاول تشويه هذا الموقف بالأكاذيب.
مصر تقدم كافة أوجه الدعم والعون والمساعدة للأشقاء، ويتجدد التأكيد على أن معبر رفح لم يغلق منذ 8 أكتوبر الماضي، ومصر تقدم أكثر من 80٪ من إجمالى المساعدات الإنسانية للأشقاء فى قطاع غزة، وتحث العالم على أهمية وصول وعبور المساعدات الإنسانية براً وجواً ونفذت عمليات بالتعاون مع الإمارات والأردن وقطر وفرنسا لإسقاط أطنان من المساعدات الإنسانية والغذائية، لتخفيف المعاناة والحصار على الفلسطينيين وإنقاذهم من حرب التجويع التى تمارسها دولة الاحتلال، ليس هذا فحسب بل مصر تسعى بكل جهد ودأب لوقف إطلاق النار قبل شهر رمضان لذلك تستضيف اليوم مباحثات من أجل التوصل إلى هدنة بقطاع غزة بمشاركة كافة الأطراف، كما أن عمليات الإنزال والإسقاط الجوى المصرية للمساعدات الإنسانية والغذائية مستمرة، فى ظل وجود تقدم ملحوظ فى مفاوضات الهدنة وصولاً إلى اتفاق عادل.
دور مصر التاريخي، ومواقفها الثابتة والواضحة والشريفة تجاه العدوان الإسرائيلى فى قطاع غزة، هو مثار احترام وتقدير جميع دول العالم، ولا يوجد رئيس أو مسئول كبير فى العالم إلا وقدم الشكر والتحية لدور مصر سواء من أجل التهدئة ووقف إطلاق النار، أو إنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية، وإقامة مخيمات للنازحين فى رفح الفلسطينية وخان يونس.. بالأمس ثمن مدير منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» شو دينيو الدور المهم الذى تلعبه مصر لدعم سكان غزة خلال العدوان الإسرائيلى على القطاع وأكد أنه لولا الدعم المصرى لازداد الوضع سوءاً.
لذلك لا يمكن المزايدة على دور وموقف مصر تجاه الأشقاء، حيث تقدم كافة الدعم والمساندة على كافة المسارات والأصعدة السياسية، والدبلوماسية والقانونية والمساعدات الإغاثية والإنسانية، رغم ما تتأثر به مصر من تداعيات اقتصادية جراء الصراعات الدولية والإقليمية إلا أنها لم تتأخر فى الدعم المطلق للأشقاء الفلسطينيين.
الأكاذيب والشائعات، وحملات التشكيك والتشويه من أخطر التحديات التى تواجه الدولة المصرية، وهو ما يستلزم الانتشار السريع لفرق بناء الوعي، وإجهاض هذه الأكاذيب والعمل على تقديم الحقائق، والمعلومات الدقيقة والبيانات والأرقام الموثقة، لأن مصر دولة قوية وقادرة وبالتالى لن يستطيعوا المواجهة المباشرة معها، لذلك يعمدون إلى تكثيف الأكاذيب والشائعات وهى أضعف من بيوت العنكبوت لأنه ليس لها أساس من الحقيقة ولا توجد على أرض الواقع، لذلك تحتاج لجهود واسعة وسريعة الانتشار من خلال التواصل المباشر لبناء قاعدة من الفهم وعدم الالتفات لمثل هذه الأكاذيب.
تحيا مصر