بعد 5000 عام من الإهمال والضياع:
العلمين الجديدة.. جوهرة العمران فى مصر
المصريون يعيدون اكتشاف كنوز سواحل البحرين المتوسط والأحمر
حان الوقت لتحويل مصر لأكبر مراكز المال والأعمال بالعالم العربى
المشروعات الجديدة
تغير خريطتنا السكانية
.. رأس الحكمة.. فى «رأس الحكمة».. أو هى «رأس الحكمة».
.. يمكننا أن نقول اليوم إن مصر فى عصر «الجمهورية الجديدة».. قد بدأت مرحلة جديدة من «الانفراج» المالى والاقتصادى.. فى خطوة أولى حاسمة.. تستهدف تحقيق الانطلاق الاستراتيجى لمصر فى هذا القرن.
.. واليوم لابد أن نعترف بأن صفقة مشروع «رأس الحكمة» العملاق بكل ما فيه من تحولات إيجابية كبرى.. هو الخطوة الأولى والأساسية التى كان لابد منها من أجل الوصول للأهداف الأكبر.. فى إطار الرؤية الاستراتيجية الرئيسية لمصر.. تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
.. ولا يوجد ما يمكنه قهر الصحراء.. وبحار الرمال الصفراء فيها.. مثل مشروعات التنمية الحضارية الشاملة.. ومشروعات التنمية العمرانية.
وقد تحول مشروع مدينة «العلمين الجديدة» سريعاً وخلال سنوات معدودة إلى صورة نموذجية لمشروعات التنمية العمرانية فى الساحل الشمالى.. وهو جوهرة العمران.. فى هذا الجزء الذهبى من أراضى مصر المقدسة.
.. ولابد أن يقال إن مشروع مدينة «العلمين الجديدة».. يمثل فى الواقع عملية إعادة اكتشاف واسعة لمزايا وكنوز أراضى مصر الواسعة المطلة على ساحل البحر المتوسط.. بعد أكثر من خمسة آلاف عام من الضياع والإهمال.. ولا يعقل أن يبقى المصريون بعد اليوم أسرى الحياة فى الوادى الضيق للنيل والدلتا.. ولا يمكن أن تمتد سواحل مصر على البحر المتوسط بطول أكثر من ألف كيلو متر.. ولا يكون لديها سوى الموانئ التاريخية فى الإسكندرية وبورسعيد ودمياط. فقد حان الوقت كى تقوم مصر بعملية استثمار شامل لكل أراضيها غير المستغلة على سواحل البحرين المتوسط والأحمر.. بالتوسع العمرانى والحضارى الشامل.. بما يليق بتاريخ مصر الحضارى الطويل.
وقد كانت أراضى الساحل الشمالى على البحر المتوسط.. هى زراعة القمح للامبراطورية الرومانية قديماً منذ ٠٠٥٢ سنة.. اليوم نعود لأراضينا هناك.. لنعيد أمجاد حضارتنا العظيمة من جديد.. ولا يجب أن ننسى أن مشروعات التنمية والعمران هى فى النهاية التطبيق العملى لمبدأ السيادة على كامل التراب الوطنى لمصر.
.. لقد تم حتى الآن إقامة عشرات المدن السياحية على طول السواحل المصرية على شواطئ البحرين المتوسط والأحمر. لكن المطلوب فعلاً.. هو إقامة مئات المدن والتجمعات العمرانية الحضارية.. بما يتجاوز الشريط الساحلى الضيق.. إلى عمق الظهير الصحراوى لسواحلنا.
.. والأرض قابلة لإقامة كل مشروعات الإسكان والزراعة والصناعة وتوطين التكنولوجيا الحديثة.
والهدف الأهم هو أن نعيد توزيع الخريطة السكانية لمصر والمصريين.. بما يتجاوز الحدود الضيقة للوادى والدلتا.. التى تكدس فيها أكثر من مائة مليون مواطن.. خلال هذا العصر.
من هنا تأتى القيمة الحقيقية لمشروع «رأس الحكمة» العملاق.. إنه ليس مجرد مشروع لمدينة سياحية أو فندقية.. وليست مجرد مشروع استثمارى عملاق.. بل هو فى الواقع مشروع حضارى بعيد المدى وعظيم الأهداف.. ويجب أن يجذب المزيد من الاستثمارات الوطنية للقطاع الخاص المصرى والاستثمارات العالمية فى كل المجالات.
.. ولا يجب أن ننسى أن الأراضى المجاورة لمثلث شبه جزيرة «رأس الحكمة».. شرقاً وغرباً.. وحتى جنوباً.. أصبحت جاذبة وقابلة للاستثمار والتنمية فى جميع المجالات.
وفى النهاية أصبحت الاستثمارات العمرانية والعقارية الكبرى فى مصر.. هى القوة المحركة للتنمية الشاملة فى مصر.. بما فى ذلك تنفيذ الحلم القومى العظيم لمصر تحت قيادة الرئيس السيسى فى نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة.. وهو حلم قيد التنفيذ والتحقيق فعلاً.. وليس مجازاً أو قولاً.
منذ زمن
لكن مشروع «رأس الحكمة».. يتجاوز فى قيمته وأهميته كل الأبعاد.. لأنه فى الواقع البداية العملاقة.. لتحقيق الحلم الذى يراود كل خبراء التنمية والاستثمار فى مصر منذ زمن طويل.. وهو ضرورة أن تتحول مصر إلى أكبر مركز إقليمى للمال والأعمال فى هذا الجزء من العالم.. بما يستوعب فوائض رءوس الأموال العربية والأجنبية فى مصر.
.. والقاعدة الذهبية فى دنيا المال والأعمال.. تؤكد أن رأس المال ليس له دين أو جنسية.. لكن رأس المال.. استثمارات وأرباح.. ومصالح مشتركة بين المستثمر.. وأصحاب الأرض.. ولذلك لابد أن نقول إن رأس الحكمة.. يكمن فى سرعة تنفيذ مشروع «رأس الحكمة».. لأنه يمثل فى الواقع نقطة تحول فارقة فى التاريخ الاقتصادى لمصر فى هذا العصر.. وسوف يتحدث المؤرخون الاقتصاديون بعد ذلك.. ليس فقط عن مصر فى عهد «الجمهورية الجديدة» وثورة ٠٣ يونيو.. لكنهم سوف يتحدثون عن مصر وتاريخها بعد العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة.. ومشروع «رأس الحكمة». هذا يعد تاريخاً اقتصادياً جديداً لمصر تماماً.
.. إن مشروع «رأس الحكمة».. بتدفقاته المالية العاجلة التى تزيد على ٥٣ مليار دولار.. وباستثماراته التى تزيد على ٠٥١ مليار دولار.. لا ينهى فقط أزمة طارئة لموارد الدولار والعملة الصعبة فى مصر.. لكنه يضع الأساس المتين لإنهاء عصر سطوة الدولار وهيمنته على الأداء الاقتصادى لمصر.. وهناك من يتحدثون حالياً فى واشنطن وأوروبا وفى العواصم الكبرى لدول الجنوب العالمى عن نهاية عصر الدولار.. ونهاية الزواج الكاثوليكى بين الدولار واقتصاديات دول العالم الثالث بالذات.
إنجاز تاريخى
لكن ما يجب توضيحه بقوة فى مصر الآن.. هو أن مصر قد نجحت فى تحقيق إنجاز مهم وتاريخى من خلال صفقة مشروع «رأس الحكمة» العملاق.. وهذا الإنجاز هو ما يطلق عليه خبراء الاقتصاد فى باريس اسم «إعادة التسليح الاقتصادى» لمصر..
فقد دخلت مصر فى السباق العالمى الرهيب لجذب الاستثمارات ورءوس الأموال الكبرى لتنفيذ مشروعات التنمية العمرانية والصناعية والتكنولوجية.. والسياحية والزراعية.. وهذا السياق اللانهائى تشارك فيه القوى العالمية الكبرى من أمريكا إلى اليابان وبريطانيا ودول أوروبا.. وحتى الصين والهند ومصر.. وكل دول العالم.
تكمن القيمة الكبرى لهذه الاستثمارات العملاقة مثل مشروع شبه جزيرة «رأس الحكمة» فى أنه يدعم السيادة الاستراتيجية لمصر كما لم يحدث منذ عصر محمد على.. وحتى اليوم.
.. وعلى المدى القصير.. فإن التدفقات المالية العاجلة لمشروع «رأس الحكمة» العملاق سوف تساعد على الأزمة العاجلة لما يسمى بأزمة الدولار.. وخلال شهور وربما أسابيع معدودة قادمة سوف يشعر المواطن العادى والمستهلك فى مصر بالتأثير الإيجابى الكبير لهذا المشروع الاستثمارى على حياته اليومية.
القضية لا ترتبط فقط بالقضاء النهائى على السوق السوداء للدولار.. والمضاربات على أسعاره.. لكن القضية ترتبط أيضاً بخفض الأسعار ووضع حد للارتفاع المبالغ فيه بشدة لمعدلات التضخم.. وتحقيق الاستقرار الطبيعى للأسواق.. بما يساعد المواطن لأول مرة على الشعور الإيجابى بقيمة علاوات الحماية الاجتماعية التى أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخراً.. بدءاً من شهر مارس ٤٢٠٢.. ودعونا نتفاءل من الآن ونقول وداعاً لأزمات الدولار فى حياتنا وأسواقنا بإذن الله.
.. اليوم.. يمكننا الحديث عن مصر.. المركز الإقليمى الكبير للأموال والأعمال فى الشرق الأوسط والعالم العربى.. وبهذا التوصيف الجديد تكون مصر قادرة بصورة طبيعية على تعزيز طاقاتها الإنتاجية فى السلع والخدمات.. ومع تزايد طاقات الإنتاج الزراعى والصناعى.. من الطبيعى أن تلجأ مصر إلى تعزيز صادراتها.. ومضاعفة قدراتها التنافسية فى ظل السباق العالمى والإقليمى على جذب الأموال والاستثمارات.. ونقل وتوطين التكنولوجيا.
بايدن شخصياً
.. ومنذ أيام قليلة.. حرص الرئيس الأمريكى بايدن بنفسه على زيارة مشروع استثمارى كبير أقامته تايوان فى الولايات المتحدة لإنتاج وتصنيع الشرائح الذكية الدقيقة ـ أشباه الموصلات.. وكانت فرحة الرئيس الأمريكى وكبار مساعديه بهذا المشروع مثل فرحة أى مسئول فى أى دولة بالعالم الثالث بافتتاح أى مشروع استثمارى جديد فى بلاده.. وهذا يؤكد أن كل دول العالم الآن فى سباق واحد مفتوح لجذب رءوس الأموال والاستثمارات من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادى ورفع مستوى معيشة المواطن.. وتحسين جودة الحياة.. واللحاق بالثورة التكنولوجية الجديدة.. ثورة المعلومات والاتصالات.. وثورة الكمبيوتر والذكاء الصناعى والروبوت الذى سوف يحكم العالم فى القرن الحادى والعشرين.
.. وقد تمكنت مصر من خلال المشروعات القومية العملاقة التى تحققت خلال السنوات العشر الماضية من تحقيق أهداف وإنجازات استراتيجية كبرى.. وتضاعف حجم تجارة مصر الخارجية.. ودخلت مصر بصادراتها إلى أسواق جديدة تماماً.. وأصبح لدينا صادرات من السلع والخدمات قادرة على المنافسة بالجودة العالية.
لكن حاجة واحتياجات الإنسان للطعام والسلع والخدمات لا تنتهى.. وأيضاً الحاجة إلى المزيد من مشروعات التنمية والاستثمارات لا تنتهى.. لكن مصر بدأت فعلاً عصراً جديداً للاستثمار وإعادة التصنيع وتوطين التكنولوجيا.. وهذا هو بالضبط ما تفعله حالياً دولة كبرى مثل فرنسا.. وقام الرئيس الفرنسى أيضاً بافتتاح مصانع جديدة للشرائح الذكية وبطاريات الليثيوم باستثمارات تايوانية أيضاً تدفقت على فرنسا مؤخراً بما قيمته ١١ مليار دولار.. وكانت الفرحة فى عيون المسئولين الفرنسيين لا تخطئها عين.
ثنائية مصر والإمارات
.. وهناك أبعاد أخرى لابد من الحديث عنها فى القيمة الاستراتيجية الكبرى لمشروع شبه جزيرة «رأس الحكمة».. ترتبط بعلاقات مصر الثنائية مع دولة الإمارات العربية.
اليوم يمكننا أن نقول إن هذا المشروع العملاق سوف يعطى أهمية مضاعفة للعلاقات بين مصر والإمارات.. ويتحول بهذه العلاقات الطبيعية من علاقات الشراكة بين الدول العربية الشقيقة.. ويرتفع بها إلى مستوى علاقات الشراكة الاستراتيجية العضوية التى لا انفصام لها مطلقاً بإذن الله.
.. على أية حال.. لابد أن نقول إن الاستثمارات الإماراتية موجودة وقائمة فى مصر منذ سنوات بعيدة.. ليس فقط فى المجالات العمرانية والعقارية.. بل فى كل مجالات التجارة والاستثمار.
وهناك مشروعات كبرى للتعاون بين مصر والإمارات حتى فى مجالات توطين التكنولوجيا والتصنيع المشترك للطائرات المسيرة بدون طيار.. وهناك تعاون فى تكنولوجيا الإنتاج العسكرى مع شركة إيدج الإماراتية ومصر.. وكل ذلك يأتى فى إطار العلاقات الأخوية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد .
القيمة المضافة
لكن صفقة مشروع «رأس الحكمة».. تكتسب أهمية خاصة ليس فقط بالحجم الاستثمارى المالى الهائل.. لكنها تكتسب أهمية مضافة.. فى أنها تمثل أهم عوامل الإغراء لجذب المزيد من الاستثمارات العربية والعالمية إلى مصر.. التى أصبحت سوقاً جاذبة وقادرة على استيعاب أى حجم من الأموال والاستثمارات العالمية.. ليس فقط من واقع المكان الاستراتيجى الحاكم.. ولكن أيضاً من واقع السوق المصرية الواعدة.. وتوافر القوى العاملة الماهرة.. والسوق الاستهلاكى لمائة مليون نسمة. لكن مصر تعتبر أيضاً نقطة انفتاح واسعة ترتبط بالأسواق الاستهلاكية الكبرى فى أوروبا وأفريقيا والعالم العربى باتفاقيات التجارة الحرة.
.. وكما قلنا فى هذه الصفقة العملاقة.. مع الاتفاقيات الاستثمارية الكبرى التى سوف يتم الإعلان عنها قريباً سوف تساهم أولاً فى تحقيق انفراجة وسيولة نقدية كبيرة.. بما يساعد على القضاء التام على السوق السوداء لتجارة العملة والدولار.. وتحسين الوضع الاقتصادى لمصر.. ثانياً تحقيق الحلم القديم والأسير لمصر.. بضرورة أن تتحول مصر لأكبر مراكز المال والأعمال فى العالم العربى والشرق الأوسط.
خطوة عبقرية
.. ويعترف الخبراء حول العالم بأن مصر كانت بحاجة فعلاً لمثل هذه الخطوة العبقرية العملاقة فى المشروع الاستثمارى الكبير لشبه جزيرة «رأس الحكمة».. بهدف تحطيم كل جبال الجليد التى كانت تمنع التدفقات الاستثمارية والمالية الكبرى على مصر.
.. وتمتلك مصر من المزايا والخصائص كل ما يساعدها على سرعة التحول إلى واحدة من أكبر مراكز المال والاستثمار الإقليمى وربما العالمى.. من خلال موقعها الاستراتيجى على شواطئ البحرين.. المتوسط والأحمر. ومع وجود قناة السويس أصبحت مصر هى نقطة الوصل الاستراتيجى بين أسواق آسيا وأوروبا وأفريقيا.. ولا يمكن مطلقاً تجاهل القوة الشرائية الواسعة للسوق المصرية الواعدة.. بالكتلة السكانية الكبيرة التى تزيد على ٠١١ ملايين من السكان.
هناك أيضاً عوامل الاستقرار السياسى فى مصر.. التى توفر المناخ الآمن لاستقبال واستيعاب الأموال والاستثمارات العربية والعالمية.. مهما كان حجمها.
الدور الحاكم
.. اليوم يمكننا الحديث عن القيمة الاستراتيجية الكبيرة للمشروعات القومية العملاقة.. التى حرص الرئيس السيسى على إقامتها خصوصاً فى مجالات البنية الأساسية والطرق والكهرباء والطاقة والاتصالات.. هذه البنية الأساسية ومشروعاتها العملاقة هى التى توفر البيئة الحاضنة للاستثمارات ورءوس الأموال العربية والأجنبية فى كل المجالات.
.. كل ذلك يؤكد أن الصفقة العملاقة لمشروع «رأس الحكمة».. يفتح الأبواب واسعة أمام انطلاق مصر الاستراتيجى فى هذا القرن.. والسنوات العشر القادمة سوف تكون حاسمة فى تاريخ الصعود الإقليمى والدولى لمصر.. والآفاق الواسعة للتقدم والتنمية فى مصر.. لا حدود لها.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن مصر بقيادة الرئيس السيسى تعتبر من القوى الاقتصادية الرائدة بين دول الجنوب العالمى.. فى البرازيل والهند وتركيا.. المؤهلة لتغيير الخريطة الدولية للقوى الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية فى هذا العصر.
القوى الخمس
ويقولون إن القوى الخمس لمصر والبرازيل وتركيا وأندونيسيا والهند تنفرد بوجود الطاقات السكانية الشابة.. القادرة على العمل والابتكار.. والمساهمة فى تغيير الخريطة الدولية للقوى الاقتصادية والتكنولوجية فى العالم.. ومن الآن يمكننا الحديث عن وجود قوى اقتصادية حقيقية تسعى للحاق بالقوى الاقتصادية العالمية.. فى اليابان وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكوريا الجنوبية.. وتتميز القوى الجديدة فى مصر والهند والبرازيل وتركيا بتوافر الطاقات الواسعة للسكان من الشباب الواعد القادر على العمل والإبداع واكتساب المهارات التكنولوجية الجديدة.. ويشكل الشباب فى الدول الخمس حوالى ٥٦٪ من تعداد السكان.. على العكس من الواقع فى اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية ودول أوروبا.. حيث يشكل الشيوخ والعواجيز أكثر من ٥٦٪ من السكان.
أسواق العالم
.. ولاشك فى أن مشروع «رأس الحكمة» العملاق.. يفرض علينا ضرورة أن نلقى نظرة فاحصة لأسواق الاستثمار والتجارة فى العالم.. خصوصاً فى إطار المنافسة الاستراتيجية الشرسة بين القوى العالمية.. فى أوروبا والولايات المتحدة من جهة.. وفى الصين وروسيا من جهة أخرى.
.. وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية منذ أيام إن معدلات الاستهلاك فى السوق الداخلية للصين.. أصبحت ثابتة ولم تعد تعرف التزايد والارتفاع.. رغم وجود الكتلة السكانية الهائلة ٥.١ مليون مواطن فى الصين.
ومع ذلك تضاعف الإنتاج الصناعى فى الصين.. ولم يتمكن السوق الداخلية من استيعاب فائض الإنتاج.. الذى لم يعد أمامه سوى ضرورة الدخول فى أسواق التصدير.
وأهم المنتجات التكنولوجية الجديدة فى الصين حالياً.. هى السيارات الكهربائية وخلايا محطات الطاقة الشمسية.. وبطاريات الليثيوم التى يتم بها تشغيل كل شىء حالياً.. من السيارات حتى الصواريخ والطائرات بدون طيار.. أو كما يقولون فى باريس حالياً إن بطاريات الليثيوم هى بترول المستقبل.. والعالم يقول حالياً وداعاً لعصر الفحم والبترول.. وحتى الغاز الطبيعى.
بأسعار رخيصة جداً
.. وقد اتجه الصينيون بإنتاجهم الهائل من السيارات الكهربائية وخلايا محطات الطاقة الشمسية وبطاريات الليثيوم إلى أسواق أوروبا وأمريكا.. بكميات هائلة جداً وبأسعار رخيصة للغاية.. فيما يطلقون عليه «تحطيم الأسعار». وهذا يجعل المنتجات الأوروبية والأمريكية من هذه السلع بأسعار أغلى كثيراً من المنتجات الصينية المطروحة والمتاحة بأسعار رخيصة للغاية.
.. وتؤكد لوموند الفرنسية أن أسواق أوروبا وأمريكا تواجه الإغراق بالمنتجات الصينية الجديدة.. خاصة من السيارات الكهربائية التى تتراكم فى موانئ فرنسا وأوروبا بأسعار رخيصة للغاية ومغرية جداً للمستهلك فى فرنسا وأوروبا.
.. ويحاول صناع السيارات الكهربائية فى أوروبا التعايش مع تداعيات توافر السلع المنافسة القادمة من الصين بأسعار رخيصة ولم تتردد الصين فى المرحلة الحالية فى مضاعفة الاستثمارات فى شركاتها الصناعية الكبرى.. خصوصاً شركات إنتاج السيارات الكهربائية وخلايا محطات الطاقة الشمسية وبطاريات الليثيوم.
السباق المفتوح
.. وذكرت لوموند الفرنسية أن الصين تسعى للهيمنة الصناعية الشاملة فى إنتاج هذه السلع الثلاث التى ارتفعت بمعدلات النمو الاقتصادى فى الصين إلى ٣.٥٪ فى ٣٢٠٢.
وتواجه أمريكا تحديات الهيمنة التكنولوجية الجديدة للصين من خلال الأبقار التكنولوجية الأمريكية المقدسة فى الشركات العملاقة المعروفة فى ميكروسوفت وألفابيت وآمازون وآبل وميتا ونيفيديا وتسلا.
.. ومازال السباق التكنولوجى والاستثمارى مفتوحاً بلا نهاية بين الصين من ناحية ودول أمريكا وأوروبا من ناحية أخرى.
ومع ذلك انفردت الصين بتحقيق معدل النمو الاقتصادى الأكبر بين القوى الصناعية أى بحوالى ٣.٥٪ مقابل ٥.٢٪ فى أمريكا وأقل من ١٪ فى فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
العائد مرتفع للغاية
.. وذكرت لوموند أن الصين قد تمكنت من تحقيق عائد مالى يزيد على ٦.١ تريليون دولار من إنتاجها الصناعى فى السيارات الكهربائية والخلايا الشمسية وبطاريات الليثيوم. وهذا يشكل ٠٤٪ من حجم التوسع الاقتصادى فى الصين.
ويقول الخبراء فى باريس إن الصين تمكنت من تحقيق طفرة تنموية تاريخية خلال الفترة من ٠٨٩١ حتى ٠١٠٢ من خلال الاعتماد على صادراتها الهائلة من منتجات الغزل والنسيج والملابس والمعدات الكهربائية والأدوات المنزلية.
لكن الصين اليوم انفردت بـ ٣٨٪ من صادرات الخلايا الشمسية فى أسواق العالم وبـ ٢٥٪ من صادرات بطاريات الليثيوم و٣٢٪ من صادرات السيارات الكهربائية وتريد الصين فرض ما يشبه الاحتكار على صادراتها من الرمال النادرة والمعادن اللازمة لصناعة الشرائح الذكية الدقيقة اللازمة لصناعات الكمبيوتر وأجهزة الذكاء الصناعى.
المستقبل الواعد
.. بعد هذه النظرة السريعة على أسواق المال والأعمال.. والمنافسة الاستراتيجية فى أسواق العالم.. ربما نكون قد أدركنا أننا كنا.. وأين أصبحنا فى هذا العصر.
فقد اتضح أن المشروع الاستثمارى العملاق فى «رأس الحكمة».. قد نجح فى وضع اسم مصر بقوة فى قمة قائمة المقاصد العالمية الأولى للمال والاستثمار فى هذا العالم. أصبح واضحاً أمام كل الخبراء فى العالم مدى قدرة مصر الواسعة على استيعاب أية أموال واستثمارات كبرى مهما كان حجمها.. ومن الآن يمكننا أن نقول وداعاً وإلى الأبد للمشكلات المزمنة القديمة لما يسمى بالدولار والعملات الصعبة.. بل وداعاً للسوق السوداء والمضاربات المتخلفة على أسعار الدولار والجنيه.
.. والحقيقة أن امتلاك القدرة على جذب الأموال والاستثمارات العالمية يعطى عصر القدرة على التخلص من هيمنة الدولار على الاقتصاد القومى.. لأن الاستثمارات تحقق الانتعاش الاقتصادى الطبيعى والتلقائى.. وتحسين مستوى معيشة المواطن.
نهاية عصر الدولار
.. ويتحدث الأمريكيون حالياً عن مخاطر انتهاء عصر هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمى.. بعد أن بالغت الولايات المتحدة فى اللجوء لاستخدام الدولار كسلاح سياسات ضد أعدائها وحتى البعض من شركائها الاستراتيجيين وقد صدر كتاب فى واشنطن فى ٧١٠٢ تحت عنوان «الحرب بوسائل أخرى» تضمن فصلاً كاملاً عن مصر.
اليوم أصبح هناك اتجاه واضح لدى دول الجنوب العالمى لتقليص حجم الاحتياطيات النقدية من الدولار وتسوية التعاملات التجارية مع مختلف الدول بالعملات الوطنية بعيداً عن الدولار.. وسطوة الدولار.. ولاشك فى أن مجموعة دول بريكس التى انضمت مصر إليها مؤخراً تقوم بدور محورى رئيسى فى الاتجاه بالاقتصاديات الوطنية والعالمية.. بعيداً عن الدولار وسطوة الدولار.
.. وهنا يتضح أن رأس الحكمة.. فى «رأس الحكمة».. وهذا المشروع الاستثمارى العملاق.. الذى وضع مصر فى مكان متقدم للغاية على خريطة المال والأعمال والاستثمار فى العالم.
وهذه هى مصر فى عصر «الجمهورية الجديدة».. ومستقبلها الواعد فى هذا العصر.. وقد تحركت مصر تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى من الانفراج الاقتصادى إلى الانطلاق الاستراتيجى فى القرن الحادى والعشرين.. ودائماً سوف «تحيا مصر» من نصر إلى نصر بإذن الله.