تابعت بانزعاج شديد ذلك التناول الفوضوى الضحل لقانون لجوء الأجانب إلى مصر والذى ينظم – لأول مرة – عمليات اللجوء من خلال لجنة وطنية مصرية خالصة، آخذا فى الاعتبار القوانين والاتفاقيات والالتزامات الدولية، حيث كان هذا الدور تقوم به من قبل مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، القانون الجديد يحدد اختصاصات اللجنة الوطنية التابعة لمجلس الوزراء والتى سيكون لها السلطة الكاملة فى تحديد من هو لاجئ ومن هو غير ذلك، اللجنة سيكون لديها قاعدة بيانات دقيقة عن كل الأجانب المتواجدين على ارض مصر حتى يمكن تقنين اوضاع اللاجئين بالموافقة على منحهم حق اللجوء أو الرفض والإبعاد، كذلك هناك تحديد تام نافٍ للجهالة لكافة حقوق وواجبات اللاجئ.
>>>
بيد أن الأهداف التشريعية ودلالات التوقيت لا تحتاج شرحاً فما يدور حولنا أبلغ من كل خطاب، اختنق الإقليم وسكانه جراء الحرائق والصراعات الجارية على كل الاتجاهات فكانت مصر هى الملاذ الآمن للجميع حتى ولو كانوا عشرة ملايين لاجئ، فكما فتحت مصر أبوابها تاريخيا لكل المستغيثين تواصل مصر بأخلاقياتها وإنسانيتها نفس السلوكيات النبيلة، ففتحت أبوابها – رغم ظروفها شديدة الصعوبة – لكل خائف ومستجير وعابر سبيل، جاءوا إلينا من دول كانت ملء السمع والبصر لكنها هانت على أبنائها فدمروها تدميرا تحت دعاوى الحرية والتغيير والديمقراطية وحقوق الإنسان وهم لا يدركون ان كل تلك المفردات ما هى إلا «طُعم مسموم» لاصطياد الأوطان وإغراقها فى يم الفوضي.
>>>
هذا الوضع الإقليمى مثَّل ضغطا شديدا على مصر – التى لا تستطيع اخلاقيا وقانونيا – ان تغلق أبوابها فى وجوه المستجيرين، لذلك كانت أهمية الاستجابة التشريعية لتلك المستجدات الجارية حتى نقف على ارضية الحقيقة من حيث الأعداد والجنسيات والخصائص الديموغرافية، الغريب ان وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية والمحطات التلفزيونية والصحف ومقالات الرأى أخفقت جميعها – فى تقديرى – فى الوصول إلى لب الحكاية وأصلها ومبتغاها، كانت السطحية عنوان التناول، وكان التشكيك هو هدف المتربصين بالدولة المصرية.
>>>
وهنا اطرح سؤالاً أراه مفصليا (ماذا لو كان لدينا لجنة وطنية مصرية معنية بشئون اللاجئين ثم جاء القانون الجديد لينزع منها اختصاصاتها وينقلها إلى مفوضية اممية تابعة لجهة دولية؟؟) ماذا لو تركت مصر الحال كما هو دون تغيير رغم سيل المتغيرات الجارية حولنا والتى تمثل فى مجملها كارثة تهدد الدولة الوطنية فى مفهومها الراسخ؟ لقد تابعت تقارير وتحليلات وتغطيات اخبارية من محطات عديدة غير مصرية وهالنى ما سمعت وما رأيت من غمز ولمز وتشكيك وتشويه، لقد وصل ببعضهم ان يتجرأ ويتهم مصر بأنها تعد هذا القانون فى هذا التوقيت تمهيدا لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين بعد تهجيرهم من أرضهم.
>>>
واسأل هؤلاء الحمقي، الدولة التى أوقفت وفضحت مشروخ التهجير والتصفية رغم كل الإغراءات والضغوطات؟ أليست مصر وعلى لسان رئيسها الشريف النبيل وفى أكثر من مناسبة وعلى الهواء هى من فضحت هذا التوجه وضربت هذا المخطط فى الصميم واجبرت الجميع على تبنى السردية المصرية؟ وفى النهاية تبقى كلمة، واقتراح متواضع وهو ان يكون هناك دور للإعلام ورجال الفكر والثقافة من كل التيارات لطرح الأجندة التشريعية عليهم وفلسفة تلك التشريعات قبل صدورها حتى يكون هناك نقاش صحى حقيقى يطرح المشكلات ونصل من خلال النقاش إلى ان إصدار التشريع هو الحل، كذلك أطالب زملائى الصحفيين والإعلاميين بأن يكون لنا صوت واحد فيما يخص القضايا الوجودية والمصيرية «فالاتحاد قوة «وأصوات متعددة فى باقى القضايا «فالتنوع ثراء» واقول لهم جميعاً «تعالوا إلى كلمة سواء».