من أمام باب زويلة وبالقرب من منطقة تسمى تحت الربع يقع مكان مسقوف بألواح خشبية مغطى بالزخارف المصنعة من أقمشة الخيام والزينة الرمضانية، والتى تجذب أنظار المارة، اسمه شارع «الخيامية» وهو أحد أشهر أسواق القاهرة، الذى يعد أصل صناعة الخيم والزينة الرمضانية.
سمى شارع «الخيامية» بهذا الاسم نسبة لحرفة صناعة الخيم التى كانت تنصب فى الجبال وعند الأمراء وخاصة فى العصر الفاطمي، ولكن مع مرور العصر تحول نشاط العديد من أصحاب المحال إلى بيع الزينة ومستلزمات رمضان.
ومع حلول شهر رمضان الكريم تجولت مع زميلاتى صحفيات «الجمهورية معاك» فى شارع «الخيامية» لرصد استعدادات السوق لاستقبال شهر رمضان الكريم، الحقيقة شاهدنا تاريخا عريقا من مبان تراثية مكونة من طابقين، وحسب ما رواه أصحاب الورش قالوا ان أماكن الورش الحالية المصنعه للخيام والفوانيس والزينة كانت اسطبلاً للخيول، والطابق الذى يعلوه كان مكانا لمبيت التجار الذين يأتون من المغرب والشام من أجل شراء بضاعتهم وينتظرون فيها حتى افتتاح باب زويلة فى اليوم الذى يليه.
سوق الخيامية يعتبر لوحة فنية تُجسّد روح الشهر الفضيل ففى كل زاوية تُبهرك ألوان الفوانيس والزينة الرمضانية، وسط أجواء الفرحة والاغانى الرمضانية التى تنتشر فى كل أرجاء المكان بأشهر الاغانى التى يتميز بها شهر الكرم وهى «وحوى يا وحي»، «افرحوا يا بنات يالا وهيصوا رمضان أهو نور فوانيسه» رصدنا ما يتميز به الشارع، من انتشار الأعمال اليدوية والتراثية، منها الأقمشة المطبوعة، وصناعة السجاد والكليم اليدوي، فقبيل شهر رمضان من كل عام يتحوّل الشارع إلى مقصد لعدد كبير من المصريين والأجانب أيضًا الذين يرغبون فى شراء الزينة الخاصة بالشهر الكريم، كالرايات الورقية والفوانيس بأسعار أرخص من أى مكان آخر، ومقارنة بالمتاجر الكبري.
قابلنا صانعى الخيامية وزينة رمضان وقال أحدهم ان رمضان عندنا يبدأ من شهر رجب وكل المحلات تتحول لزينة رمضان، حيث يبدأ التجار فى عرض بضاعتهم من مستلزمات الشهر الكريم باعتبارها عادة سنوية لا يستطيعون التخلى عنها.
صنعوا زينة رمضان بأشكال مختلفة ومتجددة جسدوا شخصيات واشكالا كرتونية مرتبطة بالشهر الفضيل تزرع السعادة والبهجة بين محبيها، مثل شخصية المسحراتى وبائع الفول وغيرها ، عبر صانعهيا عن فخرهم وتمسكهم بصناعة الأجداد.
لا شك أن دعم الحرف التراثية واليدوية، والحفاظ عليها من الانقراض، يعد إحدى الأدوات المهمة للحفاظ على شخصية مصر العريقة والرائدة من ناحية، ويسهم فى توفير فرص عمل للشباب والمرأة، وتحسين مستوى الدخل من ناحية أخري، ناهيك عما تمثله هذه الحرف من أهمية كبيرة فى التراث المصري، كما يعد «فن الخيامية» أحد الفنون الحرفية التراثية التقليدية بمدينة القاهرة التاريخية، وزيارة دولة رئيس الوزراء منذ عامين لهم تؤكد دعم الدولة الدائم لهم بخلاف إقامة العديد من المعارض التراثية التى تهتم بالصناعة اليدوية وبإمكانهم المشاركة فيها.
رصدنا حكاية أقدم صانع جلود وفانوس وأقدم صانع خيامية والتى تُعد انامله من ذهب لأن «يده تتلف بحرير «لما تصنعه يده من تحف تراثية بالقماش يتهاتف عليها الزبائن من كل أنحاء العالم،العمالة الموجودة فى المكان يعبرون عن ولائهم وحبهم لمصر بطريقتهم الخاصة ، يعملون بضمير ويكافح كل منهم لإظهار تراث مصر من فن جميل فهم يستحقون كل الشكر والتقدير.
معظم العاملين فى الخيامية يعتمدون اعتمادا كليًا على فتح بيوتهم وباب رزقهم من عائد هذه المهنة رغم انهم يعملون فى مهنة موسمية مرتبطة بموسم معين ولكنهم يستعدون له من قبل بداية الموسم بحوالى اربع أو خمس أشهر. ومازالوا متمسكين بمهنة أجدادهم وشغلهم الشاغل كيفية الحفاظ على المهنة من الانقراض.
حكمة وعظة
<< منح البسمة للمحرومين منها لا يقل أهمية عن منح الحياة للغائبين عنها.