ما زال الحديث مستمرا حول إستراتيجية تنمية الريف المصري، وقد تناولنا فى الحلقات السابقة عددا من المسائل المهمة لهذه التنمية المستدامة داخل الريف المصري. واليوم يأتى الدور على أهمية تحويل القرية إلى أن تكون منتجة، وتقوم بدور فعال فى التصدير إلى المدينة وتوفير احتياجات المصريين جميعا. وتلعب فى هذا الصدد التكنولوجيا دورا مهما وبالغا.. ويمثل تحويل القرية المصرية من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج أحد أهم أهداف التنمية المستدامة فى مصر.. هذا التحول لا يقتصر على زيادة الإنتاج الزراعى والصناعى فحسب، بل يشمل أيضاً تطوير البنية التحتية، وتعزيز الخدمات، وتمكين المجتمعات المحلية، وبناء اقتصاد ريفى قوى ومتنوع.. وهناك عناصر أساسية لتحويل القرية إلى منتجة منها وضع خطط استراتيجية شاملة على مستوى القرية والمحافظة، تحدد الموارد المتاحة، وتحدد الأولويات، وتضع أهدافا قابلة للقياس.. ويجب أن تستند هذه الخطط إلى دراسات جدوى شاملة تأخذ فى الاعتبار الظروف المحلية والاحتياجات الخاصة بكل قرية.. وتشكل الزراعة العمود الفقرى لاقتصاد العديد من القرى المصرية.. لذلك، يجب التركيز على تطوير الزراعة من خلال تطبيق أحدث التقنيات الزراعية، وتحسين نظم الري، وتشجيع الزراعة العضوية، وتنويع المحاصيل، وتطوير سلاسل القيمة الزراعية.
يمكن للقرى المصرية أن تستفيد من مواردها الطبيعية والبشرية لإنشاء صناعات تحويلية صغيرة ومتوسطة، مثل صناعات الأغذية، والحرف اليدوية، والمنسوجات. ويجب توفير الدعم اللازم لهذه الصناعات من خلال توفير التمويل والتدريب والتسويق.
وتعتبر البنية التحتية الجيدة أساسا لتحقيق التنمية الريفية. ويجب الاستثمار فى تحسين الطرق، وتوفير مياه الشرب والصرف الصحي، والكهرباء، والاتصالات. كما يجب تطوير الأسواق المحلية لتسهيل تسويق المنتجات الزراعية والصناعية.
كما يلعب التعليم والتدريب دورًا حاسما فى تمكين المجتمعات الريفية. ويجب التركيز على تطوير التعليم المهنى والتقني، وتوفير برامج تدريبية فى المجالات الزراعية والصناعية.. وهذا يتطلب تحويل القرية إلى منتجة توفير تمويل كاف للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.. يمكن توفير هذا التمويل من خلال البنوك والمؤسسات المالية، وكذلك من خلال برامج الدعم الحكومية.
إضافة إلى التركيز على تسويق المنتجات الزراعية والصناعية المحلية، سواء فى الأسواق المحلية أو الأسواق الخارجية.. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء تعاونيات زراعية، وتنظيم المعارض والمهرجانات، واستخدام التكنولوجيا الحديثة للتسويق الإلكتروني.
تُعد التكنولوجيا المحرك الأساسى لتحويل القرية المصرية من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج قادر على المنافسة والإبداع.. فهى لا تقدم حلولاً مبتكرة لمشاكل الإنتاج الزراعى التقليدى فحسب، بل تمكن أيضاً من تنويع مصادر الدخل وفتح آفاق جديدة للعمل والابتكار.
تلعب التكنولوجيا دورا محوريا فى عدة جوانب وتساهم التكنولوجيا فى زيادة الإنتاجية الزراعية من خلال استخدام أنظمة الرى الذكي، واستشعار التربة والمياه، والزراعة الدقيقة، مما يؤدى إلى توفير المياه والحد من الهدر، وزيادة الإنتاجية وجودة المحاصيل.. كما تساعد التطبيقات الذكية المزارعين على الحصول على معلومات دقيقة حول الأحوال الجوية، وأفضل ممارسات الزراعة، وأسعار المحاصيل. ويمكن للتكنولوجيا أن تحفز إنشاء صناعات تحويلية صغيرة ومتوسطة فى القري، مثل صناعات الأغذية المعلبة، والحرف اليدوية، والمنتجات العضوية.. وتوفر التكنولوجيا الآلات والمعدات اللازمة لهذه الصناعات، وتساعد فى تطوير المنتجات وتسويقها.. كما تمكن التكنولوجيا المزارعين والصناعيين من الوصول إلى أسواق أوسع من خلال التسويق الإلكتروني. ويمكنهم إنشاء متاجر إلكترونية لعرض منتجاتهم، والتواصل مع العملاء مباشرة، والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. وتوفر التكنولوجيا فرصا تعليمية وتدريبية متاحة للجميع، مما يمكن المزارعين والصناعيين من اكتساب المهارات والمعارف اللازمة لتطوير أعمالهم.
وتمثل المرأة الريفية المصرية ركيزة أساسية فى المجتمع الريفي، وتلعب دورا حاسمًا فى تحقيق التنمية المستدامة.. على الرغم من التحديات التى تواجهها، إلا أن مساهماتها فى الإنتاج الزراعي، ورعاية الأسرة، والحفاظ على التراث الثقافي، لا يمكن إنكارها.
وتلعب المرأة دورا حيويا فى الإنتاج الزراعي، حيث تساهم بشكل كبير فى الزراعة، والحصاد، وتجهيز المنتجات الغذائية.. وعلى الرغم من أن المرأة غالبا ما تفتقر إلى الحقوق المتساوية فى ملكية الأراضى والموارد، إلا أنها تمتلك معرفة واسعة بالممارسات الزراعية التقليدية، وتتميز بمرونة وقدرة على التكيف مع التغيرات البيئية..بالإضافة إلى ذلك، تتولى المرأة الريفية مسئولية رعاية الأسرة، وتوفير الرعاية الصحية والتعليم للأطفال.. فهى المسؤولة عن إدارة الميزانية المنزلية، والحفاظ على التماسك الاجتماعى داخل الأسرة والمجتمع.. كما تساهم المرأة فى الحفاظ على التراث الثقافي، ونقل العادات والتقاليد إلى الأجيال القادمة.
وللحديث بقية.