> لا شك أن الارهاب الذى يتمسح بالدين.. عقيدة واستراتيجية قديم.. ولكنه يتجدد كل حين ويبحث عن مناخ فوضى تعيش وتنمو فيه «الظاهرة الارهابية» وخلاياها..فهو أبدا لا يعيش فى مجتمعات مستقرة وعقيدة حية سليمة.. الارهاب يريد الفوضى ويريد الشعوب والجيوش الوطنية ضحية له.. هذه هى فلسفة الارهاب كما علم!
> هكذا تنبئنا ظاهرة الارهاب التجربة المريرة معه فى مصر والبلاد العربية خاصة فيما سمى بالربيع العربى خلال الفترة من «2011-2024» ولولا يقظة وتضحيات الجيوش العربية خاصة الجيش المصرى العظيم لانطلق ونما هذا الارهاب المتدثر بالدين زيفا وعدوانا !
> نتذكر اليوم أنه قد صدر لنا قبل عقد من الزمان كتابان طبعا عدة مرات عن التنظيمات الإرهابية فى المنطقة العربية الاول «داعش خلافة الدم والنار» والثانى «الاخسرين أعمالا : داعش ولاية سيناء.. القصة الكاملة» والاخير كان يقع فى أكثر من 400 صفحة ويحتوى على 80 وثيقة وصور نادرة لتنظيم داعش، وهو حصيلة جهد بحثى كبير للكاتب.
> فى هذه الكتب والدراسات الوثائقية وغيرها أردنا أن نؤكد عدة حقائق من خلال استخدام المعلومة الصحيحة والوثيقة الدامغة، وليس فحسب التحليل النظرى لظاهرة التنظيمات الارهابية فى مصر وفى المنطقة العربية: ماض ومستقبلا .. ومن بين أبرز تلك الحقائق التى أردنا التأكيد عليها :
أولاً : أن جذور الإرهاب المتمسح بالدين، فى المنطقة ، قديم، وليس وليد اليوم، وليس فقط مرتبطاً بـ»داعش» حيث سنجده فى أدبيات التنظيم السرى للإخوان المسلمين قبل ثورة يوليو 1952، ثم فى صداماتهم المتتالية مع الحكم الناصرى «1954» و»1965» ثم مع جماعات «التكفير والهجرة» والفنية العسكرية وحركة الجهاد، فالجماعة الإسلامية «طيلة حقبة السبعينات»، ثم ما تناسل من هذه التنظيمات، من جماعات وتنظيمات إرهابية طيلة الفترة الممتدة من الثمانينات من القرن الماضى حتى ما قبل ثورة 25 يناير 2011 ومنها «القاعدة والنصرة وداعش وغيرها».
> إذن تاريخ الإرهاب «الملتحف بالدين زيفاً»، قديم، وما «داعش « سوى أحدث حلقاته أو تطبيقاته الجديدة، إنه إرهاب يحسب أنه يصنع «ثورة» أو إصلاحاً، ولكنه ليس كذلك بل على النقيض من هذه الثورة أو الإصلاح، إنه يهدم ليس فحسب الأوطان، بل والدين ذاته، لقد وجدنا أن خير ما يعبر عن طبيعة هذه الجماعات الإرهابية ويصدق فى تشخيصها ، هو قوله تعالى «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً» صدق الله العظيم «آية 103-104 سورة الكهف» .
>>>
ثانياً : تجمع الحقائق المتوفرة حول هذه التنظيمات على صفات عامة مشتركة بين كل هذه التنظيمات الارهابية : مثلا هى تستخدم «الكنية « و»البلد» لكى تفخم من اسمها واسم قياداتها وأعضائها مثل «المصرى – البغدادى – القرشي» وغيرها وهى أيضا لا تقترب من «إسرائيل» وما جرى فى غزة طيلة عام كامل من إبادة لشعبها بواسطة العدوان الاسرائيلى منذ 2023 وحتى اليوم وتلك التنظيمات الارهابية لم تفعل شيئا فهذا يؤكد للجميع : شعوبا وعلماء.. إسرائيليتها وعمالتها للغرب ولاجهزة مخابراته وهى لا تعمل الا بالامر المباشر وضد دول وجيوش المنطقة وليس ضد الكيان الاسرائيلي.
>>>
> أما عن النشأة خاصة فى بلادنا- مصر- فإن تاريخ الإرهاب والغلو الدينى فى سيناء، ينبئنا بأن النشأة الأم لهذا التنظيم بدأت عام 2004 وكان الاسم المعروف به هو «التوحيد والجهاد» والذى إليه تنسب أحداث إرهاب «طابا – ذهب – شرم الشيخ» فى أعوام 2004 – 2005، والذى كان يقوده الفلسطينى السلفى «هشام السعيدني» الشهير بـ «أبى الوليد المقدس»، وهو الرجل الذى تتلمذ على أيدى «الذين يسمون بالسلفيين» وفتاويهم التكفيرية القائمة للاسف حتى اليوم على إلغاء الآخر والشطط الديني، وبعد أن قتل السعيدنى فى 2011، ينبئنا تاريخ التنظيم أنه قد توالى على قيادته كل من «محمد حسين محارب الشهير بأبومنير» وبعد مصرعه عام 2013 تولى كل من محمد فريج زيادة «الذى قتل أيضاً» ثم شادى المنيعى وهشام العشماوى وقيادة التنظيم، الذين ارتكبوا ما لا يقل عن 50 حادثا إرهابيا فى سيناء ثم تم التخلص منهم جميعا ومن تنظيمهم الارهابى فى سيناء بفضل التضحيات العظام للشرطة والجيش المصرى !
>>>
سادساً : إن إجرام تنظيمات الارهاب عربيا وربما عودتها قريبا وبحجة «غزة» للانتقام رغم أنها لم تفعل لها شيئا طيلة عام مضى ولا تزال عميلة لاسرائيل وللغرب.. وهدفها الشعوب والجيوش العربية وليس «إسرائيل»! هذه التنظيمات الارهابية فى حاضرها ومستقبلها ينبغى أن تدفع المنطقة العربية وفى قلبها مصر إلى بناء «استراتيجية شاملة للمواجهة»، يكون أبرز محاورها؛ الوعى والتعمير والنهضة الاقتصادية والانحياز للفقراء لانهم ملح الارض وسواعد الامة لمواجهة الارهابيين وينبغى أن تبنى المنطقة العربية … استراتيجية لمقاومة «الارهاب» وليس فحسب «الارهابيين» وفى ذلك يأتى الاعلام والازهر والجامعة والشباب كأركان حية لتلك المواجهة! فهل نبدأ؟