لم يدر تاجر الحبوب والغلال عندما ترك قريته الصغيرة بحثا عن الرزق وممارسة عمله أملاً أن يدر عليه ربحا يعينه على حياته وحياة أسرته الصغيرة بعد زواجه قبل بداية الثلاثينيات فى القرن الماضى..
ان وصوله إلى قرية ميت عقبة التى كانوا يطلقون عليها اسم القرية النابغة لامبابة سيرزقه الله بولد وحيد سيكون فاتحة الخير والشهرة عليه وعلى زوجته التى لا تعرف القراءة والكتابة، امرأة ريفية عادية قادمة من وسط الدلتا ودعت أهلها لمرافقة زوجها وإعانته على الحياة فى القرية التى لا يعرفون فيها أحدا ودعت المرأة ربها أن تكون رحلة خير وأن يرزقها الله بابن يواصل عمل والده فى تجارة الغلال.. وعندما حملت، دعت الله أن يرزقها بـ «الولد» الذى يكون سندا لهذه الأسرة الصغيرة.. وفى ليلة من ليالى نوفمبر عام 1914 أباحت لزوجها انها رأت «حلما» أثناء نومها ان الله سيرزقها طفلا كما تتمنى.. استمع الأب لرؤية زوجته ولم يعلق غير انه دعا الله أن يرزقه أيضاً الولد وأن يهبه لقراءة القرآن.. وفى ليلة 14 نوفمبر 1934 وعند الفجر فى قرية ميت عقبة شعرت الأم بآلام الوضع عند الثالثة فجرا ودعت زوجها بالذهاب إلى القابلة «الداية» لأن لحظة الولادة ربما جاءت وبالفعل ذهب إلى السيدة المقصودة وهى تعرف المنزل.. وفى الطريق إلى بيته كان الفجر قد أذن فاستأذن منها وذهب للصلاة وكرر دعاءه لله أن يرزقه الولد وأن يحفظ كتاب الله.. وبعد الصلاة وعودته قبل شروق الشمس كانت البشرى عندما خرج المولود الصغير من بطن الأم وبذكاء فطرى من الأب قبل أن تبلغه «الداية» قال الحمد لله ولد.. وأسماه «محمد».
هكذا البداية للشيخ محمد محمود الطبلاوى المولود فى قرية «ميت عقبة» الحى الشهيرة الآن والذى تحتضن واحدا من أهم أندية مصر وهو الزمالك.. ومع الولادة استعد الأب ليبحث عن «الكتَّاب» لمجرد أن تعلم ابنه نطق الكلام ومع سن السادسة الحقه بـ «كتَّاب» الشيخ غنيم فى المنطقة ليواصل الطفل الوحيد الذى لم يكن مدللا وبلغ صيته فى عالم القراءة وسط أساطين التلاوة الرواد الذين يعتبرهم مثله الأعلى الشيخ محمد رفعت والشيخ محمود خليل الحصرى والشيوخ أبو العينين شعيشع ومحمد صديق المنشاوى وعبدالباسط عبدالصمد ومصطفى غلوش وكامل يوسف البهتيمى ومحمود على البنا..
التحق الشاب محمد بعد ختم القرآن بمعهد القراءات الذى يعادل الليسانس ويبدأ صغيرا بالقراءة فى المناسبات بينما كان عمره لا يتعدى العاشرة فى منطقته فى الوقت الذى كان يبحث عن المشاهير ويذهب حيث يتلو القرآن.. وكالعادة تقدم للإذاعة المصرية بعد أن نصحه شيوخه وجلس على بابها 10 سنوات و10 محاولات وباءت 9 بالفشل وفى العاشرة قبل عام 1970 وهو الحاصل على الاجازة فى رواية «حفص عن عاصم» والإجازة العالية فى القراءات العشرة ليواصل رحلته مع القراءة وفى أول ربع ساعة بالإذاعة لفت الانتباه وكما يقول طبع اسمه فى آذان المستمعين فى أول ربع ساعة بالإذاعة ليضع اسمه فى دولة التلاوة بجوار المشاهير ويصل إلى نقابة القراء عضوا ووكيلا لرئيسها ورئيسا لها وقارئا فى الجامع الأزهر الشريف وعضوا بالمجلس الأعلى للشئون الاسلامية.. بل وقرأ القرآن فى الكعبة الشريفة عندما زارها وطلب منه سدنة الحرم آل شيبة أن يقرأ آية من القرآن الكريم.
ولعلنا نقف طويلا عندما قال الكاتب الكبير محمود السعدنى انه أخر «حبة» فى سبحة القراء الكبار الذين قرأوا القرآن أمام الرئيس عبدالناصر والسادات ولقب بقارئ الملوك والرؤساء.. وفى رحلة القراءة يقابل الشيخ الطبلاوى بابا الفاتيكان بناء على طلب الأخير عندما كان فى زيارة إلى ايطاليا لإحياء ليالى رمضان.. ويقول البابا استقبلنى عند الأسانسير وودعنى أيضاً بحضور مترجمه، بحق انه أحد أعمدة التلاوة وصاحب الحنجرة الذهبية التى جعلته يتبوأ مكانة مرموقة بين مقرئى القرآن الكريم فى مصر والعالم العربى والاسلامى قصة صاحب الصوت الذهبى الرخيم والنقش والنفس العميق الطويل والنغم الخاص رحلة طويلة مع القرآن الكريم كلها إخلاص وصبر ومثابرة.. كم من المستمعين له مباشرة أو عبر الاذاعة والتليفزيون وبصوته الرصين ذاع صيته فى رحلته التى اقتربت من 9 عقود وظل ولا يزال شرائط الكاسيت بصوته يسمعها الملايين فى مصر والعالم.. فقد ولد فى 14 نوفمبر 1934 وتوفاه الله فى 5 مايو 2020 وكان قبل وفاته بشهر واحد يتلقى العزاء فى زوجته هادية رشاد.
النشأة
حياة الشيخ الطبلاوى كانت مليئة بالتفاصيل والأحداث المثيرة فبعد ولادته بـ 4 سنوات ومع اكتمال الحروف ونطقها كان والده الذى يعرف أن ابنه وحيدا وله شقيقة واحدة فذهب إلى الشيخ غنيم الزاوى الذى رعاه وعامله بقسوة فى الوقت الذى كانت والدته خائفة على وحيدها ولذلك لم يعش طفولته كأقرانه فكان والده يتابع الشيخ فى كل وقت للاطمئنان على ابنه ونظرا للاهتمام والمتابعة حفظ القرآن وتجويده قبل أن يصل إلى سن العاشرة ليكون حديث منطقة ميت عقبة كان الشاب الصغير الذى يرتل القرآن بصوت يبهر كل من يستمع إليه وبدأ وهو صغير لطلاوة صوته يقرأ عند العائلات فى المناسبات الصغيرة الخميس أو الأربعين والرواتب والذكرى السنوية واللافت انه عندما بلغ الـ 15 عاما دعى لإحياء مأتم لإحدى الشخصيات فى امبابة ولاقى صدى كبيرا كان حديث منطقته الصغيرة ميت عقبة وامبابة وتميز بقدرته على القراءة المتواصلة لمدة ساعتين ودون أن يقلد الكبار من أساطير التلاوة مثل الشيوخ محمد رفعت، محمود على البنا والحصرى ومحمد سلامة ومصطفى إسماعيل والبهتيمى وغيرهم من الرعيل الأول امتدادا إلى عبدالباسط عبدالصمد وصديق المنشاوى وغيرهم.
10 سنوات أمام باب ماسبيرو
تقدم الشيخ الطبلاوى للإذاعة عدة مرات ووصلت إلى 9 مرات وفى كل مرة يفشل لدرجة انه اصيب بالاكتئاب واليأس لكنه صمم على التقدم فى كل عام للجنة فى الاذاعة لإيمانه ان اللجنة تعطى عدم القبول بأشياء غير مبررة حتى أطلقوا عليه «أيوب الإذاعة» وفى عام 1970 ابتسم له الحظ فى اللجنة التى كان يرأسها الشيخ محمد الغزالى وتمت الموافقة عليه واعتماده بعد أن ذاع فى بر مصر وفى كل مرة كان تعليق اللجنة الحفظ جيد والصوت يحتاج تدريبا!!
وأول يوم فى الربع ساعة الأولى له فى الإذاعة لفت الأنظار وأصبح يتردد اسمه على كل لسان.
رحلات حول العالم
له تجربة ربما لم تسنح لشيخ مثله من الرواد الأوائل وهى تجربة السفر إلى نحو 90 دولة حول العالم وبعيدا عن ترتيب أول رحلاته كانت إلى الدول العربية بدعوة من الديوان الملكى الأردنى لقراءة القرآن فى قصر عذات غدا فى يوم وفاة والدة الملك حسين وسط كبار المقرئين ونال الإعجاب وخطف الأضواء للحضور.
دعوة المليونير لاتسيس
وفى عام 74 ابتسم له الحظ أيضاً ليكون أول مقرئ يقرأ القرآن فى مناسبة عامة باليونان عندما دعاه المليونير «لاتسيس» فى حفل ترسية بآخرته بحضور وفود عربية وأجنبية وسجل فى أجندته انه أول قارئ للقرآن فى حفل عام فى اليونان بدعوة من المليونير «لاتسيس».
محمد حسن حلمى
ونظرا لأنه من منطقة ميت عقبة فقد كان زملكاويا بالجيرة واعتقد ان أبناءه الذين يصل عددهم 13 بينهم 5 بنات معظمهم لهم علاقة جيرة مع نادى الزمالك وشاء الحظ يوم وفاة رئيس نادى الزمالك محمد حسن حلمى انه كان على موعد مع السفر للخارج.. وبعض الخبثاء أشاعوا انه رفض احياء مأتم رئيس النادى، لكن الحقيقة وضحها بأنه كان مسافرا وهو نفسه الذى أحيا مأتم علاء الحامولى ويوم وفاة رئيس النادى عرف الأستاذ جلال معوض عندما اتصل به انه مسافر إلى الخارج وتلقى هذه الإجابة من أسرته.
وقالت عنه إحدى الدوريات الرياضية إنه مارادونا المقرئين ومن فطاحل جيل الرواد وأساطينهم.. ويقول الطبلاوى نفسه انها ملكة إلهية لكننى أدين لكل من سبقنى من المقرئين وكنت حريصا على حضور مناسباتهم لكى أتعلم لكنى لست مقلدا ودائما كان يردد كل قارئ له مدرسته وأنا «مدرسة الطبلاوى».
الطبلاوى من عشاق «الكتاب» وطالب وهو نقيب القراء فى أكثر من حوار بعودة الكتاتيب فى مصر لأنها تسهم فى اكتشاف حفظة القرآن والموهوبين.. ويقول ادين فيما وصلت اليه إلى كتاب الشيخ غنيم الزاوى الذى تنبأ لوالدى بأننى سأكون شــيئا فى عالم القــراءة والتلاوة وأفضـى لوالــدى بذلك.. وكـان أجر الشـــيخ هو 4 «قروش» فى الشهر «قرش» كل اسبوع.
أول مبلغ حصل عليه
مع بداياته المتواضعة وسط منطقته فى حى ميت عقبة وكان قد دعى لمناسبة عمدة ميت عقبة وقتها وبعد أن انتهى من التلاوة قدم له العمـد «50 قرشا» وكان بالنسبة له مبلغا محترما فى ذلك الوقت المبكر.. وكانت الليلة يحييها الشيخ محمد رفعت أحد أشهر القراء الطبلاوى الصغير السن يقرأ فى نفس المكان الذى به عملاق التلاوة محمد رفعت كان فاتحة خير له.. وفى هذه الليلة أبهر الحضور وطلبوا منه الاستزادة.. فكانت تلك الليلة بمثابة شهادة ميلاد له كقارئ مع الفطاحل الكبار.. ويومها بعد أن انفض المأتم خلع والده الشال الأبيض ووضعه على رأسه فرحا وسعيدا وأحس والده انه «جوهرة».
مع ذيوع اسمه كانت والدته حريصة على ارتباطه المبكر بالزواج ومع الانتهاء من معهد القراءات دعته الوالدة إلى مرافقتها إلى بلدهم التى ينتمون إليها صفط جدام بتلا منوفية واختارت له عروسا من عائلة طيبة ارتبط بها فى رحلة الحياة أنجبت له 10 أبناء بينهم ابراهيم وبرنسة وثناء ومحمود ووفاء وهند وخالد وهيام وعمرو وأيمن وغيرهم من زيجتين.
بين لندن ومنهاتن ونيجيريا
أثناء إحدى الزيارات إلى المركز الإسلامى فى لندن لإحياء شهر رمضان المبارك وقبل الإفطار بنحو ساعة وبسبب حضور الشيخ الطبلاوى بدأ المصلون فى الدخول بينما كانت فى داخل المركز تعد مائدة الإفطار والحضور من كل الجنسيات عربية وغير عربية وفى هذا اليوم تجمــع نحــو 3 آلاف شــخص فى حفل إفطار جماعى للاستمتاع.. فى الوقت الذى تسابق كثيرون للدخول إلى المسجد بعد تناول وجبة الافطار استعدادا لصلاة التراويح بعد ذلك.
ونفس الشىء حدث فى منهاتن وجدت عددًا كبيرًا من الجاليات العربية والإسلامية من أمريكا أولا حضروا صلاة الجمعة من أجل الطبلاوى.. وكذلك فى حفل الإفطار بالمسجد.
وفى نيجيريا عندما أعلن عن تواجده فى الأمسيات الرمضانية وانتشار صوته عبر أشرطة الكاسيت وجد ازدحاما كبيرا لدرجة ان المصلين افترشوا السجاد خارج المسجد من الزحام.. وقبل المغرب بوقت كبير.
كما كان الطبلاوى ضيفا متواصلا مع الإمارات العربية المتحدة وهناك يقول فى أحد أحاديثه الصحفية وجدت أكثر من صورة مشرقة على مائدة الشيخ زايد بن سلطان رئيس الدولة وكان رحمه الله يقدم بنفسه الطعام للحضور ويتحدث معهم حديث كبير العائلة.. وهذا الموقف تكرر معه كثيرا لكثرة سفرياته إلى الإمارات العربية المتحدة.
ويقول رأيت صورًا مماثلة فى المغرب والسعودية وسلطنة عمان.
القراءة داخل الكعبة المشرفة
فى أحد زياراته للسعودية لحضور مسابقة القرآن الكريم فى مكة المكرمة وبعد انتهاء المسابقة قام شخص من آل شيبه العائلة التى تحمل مفاتيح الكعبة منذ ان أعطاهم إياه الرسول الكريم.. صلى الله عليه وسلم وتقدم إليه ودعاه للقراءة داخل الكعبة وطلب منه قراءة الآية الكريمة «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها….» صدق الله العظيم.. واعتبر الطبلاوى هذه الدعوة هدية ربانية واعتبر هذه اللحظات أسعد لحظات حياته عندما قرأ القرآن الكريم داخل الكعبة.. فالترتيل داخل بيت الله الحرام وكعبته المشرفة له مذاق آخر.
حقيقة الاختلاف مع الشيخ أبوالعينين
كان خلاف بين أبوالعينين شعيشع مثار جدل كبير على المستوى الصحفى وعلى مستوى المقرئين أيضًا بسبب نقابة المقرئين حتى انتهى الخلاف بالصلح لكن الطبلاوى كان حريصًا على أن يحفظ للشيخ أبوالعينين مكانته، فكان فى كل أحاديثه يقول: الشيخ أبوالعينين قيمة ورجل صالح وهو بمثابة والدى.
سجل القرآن 30 مرة
وقد قام الطبلاوى بتسـجيل القــرآن بصـوته 30 مرة كما انه تعود ان يختم القرآن الكريم كل أسبوع وكان يرى مع وجود الإنترنت ان القرآن الكريم كلام الله يحميه إلى أن تقوم الساعة ومن يقول ان هناك من يسعى لتحريفه لأن الله حامى كتابه «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» تدبر هذه الآية ترد على كل من يتآمر على كتاب الله.
علاقتة مع عبدالوهاب
علاقته بالفنانين كانت كبيرة وطلبه الفنان محمد عبدالوهاب وبعد التحية دعاه لزيارته ولم تسمح الظروف وشاء القدر ان يتقابلا فى المركز الإعلامى فى باريس وكان فى وجود الفنانة وردة.. ومرة أبلغ الفنان محمد طه رحمه الله عندما سمعه ان صوت الطبلاوى مألوف ويأتى بالنغمة المستحيلة فى القرآن.. وهذا يتوافق مع كلام محمود السعدنى الذى كان يقول أخر «حبة» فى سبحة القراء الأوائل.
موقف فى الهند بحضور وزير الأوقاف
فى إحدى سفرياته مع وفد مصرى إلى الهند وكان رئيس الوفد الدكتور زكريا البرى وزير الأوقاف الراحل وكان المؤتمر والندوة المشاركون فيها بالعاصمة نيودلهى وتأخر الوفد المصرى بسبب حركة الطيران.. وكان الدكتور زكريا البرى يفكر فى الطريق إلى الجامعة التى يعقد فيها المؤتمر.. وأشار إلى الوفد بأن الذى يتقدم هو الشيخ محمد الطبلاوى بزيه المميز «الأزهرى» وهو مشهور فى الهند بمكانته القرآنية.. والعمة الأزهرية لها دور فى الاستئذان للدخول وكانت المفاجأة التى توقعها الدكتور البرى.. عند دخول الوفد وفى المقدمة الطبلاوى.. وقف رئيس المؤتمر وقال بصوت مسموع «الوفد المصرى وصل» فلنبدأ الافتتاح والاحتفال من جديد.
الشيخ القاضى ورزق خليل
يتذكر الشيخ الطبلاوى فى أحاديثه دائما انه تتلمذ على يد أساتذة عظام بينهم الشيخ عبدالفتاح القاضى والشيخ رزق خليل وان كتاب الشيخ غنيم كان محطته الأولى التى تلقى فيها أول يوم لحفظ القرآن وأيضا تنبأ له الشيخ غنيم انه سيكون له شأن.. وهو الذى أهله ليكون واحدًا وسط أساطير التلاوة الشيخ محمد رفعت والحصرى وعبدالباسط عبدالصمد والشيخ مصطفى اسماعيل والشيخ كامل يوسف البهتيمى والشيخ محمد صديق المنشاوى وعبدالعظيم زاهر وغلوش وغيرهم من الرواد الذين لحق بمجدهم.
صلاة الجمعة فى الأزهر
مع توليه النقابة رشح للسفر إلى ألمانيا وفى نفس العام رشح للقراءة يوم الجمعة بالجامع الأزهر فاعتذر عن السفر لألمانيا وفضل القراءة فى الأزهر الشريف.. وهذا العام كانت فرصته لقضاء الشهر وسط أحبائه فى مسجده بمنطقة الهرم.. فهو دائما يتذكر الكاتب الكبير محمود السعدنى ووصفه له انه «حبة ذهبية» فى جيل العمالقة وظهرت بينهم.
الطبلاوى يرى ان القراءة موهبة ولا تورث وأن ابنين من أبنائه دخلوا على خط القراءة وأعضاء بالنقابة وهما محمود وعمرو.
وكان معروفًا أن الرئيس السادات كان يدعوه هو والشيخ النقشبندى للقراءة بمنزله فى ميت أبوالكوم حبًا فى صوته.
يستمع إلى أم كلثوم
الشيخ الطبلاوى كان مستمعا جيدا للفنانة السيدة أم كلثوم خاصة فى أغانيها الدينية كان يستمع لعلى الحجار ومحمد ثروت وسعاد محمد.
القهوة المسمومة
تعرض الطبلاوى لموقف صعب -حسب روايته- فى أحد المآتم وطلب فنجان قهوة وأحضره عامل البوفيه فى المسجد وتركه أمامه وانتقل الطبلاوى بمن يحبونه ويسلمون عليه.. وأشار له عامل الاضاءة انه لم يشرب القهوة فقال له لا أشربها باردة سأطلب أخرى.. وتقدم عامل الاضاءة وشربها فنقل إلى المستشفى وتم اسعافه.
وصيته ووفاته
فى رمضان وقبل وفاته فى 5 مايو 2020 كان آخر ما تحدث به مع أولاده بعد الإفطار حيث أوصاهم بتقوى الله وقبل ابنه الأصغر وأوصاه باستكمال حفظ كتاب الله لأنه سبيل النجاة والنجاح.
وبوفاة الشيخ الطبلاوى فى 2020/5/5 تنطوى آخر حبة سبحة فى جيل العمالقة الرواد الذى استطاع ان يكون أسطورة القراء فى مصر والعالم العربى والإسلامى الذى تربى فى مدرسة الشيوخ محمد رفعت والبنا ومصطفى اسماعيل وغيرهم فى دولة التلاوة «مصر» الغنية بالعديد منهم ومنتشرون فى مصر بقراها وعزبها ونجوعها التى تصل إلى أكثر من 5 آلاف قرية بعد رحلة مميزة مع كتاب الله امتدت نحو 9 عقود إلا سنوات كان فيها صوتًا جليًا بالحق.. تتناغم معه الأنفس وتسمو وترتعد أبدان مستمعيه من حضور التلاوة أو سماعها.. عندما كان يقرأ يسمع بصمت وسط شعور بأن صوته قادم من السماء بقرآن «نيلى» كرمه الله بصوته الموهوب.. وبوفاته غاب الطبلاوى جسدا وبقيت شرائطه تتداولها الملايين فى الوطن والعالم.. وهذه الأيام يمر 90 عامًا على مولده و4 سنوات على وفاته.. حقا رحلة كفاح مميز مع قراءة القرآن بحنجرته الذهبية وبها حاز على لقب أسطورة التلاوة.