شهدت السوق المصرية خلال الأسبوع الماضى مجموعة أحداث مهمة تعكس جهود الدولة لتوطين الصناعة، وتعزيز الاستثمارات، والانطلاق نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفق رؤية مصر 2030، تنوعت الأحداث بين إعادة تشغيل شركة النصر للسيارات، وإطلاق سيارة «إكسيد» الفاخرة فى مصر، وافتتاح مجمع مصانع سيارات بروتون الماليزية فى مدينة السادس من أكتوبر «سيارات عز العرب – السويدي» وأخيرا إعلان رئيس الحكومة أمس الأول عن توقيع اتفاقيات مع شركات صينية لإقامة استثمارات فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتصنيع من 20 إلى 40 ألف سيارة ترتفع إلى 100 ألف سيارة سنويا وفى الوقت نفسه الدخول فى عصر التكنولوجيا فى صناعة السيارات، كل هذا يؤكد أن ملامح التحول الاقتصادى واضحة من أجل تعزيز مكانة الاقتصاد المصرى على الساحتين الإقليمية والدولية.
الأسبوع الماضى عادت ماكينات مصنع النصر للحركة بعد عملية التطوير التى قامت بها الدولة بهدف مسايرة التطورات العالمية فى صناعة السيارات.
احتفالية إعادة تشغيل شركة النصر للسيارات بعد توقف دام 15 عامًا أكدت أن هناك انطلاقة جديدة للصناعة الوطنية حيث أعادت الشركة تشغيل مصنع الأتوبيسات وتم توقيع اتفاقية لتصنيع مينى باصات كهربائية بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 وحدة بحلول 2026، مع خطط مستقبلية لإنتاج البطاريات الكهربائية.
هذه الخطوة نقطة تحول فى تطوير الصناعات الثقيلة وتعزيز القيمة المحلية، حيث تستهدف الشركة رفع نسبة المكون المحلى من 50 ٪ إلى 70 ٪، مع فتح أسواق تصديرية جديدة.
هذا الإنجاز يعكس إرادة الدولة فى تعظيم دور القطاع الصناعى بالشراكة مع القطاع الخاص وجذب استثمارات أجنبية نوعية.
كما تتزامن أيضا جهود إعادة هيكلة شركة النصر مع مشاريع تطويرية تشمل سيارات الركوب، بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 20 ألف سيارة، مما يسهم فى تحقيق اقتصاديات الإنتاج الكمي، حيث ان الأنشطة التى يتم تنفيذها تكون تحت سيطرة الوحدات المؤسسية التى تستخدم مدخلات العمالة ورأس المال والسلع والخدمات لإنتاج السلع والخدمات ويوفر آلاف من فرص العمل.
وفى إطار الإستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة السيارات، شهد نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والصناعة إطلاق سيارة «إكسيد» من مصنع الشركة المصرية الألمانية للسيارات التى تجسد شراكة إستراتيجية بين مصر وشركة شيرى جروب الصينية لتصنيع سيارات فاخرة تلبى المعايير العالمية، بإنتاج سنوى يبلغ 3000 سيارة إكسيد و1200 سيارة مرسيدس، كما يساهم المصنع فى تعزيز المكون المحلى وزيادة تنافسية المنتجات المصرية عالميًا. كما تسعى الشركة لتوسيع صادراتها إلى الأسواق العربية، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمى لصناعة السيارات.
يأتى هذا الإنجاز استجابة لتوجيهات الدولة بتحويل مصر إلى مركز صناعى إقليمي، ما يعكس كفاءة العامل المصرى وقدرته على المنافسة فى الصناعات المتقدمة.
الحدث الثالث افتتاح مجمع مصانع سيارات بروتون الماليزية فى مدينة السادس من أكتوبر «سيارات عز العرب ــ السويدي» الأسبوع الماضي، والذى تصل استثماراته إلى نحو 50 مليون دولار «ما يعادل 2.46 مليار جنيه مصري»، بما يعد خطوة إستراتيجية لدعم الصناعة المصرية.
المجمع يمتد على مساحة 70 ألف متر مربع بطاقة إنتاجية حالية تبلغ 40 ألف سيارة سنويا، مع خطط للتوسع إلى 80 ألف سيارة عبر ثلاث مراحل تطويرية، تشمل إضافة طرازات جديدة ومصنع دهانات.
ويتماشى هذا المشروع مع رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى لتوطين الصناعة وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية إقليميا ودوليا كما يسهم المجمع الجديد فى تحويل مصر إلى مركز إقليمى لصناعة السيارات، مع التركيز على السيارات الكهربائية وتكنولوجيا التنقل المستدام، مما يعزز جهود التنمية المستدامة والاعتماد على المكونات المحلية.
وهذا المشروع ليس مجرد استثمار صناعى بل «نقلة نوعية فى قطاع السيارات بمصر» حيث يركز على الجودة، والتصدير، والسيارات الكهربائية كركائز أساسية لتحقيق أهداف إستراتيجية طويلة الأمد.
من خلال هذا المشروع العملاق تسعى مصر لتصدير الإنتاج إلى ست دول إفريقية، بما يدعم الصادرات المصرية ويعزز مكانة مصر كمركز صناعى إقليمى فى القارة.
من المتوقع أن يوفر المجمع الصناعى الجديد فرص عمل مباشرة وغير مباشرة ويعزز من قدرة المنتجات المصرية على المنافسة فى الأسواق الدولية. كما يُسهم المشروع فى توسيع البنية التحتية للصناعة، من خلال تشغيل مصانع الدهانات وتطوير خطوط إنتاج السيارات الكهربائية.
الحدث الرابع إعلان رئيس الوزراء مصطفى مدبولى أنه من ضمن الإستراتيجيات التى تعتمد عليها الحكومة فى مجال صناعة السيارات الدخول بقوة فى التكنولوجيا الجديدة وعلى الأخص سيارات الهجين أو «الهايبريد» وسيارات الكهرباء، واعتماد المجلس الخاص بالسيارات كل الحوافز التى تشجع الشركات الكبيرة على العمل، لتصل ليس فقط لإنتاج 20 أو 40 ألف سيارة ولكن تستهدف أكثر من ذلك.
كما تأتى إشارة «مدبولي» بأن هناك بعض الاتفاقيات مع بعض الشركات الصينية لإنشاء مصانع فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خلال الفترة المقبلة، لتنتج 50 أو 60 ألف سيارة وتصل إلى 100 ألف سيارة سنويا، مما يزيد من حجم الإنتاج لتصبح هذة الشركات قادرة على المنافسة داخل مصر وخارجها عن طريق عملية التصدير خلال الفترة المقبلة.
كل هذا يؤكد أن الدولة تخطو بسرعة فى مجال صناعة السيارات وأن السنوات المقبلة ستشهد نقلة نوعية فى هذا المجال مما يضع مصر على خارطة الدولة المصنعة والمصدرة للسيارات وتحقيق الاستدامة الصناعية حيث يعكس مشروع إعادة تشغيل شركة النصر وتوسعات مصانع السيارات جهود الدولة فى خلق قطاع صناعى قوى ومستدام، مع التركيز على الطاقة النظيفة وتعزيز المكون المحلي.
الثاني: تعزيز الصادرات والاستثمارات عن طريق فتح الأسواق التصديرية وزيادة المكون المحلى بما يعزز مكانة المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، كما أنه يسهم فى تحسين ميزان المدفوعات وجذب الاستثمارات الأجنبية.
الثالث: خلق فرص عمل حيث تدعم هذه المشروعات قطاعات واسعة من القوى العاملة، مما يسهم فى تقليل معدلات البطالة وتحسين مستويات معيشة مميزة وهو ما تضعه الدولة على رأس أولوياتها.
الرابع: مجمع سيارات عز العرب ــ السويدى يعد نموذجًا رائدًا لتعزيز الصناعة المحلية وزيادة الصادرات وتعزيز الشراكات الدولية من خلال جعل مصر لاعباً محوريا فى قطاع السيارات بالشرق الأوسط وإفريقيا.
كل ذلك يؤكد قطعا أن أحداث الأسبوع الماضى الاقتصادية خطوة مهمة نحو تعزيز الاقتصاد المصرى عبر تطوير الصناعة، جذب الاستثمارات، والمشاركة الفاعلة فى المحافل الدولية تعكس هذه الإنجازات التزام الدولة بتحقيق رؤية مصر 2030، مما يمهد الطريق لمستقبل اقتصادى أكثر استدامة وتنافسية على الصعيدين الإقليمى والعالمي.