حياة الناس قائمة على البيع والشراء وتبادل المنافع والمصالح، وقد وضع ديننا الحنيف ضوابط لتوفير الأمن النفسى والاجتماعى للناس جميعا فى ذلك، فنهى عن أكل أموال الناس بالباطل، حيث يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا»، ويقول نبينا «صلى الله عليه وسلم»: «إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِى مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «صحيح البخاري»، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» «صحيح البخاري»، ويقول «صلى الله عليه وسلم» فى الحديث القدسى الذى يرويه عن رب العزة «عز وجل»، يقول الله تعالي: «أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا».
ونهى نبينا «صلى الله عليه وسلم» عن الغش والتدليس والاحتكار، يقول «صلى الله عليه وسلم»: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «مَنْ غَشَّ أُمَّتِى لَيْسَ مِنِّي»، وفى رواية عند الإمام مسلم فى صحيحه: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا»، للنهى عن مطلق الغش، إذ لا يليق بالمؤمن ولا بالشخص الكريم أن يكون غشاشا أصلاً لا مع المسلم ولا مع غير المسلم، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ»، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «لاَ يَحْتَكِرُ إِلاَّ خَاطِئٌ»، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «مَنْ دَخَلَ فِى شَيْءٍ مِنْ أسعار الْمُسْلِمِينَ لِيُغَلِّيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «رواه أحمد».
ونهى «صلى الله عليه وسلم» عن ترويج السلعة بالحلف الكاذب، فقال: «ثَلاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيَ وَهُوَ كَاذِبٌ»، وقال «صلى الله عليه وسلم»: «إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِى الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ».
ولما كان الصدق والأمانة فى البيع والشراء دليلاً على صدق إيمان المرء مع ربه وحسن مراقبته له، قال «صلى الله عليه وسلم»: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ»، وقال «صلى الله عليه وسلم»: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ تَحْتَ ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وقد حثنا ديننا على السماحة فى المعاملة بيعا وشراء، فقال «صلى الله عليه وسلم»: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَي، وَإِذَا اقْتَضَي»، وقال «صلى الله عليه وسلم»: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ بِسَمَاحَتِهِ قَاضِيًا وَمُتَقَاضِيًا»، وأكد أن مماطلة الغنى فى سداد ما عليه ظلم، فقال «صلى الله عليه وسلم»: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ»، وذلك حتى لا يحبس المال عن أهله أو عن حركة الحياة، إذ يريد الإسلام لحركة الحياة أن تتدفق، فديننا دين الإنسانية، وعمارة الكون، وصناعة الحياة، وحيث تكون المصلحة، والصدق والأمانة بيعًا وشراءً، والتزام القيم والأخلاق النبيلة، والحفاظ على أموال الناس فثمة شرع الله الحنيف، وحيث يكون الكذب والخيانة والنصب والاحتيال والمخادعة والتدليس والاستغلال يكون محق البركة فى الدنيا وسوء العاقبة يوم القيامة.