حققت مصر مؤخرا أكبر صفقة استثمار مباشر بشراكة مصرية مع دولة الإمارات، ويأتى ذلك فى إطار جهود الدولة حالياً لجذب الاستثمار الأجنبى المباشر وزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي.
وهذه الصفقة تأتى فى إطار تحقيق مستهدفات الدولة فى التنمية التى تقوم بها مصر. هذه الصفقة التى أعلن عن تفاصيلها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والتى تسلمت مصر بمقتضاها عشرة مليارات دولار وفى خلال شهرين يصل الرقم إلى خمسة وثلاثين مليار دولار .
تعنى أن هناك انفراجة واسعة جداً فى أزمة النقد الأجنبي، والقضاء على السوق السوداء لسعر الدولار الوهمي. نعم أن الأسعار المبالغ فيها لسعر صرف الدولار كانت وهمية من خلال نفر قليل من البشر الذين لا يراعون الله فى وطنهم، وارتكبوا من الجرائم الكثير والكثير خلال الفترة الماضية.
هذه الصفقة هى الأولى التى نفذتها الدولة فى منطقة الساحل الشمالى وتحديدا برأس الحكمة ، تلك المنطقة التى شهدت الحرب العالمية الثانية وكانت فى يوم من الأيام لا يجرؤ مواطن على الاقتراب منها، بسبب الألغام المزروعة فيها، وباتت الآن من أجمل بقاع الدنيا فى كل شيء، وهنا يأتى دور هذه الصفقة الاستثمارية الجديدة التى ستحولها إلى منطقة جذب سياحى كبير، تكون مقصداً لكل من يريد من كل أنحاء العالم.. إضافة إلى ما تدره هذه الصفقة من نقد أجنبي، سنجد أن الدخل سيتزايد بشكل ملحوظ كل عام، بعيداً عن المصادر الدولارية الأخرى التقليدية مثل دخل قناة السويس وتحويلات المصريين من الخارج.. وهذه الصفقة الاستثمارية ستوفر الملايين من فرص العمل المختلفة فى كافة المجالات، أليست هذه تنمية حقيقية تشهدها البلاد؟، وتوقيع هذه الصفقة أكبر رد على الذين يريدون إشاعة الشائعات والأكاذيب وينشرون حالات الإحباط واليأس لدى المصريين، فالجميع من هذه الفئة الضالة كانوا يراهنون على فشل الدولة فى ضبط سوق النقد الأجنبي، خاصة بعد الارتفاع الوهمى للدولار خلال الأسابيع الماضية، وقد وعدت الدولة فأوفت ونجحت فى القضاء على السوق السوداء للدولار، الذى انهار مؤخرًا بفضل عدة إجراءات اتخذتها الحكومة، وأخيرا بفضل هذه الصفقة الاستثمارية الكبرى سينخفض تماماً سعر الدولار الوهمى فى السوق الموازية.
ثم ان مشروع رأس الحكمة بالساحل الشمالى هو مشروع شراكة بين مصر والإمارات لتطوير وتنمية المدينة ويسهم بدخول 35 مليار دولار فى السوق المصرية خلال شهرين، كما أن هذا المشروع يحقق لمصر 35٪ من الأرباح كما أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، من خلال تأسيس شركة قابضة للمشروع الذى يتضمن فنادق ومشروعات ترفيهية ومنطقة للمال والأعمال وإنشاء مطار دولى جنوب رأس الحكمة. كما أن هذه الصفقة الاستثمارية ليست كما يزعم ويدعى الذين لا يريدون خيراً لهذا البلد وإنما هى جذب لاستثمارات خارجية مباشرة تحقق الخير والنفع للوطن وتعود آثارها الإيجابية على المواطن فى توفير الملايين من فرص العمل، إضافة إلى تشغيل القطاع الخاص فى العديد من المشروعات التى سيتم تجهيزها، كل ذلك على الأرض المصرية، فلماذا إذن الترويج للشائعات والأكاذيب، وهى نقلة جديدة للبلاد وتأتى فى إطار صفقات أخرى من خلال استراتيجية وطنية تضم العديد من الصفقات ليست فى رأس الحكمة وحدها وإنما من خلال صفقات أخرى سيتم الإعلان عنها فى موعدها فى إطار تنمية شاملة مخطط لها حتى عام 2052، يعنى لمدة ثلاثين عاماً قادمة، كما أن هذه الصفقة تسهم فى تعمير مناطق أخرى بالصناعة والزراعة، مما يعكس مدى المجهود المبذول. لتحويل مصر إلى دولة حديثة، إضافة إلى أن ما تقوم به مصر يأتى فى إطار مشروعات عملاقة صديقة للبيئة بما يتوافق مع المعايير الدولية.
كما أن هذه الصفقة الاستثمارية تأتى فى إطار مستهدفات التنمية التى يحددها المخطط الاستراتيجى للتنمية العمرانية وتعد أكبر رد على الذين يروجون لشائعات أن الحكومة تحتكر المشروعات وتتعمد إبعاد القطاع الخاص.. السؤال من إذن سينفذ هذه المشروعات؟! .. الإجابة أن القطاع الخاص هو الذى سيقوم بعمليات التنفيذ وبالتالى فإن مهمة التنفيذ لن تنفرد بها الحكومة على الإطلاق.
كما تم التشاور على المراجعتين الثانية والثالثة للبرنامج الاقتصادى مع صندوق النقد الدولي، وتم مناقشة عدة قضايا بالغة الأهمية حول الإصلاح، وهذا أمر محمود. لكن المهم هو الاهتمام بالمواطن، ويمكن إجمال ذلك فى عدة نقاط، أبرزها اتخاذ إجراءات جادة للحماية الاجتماعية وتعزيز النمو بمشروعات ذات جدوى اقتصادية كبيرة، واتخاذ خطوات مهمة للسيطرة على عجز الموازنة والدين العام وإصلاح منظومة المعاشات.
لابد من برنامج حكومى يجمل كل القضايا التى تحتاجها مصر خلال المرحلة القادمة، ولو نجحت الحكومة فى هذا الأمر، فسنكون فعلًا قد بدأنا مرحلة جديدة فى تاريخ المصريين، وأهم قضية فى هذا الشأن هى توفير الحماية الاجتماعية للناس. وأهم هدف هو القضاء على الحالة الاجتماعية السيئة التى يعانى منها المواطنون. ولذلك فإننى أرى أن أهم قضية لو نجحت الحكومة فى تحقيقها فستكون قد دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، وهى توفير الحياة الكريمة للمواطن المصرى الذى صبر كثيرًا على الفقر والحياة البائسة والسكن، وانحناء ظهره فى توفير لقمة العيش والمصاريف الباهظة للحصول على الخدمات من خلال الفواتير المرتفعة، والمعاش الضئيل الذى لا يكفى لمدة أسبوع.
القضاء على الفقر فى البلاد ورفع المعاناة الشديدة عن كاهل المواطن مسألة بالغة الأهمية، وأعتقد أن الحكومة لو نجحت فى هذا الأمر فسيقف لها الشعب ونوابه تبجيلًا واحترامًا، والمواطن سيضرب لها «تعظيم سلام» بكل جوارحه. نعلم أن حسن النية متوفر لدى الحكومة فى ذلك، ومنحها الفرصة ضرورة للقيام بهذه المهمة الخطيرة، والشعب لا يريد من الحكومة ولا من الدولة سوى توفير الحياة الكريمة والكرامة الإنسانية..
ومن حق المواطن أن يشعر أنه جاء اليوم الذى تحسنت فيه ظروفه المعيشية.
مصر بدأت الإصلاح الاقتصادى الذى لم يجرؤ رئيس مصرى من قبل على الدخول فى معركته، بعد أن نشأت وترعرعت أجيال فى ظل أزمات طاحنة، لم تفكر حكومة واحدة من الحكومات السابقة المتعاقبة قبل ثورة 30 يونيو فى خوض غمار قضية الإصلاح، واعتمدت كل هذه الحكومات على شيء واحد، وهو العمل بنظام «الترقيع» إن جاز هذا التعبير اللغوي، وبمعنى أدق وأوضح، لم تلتفت كل هذه الحكومات إلى الإصلاح الحقيقي، وتركت الأمور تسير بنظام البركة، ظنًا أن هذا يسعد المواطن أو يرضيه، فى حين أن ما فعلته هذه الحكومات يعد ضد المواطن تمامًا. الإصلاح الاقتصادى ماضية فيه مصر، ولن تتراجع عنه لأنه فى الأصل من مصلحة المواطن. والنتيجة نلنيها حاليا من خلال الإنجازات التى تحققت على الأرض من بنية تحتية وخلافها ،وكانت النتيجة الأن ما نراة من تحقيق استثمارات كبرى على الأرض بظأت بالشراكة الإماراتية وهناك صفقات أخرى فى الطريق سيتم الإعلان عنها فى حينه.