لا أقصد هنا وزيرا بعينه وإنما أتحدث فى العموم حتى لا يغضب من تضيق صدورهم بالنقد ويعتبرونه هجوما محرما على الذات الوزارية وربما يؤثر على الأمن القومى فى مفهومه الواسع وفق مفهومهم الضيق، فهناك مَنْ يرى النصيحة عيبا لا تليق بمقامه الرفيع، حيث تصور له بطانته البغيضة أنه تفلت من عصر الصحابة والتابعين ولا يجوز الاقتراب من أفكاره وقراراته وإلا وقعنا فى فخ المعصية!
>>>
لذلك أتحدث فى العموم مستندا إلى توجيه فخامة الرئيس إلينا ككتَّاب وإعلاميين بأن نكون عين الدولة والمواطن على السلبيات قبل الإيجابيات وذلك بهدف الإصلاح والتصويب والتطوير والتغيير، أتذكر جيدا ما قاله فخامة الرئيس فى افتتاح احدى القلاع الصناعية فى أبورواش، حيث طالب الصحافة والإعلام وكذلك البرلمان بأن يكونوا عين الوطن فى كل مكان، فمن حق الصحفى ان ينتقد طالما كان لديه المعلومات الموثقة ومن واجبه ان يكشف من خلال أدواته الصحفية والإعلامية الحقائق بهدف التصحيح وليس بهدف التشويه أو الابتزاز أو التشهير، ومن حق نائب الشعب ان يستخدم أدواته الرقابية من طلبات إحاطة وأسئلة واستجوابات.
>>>
فالسكوت على الخطأ خطأ أعظم، والمجتمع يحتاج تفعيل فلسفة «دفع الناس بعضهم ببعض» المجتمع لن تضيره الحيوية الفعَّالة والنقاشات المسئولة والانتقادات الموضوعية الهادفة المجردة، لذلك أتحدث اليوم فى هذا الموضوع دون مواراة أو خجل، لكن الملاحظ ان معظم المسئولين تضيق صدورهم من أى كلمة نقد أو حتى سؤال بريء.
>>>
ونحن فى مهمتنا الإعلامية الثقيلة وأظنها مهنة الباحثين عن المتاعب من أصحاب الأعمار القصيرة ليس لنا من قِبلة إلا قِبلة الوطن وليس أمامنا بوصلة غير بوصلة الدولة، عندما أتواصل مع وزير طالبا مداخلة أو لقاء أو تعليقا على أمر من أمور وزارته يتعلق بحدث أو قرار يهم الرأى العام يرفض بأدب متعللا بأنه مشغول أو أنه لا يفضل الحديث خلال هذه الفترة وهناك من يوجّهك إلى المتحدث الرسمى لوزارته فتذهب وتتواصل مع سيادة المتحدث فتجده لا يملك من أمر نفسه شيئا فليس لديه معلومات كافية ويقول لك بأدب جم، نشرنا بيانا على موقع الوزارة ارجوك لا تخرج عنه!
>>>
وللأسف الشديد فى الوقت الذى نرى أعاصير من الشائعات تستهدف الدولة والمجتمع والسياسات والإنجازات والقرارات يجب ان نكون أسرع فى الرد وأدق فى المعلومة، بيد أن التأخير فى الرد واختفاء مهارة التواصل عن القائم بعملية الرد يضاعف المشكلة ويعقِّد الموقف، بيد أن اختفاء المعلومة وشحها وهشاشتها وتأخرها هو ما يساعد فى انتشار الشائعات وتعميق حالة الفوضى المعرفية، وقد شهدنا خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر عددا من الشائعات المغرضة والمختلقة والتى كان من السهل واليسير وأدها مبكرا دون ان تترك أثرا على الرأى العام، لكن ما جرى كان غير ذلك تماما حيث اعتمدت الجهات والوزارات على بعضها فى الرد فتأخرت البيانات الرسمية وهناك بعض الوقائع والأحداث الأخرى التى حدثت وكانت تحتاج تفسيرا واعتذارا ومساءلة من المسئول لكن هذا لم يحدث وكانت شماعة الإعلام هى الأكثر جاهزية لإلقاء التهم عليه وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يا سادة قدرا من الجراءة وقدرا من الحكمة وقدرا من المسئولية وكثيرا من العلم والمعرفة ينقذنا من هذه الفوضي.