يتواصل الحديث عن تحرير المرأة وهل كان من أفكار «قاسم أمين» أم «نازلى فاضل» ونعود إلى نقطة البداية وما الذى جعل قاسم أمين يتحدث عن المرأة وحقوقها ويؤلف الكتاب عن المرأة؟ بدأ اهتمام قاسم أمين بما يخص المرأة عندما قرأ كتاباً نشره الدوق الفرنسى «داراكور» فى عام 1893 بعنوان مصر والمصريون طعن فيه على الدين الإسلامى وعلى أخلاق المصريين وسلوكهم فقد وقع قاسم أمين مريضاً لمدة أسبوعين مما قرأ، ولم يهدأ إلا بعد أن كتب كتاباً بعنوان «المصريون باللغة الفرنسية» لكى يقرأه «داراكور» وغيره من الفرنسيين وأبناء الثقافة الفرنسية فى مصر.. لقد كان «قاسم أمين» ضد تحرير المرأة بدليل أن كتابه «المصريون» باللغة الفرنسية كان يدافع فيه عن الحجاب بل إنه امتدح التقاليد المصرية التى تفصل بين الرجل والمرأة والأكثر من ذلك أن قاسم أمين أيد حرية الرجل المسلم فى تعدد الزوجات وفى الطلاق وهاجم تحرر المرأة الأوروبية كما رآها أثناء دراسته فى فرنسا، وهاجم الاختلاط بين الجنسين فى الدراسة وفى أماكن العمل لدرجة أنه قال إن الاختلاط يؤدى فى النهاية إلى فقدان المرأة لعفتها وتفريط الرجل فى عرضه، ولكن ما الذى أدى لتحوله عن أفكاره؟.
لقد تصدت له الأميرة «نازلى فاضل» ورفضت هذه الأفكار فبعد أن انتهى «قاسم أمين» من نشر مقالاته التى يطالب فيها بأن تلزم المرأة البيت أثارت مقالاته «الأميرة نازلى فاضل» وكانت تعلم صداقة الإمام «محمد عبده» بقاسم أمين فطلبت من محمد عبده أن يبلغه ضرورة أن يصحح أفكاره الجامدة واستياء «نازلي» وغضبها مما نشره عن ضرورة أن تلزم المرأة بيتها كما أبدت «نازلي» استعدادها لمناقشة قاسم أمين فيما زعم قبل أن تهاجمه علناً وطلبت دعوته لحضور صالونها الثقافى ويقول «قاسم أمين» إنه بعد لقائه «نازلى فاضل» أدرك أن المرأة المصرية لو تعلمت لأصبحت خيراً من المرأة الفرنسية التى عرفها وأضاف أنه علم من الإمام «محمد عبده» أن الإسلام يوجب تعليم المرأة.
ولكن كيف كان قاسم أمين يكتب فى صحيفة المؤيد مطالباً أن تلزم المرأة بيتها وكان يؤكد حق تعدد الزوجات والطلاق ثم يغير أفكاره هكذا إلى النقيض؟ بمجرد حضور الصالون الثقافى للأميرة نازلي.
إن كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين مجرد نقل أفكار ومحاورات ومناقشات نازلى فاضل من خلال صالونها الثقافى إلى هذا الكتاب فى كتابه تحرير المرأة ما يلي: إن المرأة من حيث هى إنسان شأنها شأن الرجل تماماً من حقها أن تربى على أن تكون لنفسها أولاً لا أن تكون متاعاً لرجل تقترن به مدة حياتها ويجب أن تربى المرأة على أن تحيا فى مجتمع الإنسان وهى ذات كاملة لا يشكلها الرجل كيفما يشاء يجب أن تربى المرأة على أن تجد أسباب سعادتها وشقائها فى نفسها لا فى غيرها.. إن من علامات تأثر «قاسم أمين» بأفكار نازلى فاضل أنه فى كتابه عن الحجاب قال وفى شأن الحجاب لو أن فى الشريعة الإسلامية نصوصاً تقضى بالحجاب على ماهو معروف الآن عند بعض المسلمين لوجب علينا اجتناب البحث فيه.
ولما كتبت حرفاً يخالف تلك النصوص مهما كانت مضرة فى ظاهر الأمر لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان إليها بدون بحث.
وللحديث بقية.