تشهد مصر فى الآونة الأخيرة خطوات جادة لإحياء قلاعها الصناعية التاريخية، وعلى رأسها شركة «النصر» للسيارات، التى كانت رمزاً للريادة الصناعية الوطنية لسنوات طويلة.. إعلان عودة الشركة للإنتاج بالتعاون مع القطاع الخاص، يعد بمثابة نقطة تحول استراتيجية فى مسار الصناعة المصرية، خصوصاً مع إدراك الدولة لأهمية تعظيم الاستفادة من أصولها، بدلاً من التخلى عنها.
تمثل شركة «النصر» رمزاً للقدرة الوطنية على تحقيق الاكتفاء الذاتى ومواكبة التطور الصناعى العالمي.. عودتها للإنتاج تأتى فى وقت حرج، تحتاج فيه مصر إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية عبر تطوير قطاعات الإنتاج المحلية.. ويعد التعاون مع القطاع الخاص، سواء من خلال الاستثمارات المباشرة أو نقل التكنولوجيا والخبرات، خطوة ضرورية لرفع الكفاءة الإنتاجية وتحقيق التنافسية فى الأسواق العالمية.
تؤكد تصريحات رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولى أن الدولة عازمة على دعم هذه التحولات من خلال رؤية واضحة تقوم على حماية الأصول الوطنية وتعظيم استغلالها، بدلاً من بيعها.. هنا تأتى أهمية وثيقة «سياسة ملكية الدولة»، التى تسعى إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص دون المساس بالسيادة الوطنية على الأصول.
الاستراتيجية الجديدة تتبنى نهجاً عملياً يمزج بين التاريخ والمستقبل.. إذ إن إعادة تشغيل «النصر» ستسهم فى إعادة بناء الثقة فى الصناعات الوطنية، وتوفير الآلاف من فرص العمل، وتعزيز الاقتصاد المحلي، فضلاً عن تقليل الاعتماد على الاستيراد فى قطاع حيوى كصناعة السيارات.
مع دخول القطاع الخاص كشريك استراتيجي، تتاح فرص أوسع لتطوير المنتجات بما يتماشى مع المعايير العالمية، وتوسيع الأسواق المستهدفة.. علاوة على ذلك، فإن التحول نحو إنتاج السيارات الكهربائية، الذى أعلنت عنه الحكومة كشكل من أشكال تطوير «النصر»، يعكس رؤية طموحة تستهدف مستقبلاً أكثر استدامة وصداقة للبيئة.
إن عودة «النصر» ليست مجرد استئناف لنشاط صناعي.. بل هى رسالة أمل، تؤكد أن الإرادة الوطنية قادرة على إحياء الماضى وإعادة بناء المستقبل.. الدولة اليوم تتحدث بلغة الإنتاج والشراكة، وهو ما يؤسس لعهد جديد تنطلق فيه قلاعنا الصناعية من قيود الجمود، إلى فضاء التطور والإبداع.
لذلك، على جميع الأطراف من حكومة ومستثمرين وعمال، العمل بتناغم لتحقيق هذه الأهداف.. فنجاح هذا المشروع يمثل نموذجاً يُحتذى به لإحياء صناعات وطنية أخري، ويعكس روح النهوض التى يحتاجها الاقتصاد المصرى فى هذه المرحلة.