إن إدراك المرأة المصرية لما يحيط بها، وفهمها العميق لما يدور من حولها خاصة بمجريات أحداث وتطوراتها، ومقدرتها الفعالة فى وضع معالجات حيال العديد من المواقف والقضايا التى تتعرض لها، متحلية بالحكمة ومنتهجة للموضوعية، ومتجنبة ما يؤدى إلى تشتيتها، أو تضليلها، أو وقوعها فى الخطأ؛ فإن ذلك قطعًا يشير إلى صورة الوعى الصحيح لدى المرأة، وجمال صورة الوعى لديها يتمثل فى إحساسها ومشاعرها بما يدور حولها؛ ليحدث المراد، وهو تمكنها من الفهم العميق للواقع؛ فتصبح مؤهلة وقادرة لأن تصنع قرارًا وتتخذه.
وعندما تفقه المرأة ما يدور حولها من أحداث على الساحتين المحلية والدولية، وترصد حالة العملية السياسية فى إطارها العام، ويتكون لديها فهم صحيح للنظام السياسى المصري، وتستقرئ بتمعن مدى اتساقه بما جاء به دستور البلاد، ومن ثم تسارع بمشاركتها السياسية لتساهم فى تحقيق مصالح الدولة العليا؛ حيث إنها تدرك ما يحيط بالبلاد من تحديات سياسية، وتستوعب أن مشاركتها بالتصويت أو التمثيل الانتخابي، أو بالتعبير عن الرأى من خلال القنوات المشروعة، بات أمرًا وجوبيًا، حينئذ يستوجب علينا الإقرار بأن المرأة المصرية تمتلك وعيًا سياسيًا فى إطاره العميق.
وحرى بالذكر أن الوعى السياسى لدى المرأة المصرية كان له أثر إيجابى مباشر على مجموع أسرتها والحيز المحيط بها؛ فقد رأينا فى جل محافلنا السياسية بعد ثورة 30 يونيو أن المرأة المصرية ضربت نموذجًا يحتذى به حيال تعضيد الوحدة الوطنية، ولم الشمل المصري، وصورة اصطفاف الشعب حول أمن وأمان الدولة وحماية حدودها، ودحر مخططات المغرضين الذين يضمرون الشرور للدولة المصرية ومؤسساتها ورموزها الوطنية، ومن ثم تُعد مشاركة المرأة السياسية سلاحًا فتاكًا ضد الشائعات الكاذبة التى ينعق بها الخبثاء عبر منابرهم المغرضة والممولة.
إن صورة وعى المرأة سياسيًا يمنح البلاد القوة والتى مؤشرها تماسك الجبهة الداخلية؛ فعبر مشاركتها وشراكتها تؤكد على دعم الدولة واستقرارها؛ حيث إنها تساعد فى رسم ملامح الوعى الصحيح تجاه الواجب الوطني، الذى لا يقبل المزايدة أو التشكيك أو المساومة، ومن ثم تصبح المرأة قوية برأيها، شجاعة بوجودها، تعد فى الميدان من المقاتلين؛ فنراها تؤكد ببسالة على صيانة وأمن وأمان واستقرار الوطن، وتعبر بمحبة وسلام الأحرار الشجعان على حرية الدولة واستقلالها.
والمرأة صاحبة الوعى الثقافى لديها إيمان بالنسق القيمى النبيل وبالمعتقدات والمبادئ التى يتبناها المجتمع، وفى ضوء ذلك تقدم ما فى وسعها من أجل الحفاظ على التراث الثقافى وحمايته من شتى التأثيرات الواردة عبر منابرها المختلفة الداخلية والخارجية.
وتساهم المرأة صاحبة الوعى الثقافى فى تصحيح الفهم الخطأ لدى الأبناء؛ ليصبح كل من فى الأسرة قادرًا على قراءة المشهد بصورة جلية لا تشوبها شائبة؛ ومن ثم يستوعب ما يدور حوله من أحداث جارية على كافة المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، ويستطيع أن يشارك بفعالية من خلال ما يمتلكه من مهارات نوعية فى خدمة بلاده؛ ليسهم بحق فى تنميتها، ويشارك فى إيجاد حلول لما تواجهه من تحديات ومشكلات مستجدة، وهذا ما يجعلنا نوقن بأن الوعى الثقافى لدى المرأة المصرية بات نواة استشراف المستقبل.