إذا أراد العرب أن يكون لهم مكان متقدم ومتميز بين الأمم وفى النظام الدولى الذى بدأ يتشكل من مجموعة من الاقطاب الكبرى عليهم أن يبدأوا من الآن ودون انتظار ليكونوا أحد هذه الاقطاب ببناء كيان اقتصادى يكون نواة لوحدة اقتصادية حقيقية وكل المتطلبات اللازمة لاقامة الاتحاد الاقتصادى العربى متوافرة وأظن أن الجميع ينتظر الخطوة الاولى للانطلاق فكل الهياكل التنظيمية قائمة ومن عقود لا تحتاج سوى اتخاذ القرارات لاعادة تفعيل العمل بها وتنفيذ ما توصلت إليه من قرارات وتوصيات تملأ الأدراج وكلها تصب فى مصلحة كل الدول العربية والجميع سوف يستفيد منها.
العالم يمر بمنعطفات خطيرة أمنياً وسياسياً واقتصادياً وتكنولوجيا لم تعد تخفى على أحد وكل التجمعات الاقتصادية المنتشرة حول العالم تبحثها ليلاً ونهاراً أما للاستفادة من تحولاتها الكثيرة ومتغيراتها الهائلة وأما لتجنب آثارها الخطيرة وتحدياتها الصعبة.
وعلى الدول العربية ومن خلال المجالس والهياكل التنظيمية القائمة بالفعل أن تبدأ دون تأجيل فى التعجيل بالتعاطى الموضوعى مع التحولات والمتغيرات العالمية والاستفادة منها فى إعادة احياء وتفعيل تلك المجالس وعلى أعلى المستويات حتى لا تضطر كل دولة عربية بمواجهة التطورات العالمية الاقتصادية والسياسية والامنية منفردة وسيكون الثمن باهظا لكن لو واجهناها بشكل جماعى فستكون النتائج إيجابية وستحقق المصالح العربية العليا وستكون فى صالح الشعوب العربية التواقة لرؤية هذا الحلم الوحدوى يتحقق فى الجانب الاقتصادى لكى يكون نواة لوحدة سياسية كما حدث مع الاتحاد الاوروبى وغيره من الاتحادات الاخري.
نحن العرب كنا سباقين فى التوجه الوحدوى لاقامة أول وحدة اقتصادية منذ 7591 نفس العام الذى فكرت فيه أوروبا لاقامة وحدتها الاقتصادية وتم توقيع أول اتفاقية لتسهيل التجارة وتنظيم تجارة الترانزيت عام 3591 وتم تجديدها عام 8991 ثم تقرر إنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية 7591 الذى قرر إنشاء السوق العربية المشتركة عام 4691 كما أقيمت منطقة التجارة العربية الكبرى التى دخلت حيز التنفيذ 5002.
يبقى أن نعرف أن ما نتابعه من مشروعات مشتركة بين دول عربية تمثل نقطة ضوء فى نفق الوحدة الاقتصادية وتمثل مصر ودولة الامارات والسعودية من الدول التى شهدت فى السنوات الاخيرة إقامة مشروعات مشتركة عملاقة نراها من أفضل الانجازات الاقتصادية ويراها الحاقدون والكارهون من لجان إلكترونية إخوانية وليبرالية وعملاء التمويل الاجنبى وقصار النظر إنها مشروعات استحواذ وشراء أراضى ولم يصل تفكير تلك الجوقة الجاهلة أن تلك المشروعات خطوة ومرحلة تتلوها خطوات أخرى لاقامة مشروعات صناعية وتكنولوجية متقدمة ضمن خطة توطين المشروعات الصناعية وتناسوا أن هذه أموال عربية تم استثمارها على أرض عربية استوعبت عمالة عربية وأرباحها وعوائدها تعود لدولة عربية ونجاحها يدفع إلى زيادة هذه المشروعات وهذه كانت مطلبا طالبت بها القوى الوطنية بدل من وضع تلك الاموال فى بنوك أمريكا والدول الاوروبية تستفيد من أصولها وعوائدها فى التنمية وتشغيل العمالة ورفع مستوى معيشة شعوبها وهناك أيضا التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والاردن الذى دخل مرحلة متقدمة لاقامة مشروعات عابرة للحدود وهناك مجلس التعاون الخليجى الذى يضم 6 دولاً والذى قطع أشواطًا طويلة على طريق التكتل الاقتصادي.. كل ذلك خطوات وعلاقات ثنائية وثلاثية مشجعة تدعو للتفاؤل بالانتقال من مرحلة الاقوال إلى مرحلة الافعال وسوف تكلل بالنجاح رغم حقد الحاقدين والكارهين وأشباه المثقفين وجماعة الاخوان الإرهابية الذين يتآمرون مع تحالف الشر الاستعمارى لتعطيل وعرقلة خطط التنمية العربية.
الدول العربية ليس أمامها من سبيل إلا بتسريع الهياكل التنظيمية لمجلس الوحدة الاقتصادية فالعالم لا يعرف ولا يقدر إلا الاقوياء والعرب لن يكونوا أقوياء إلا بوحدتهم وتكتلاتهم فى ظل التوجه العالمى لاقامة تجمعات اقتصادية عملاقة تستطيع التعاطى مع الازمات الاقتصادية العالمية الحادة ولن يكونوا قطبا من أقطاب النظام العالمى الذى يتشكل إلا بوحدتهم.