تعتبر مشكلة ارتفاع الأسعار وتلاعب التجار فى مصر من القضايا الشائكة التى تؤرق المواطنين وتشكل تحديا كبيرا للاقتصاد الوطني.. فجشع التجار واستغلالهم لظروف السوق يؤدى إلى زيادة معاناة المواطنين، خاصة ذوى الدخل المحدود، ويضعف القدرة الشرائية. لذلك، فإن ضبط الأسواق والتصدى لجشع التجار يتطلب جهودًا متكاملة من الحكومة والمجتمع المدنى والمواطنين أنفسهم. وهناك أسباب لارتفاع الأسعار وتلاعب التجار.ويأتى على رأسها ضعف الرقابة أو غياب تفعيلها على الأسواق وتراخى تطبيق القوانين المنظمة للتجارة.. ويسعى بعض التجار إلى تحقيق أرباح طائلة على حساب المستهلكين، دون مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى زيادة الطلب على بعض السلع الأساسية، خاصة فى أوقات الأزمات، مما يدفع التجار إلى رفع الأسعار.. كما
يلجأ بعض التجار إلى التلاعب بسعر الصرف لتحقيق أرباح غير مشروعة. ولا يخفى أبداً
ارتفاع تكاليف الإنتاج، مثل تكاليف النقل والطاقة، الذى يؤدى إلى زيادة أسعار السلع.
وهذا يؤدى إلى تآكل القدرة الشرائية وتدهور مستوى المعيشة للمواطنين، خاصة ذوى الدخل المحدود.
أما الحلول لمشكلة ارتفاع الأسعار وتلاعب التجار، فيقتضى تكثيف الرقابة على الأسواق، وتطبيق القوانين المنظمة للتجارة بصرامة، واتخاذ إجراءات حازمة ضد المخالفين، وتعزيز دور وزارة التموين والتجارة الداخلية فى ضبط الأسواق، وتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة، ودعم المنافسة بين التجار، وتسهيل إنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولابد من توعية المستهلكين بحقوقهم، وتشجيعهم على الإبلاغ عن أى مخالفات، وتحسين البنية التحتية للتخزين والنقل، مما يساهم فى تقليل التكاليف وزيادة المعروض، وتشجيع الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يساهم فى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وهناك دور مهم لتفعيل دور المجتمع المدنى فى مراقبة الأسواق، وتقديم المقترحات والحلول، وإلزام التجار بوضع لوائح أسعار واضحة ومرئية فى المحلات التجارية وتشجيع التجارة الإلكترونية، مما يزيد من الشفافية والمنافسة.
وتعد التكنولوجيا حجر الزاوية فى عصرنا الحالي، وقد أحدثت ثورة فى شتى المجالات، بما فى ذلك مجال التجارة والأسواق.. فمن خلال توفير أدوات وأنظمة متطورة، تساهم التكنولوجيا بشكل كبير فى ضبط الأسواق والأسعار، ومواجهة التحديات التى تواجهها مصر.. فالتكنولوجيا الرقمية تمكن من جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات المتعلقة بالأسعار والإنتاج والتوزيع، مما يسمح باتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية فى مجال السياسات الاقتصادية.. كما تساهم فى تعزيز الشفافية فى الأسواق، من خلال توفير منصات إلكترونية لعرض الأسعار للمستهلكين، مما يقلل من فرص التلاعب بالأسعار.. بالإضافة إلى ذلك، تساعد التكنولوجيا فى تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني، مما يقلل من الاعتماد على النقد، ويحد من انتشار الاقتصاد غير الرسمي.. كما يمكن للتكنولوجيا أن تساهم فى ربط المنتجين بالمستهلكين بشكل مباشر، مما يقلل من تكاليف التوزيع، ويحسن كفاءة سلاسل الإمداد.. وعلى الرغم من التحديات التى تواجهها الدول النامية فى مجال تبنى التكنولوجيا، إلا أن الاستثمار فى البنية التحتية الرقمية وتطوير الكوادر البشرية يمكن أن يساهم بشكل كبير فى تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التقنيات فى ضبط الأسواق والأسعار.. وتتيح هذه المنصات للمستهلكين مقارنة الأسعار بين مختلف البائعين، مما يشجع على المنافسة ويقلل من فرص الاحتكار.. إضافة إلى التطبيقات العديدة التى تسمح للمستهلكين بمقارنة أسعار المنتجات فى مختلف المحلات التجارية، وتحديد أفضل العروض.. ويمكن استخدام تقنيات تحليل البيانات الضخمة للتنبؤ بالتغيرات فى الأسعار، وتحديد العوامل المؤثرة عليها، واتخاذ إجراءات استباقية.
أعتقد أن التكنولوجيا تلعب دورًا حاسمًا فى ضبط الأسواق والأسعار، ومواجهة التحديات التى تواجهها مصر. ومع ذلك، فإن تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التقنيات يتطلب تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، والاستثمار فى البنية التحتية الرقمية، وتوعية المواطنين بأهمية التكنولوجيا فى حياتهم اليومية.