كرة القدم والسينما لهما تأثير كبير فى مفاهيم ووعى الجماهير وهما سلاح فتاك من أحسن استخدامه استطاع ان يستقطب ويجذب ويلفت الانتباه ليبعث ما يريد من أفكار واتذكر قصة حدثت فى كأس العالم عام 1986 أحرز اللاعب العالمى «مارادونا» هدفاً فى مرمى المنتخب الإنجليزى الأول بيده ولم ينتبه حكم المباراة لخدعة مارادونا، فلم يكن فى ذلك الوقت تستخدم تقنية «الفار» وفى الهدف الثانى استطاع أن يتجاوز ويراوغ سبعة لاعبين وسمى هذا الهدف بهدف القرن.
كانت الأرجنتين -قبل المباراة بنحو أربع سنوات- قد تلقت ضربة عسكرية قوية من إنجلترا فى جزر «فوكلاند» المتنازع عليها من قِبَل الطرفين وتسبب ذلك فى خروج القوات الأرجنتينية من الجزر، وفرضت إنجلترا سيطرتها عليها بالكامل.. ثم جاء الهدف «المارادوني» ليثلج صدور الأرجنتيين ويعتبره الرأى العام الأرجنتينى تعويضاً ورداً على الهزيمة التى لحقت بهم فى جزر»الفوكلاند».. والعجيب أن وسائل الإعلام تتحاكى حتى الآن عن هذين الهدفين، فهما حتى الآن عالقان فى ذهن الجماهير ولا تجد أحداً يتحدث عن حرب «جزر الفوكلاند» ولا يتذكرها سوى القليل، فسلاح كرة القدم وشهرة اللاعب استطاعا أن يُرسخا فى ذهن الجماهير الهدفين، ونسى الأغلبية منهم الحرب تماماً.
نفس المشهد والقصة نراها فى هوليوود بأمريكا فى سلسلة أفلام «رامبو» التى قام ببطولتها أكبر نجم فى أفلام الأكشن على مستوى العالم «سيلفسترستالوني» وكانت عن حرب القوات الأمريكية فى فيتنام.. والحكاية أن القوات الأمريكية تدخلت فى الحرب التى نشبت بين فيتنام الجنوبية والشمالية لمنع انتشار الشيوعية.
الجيش الفيتنامى الشمالى استخدم أسلوب حرب العصابات وهذا صعب الأمر كثيراً على القوات الامريكية حيث كان ينظر إلى الحرب ضد الأمريكان على إنها مقاومة للاستعمار وحينئذٍ انخفضت معنويات الجنود فى الجيش الأمريكى وارتفعت أصوات الشعب الأمريكى من أجل الانسحاب.
لكى تمحو أمريكا هذه التجربة من ذاكرة الشعب الأمريكى لجأت إلى قوة السينما، وأنتجت هوليوود سلسلة أفلام «رامبو» البطل الخارق الذى قهر وهزم الجيش الفيتنامى بمفرده، وعُلقت أفيشات الأفلام ليست فى أمريكا فقط ولكن فى أوروبا وأغلب دول العالم أيضاً وامتلأت قاعات السينما لتشاهد الجماهير الحرب الفيتنامية بكاميرات وعيون أمريكية وبالفعل تركت هذه الأفلام أثرا وعلامة فى نفوس الجماهير بالانتصار الكبير لأمريكا التى استخدمت التأثير الإيجابى للسينما وما زالت الأفلام باقية يشاهدها الناس حتى الآن على انها التاريخ والسرد الحقيقى لهذه الحرب.