دائما أكره اليوم الذى أقوم فيه بتجديد رخصة السيارة.. والذى يستغرق أحيانا أكثر من يوم واحد.. لا أنكر بالطبع أن الأمور قد تحسنت كثيرا عما قبل.. ولكن الأمر مازال يتطلب القيام بخطوات أولى قد يكون من الممكن أن نختصرها فى شباك واحدمقابل دفع مبلغ مناسب لهذه الخدمة.. وسوف يتقبل الكثيرون هذا الأمر بكل ترحيب.. وقد لاحظت هذا العام اهتماما كبيرا بوجود «طفاية الحريق».. وعلبة «الإسعافات» والتى أراها وليس لها أى معنى بحكم مهنتى كطبيب.. كما أرى أيضا أن إجراء الفحص «الفني» للسيارة يستلزم إعادة النظر فى كل جوانبه من أجل أن يحقق الغرض الذى يطلب من أجله.. وهو أن يوفر الحماية والسلامة للسائق نفسه وللآخرين على الطريق من حوله.. سواء المشاة أو المركبات.. كل من يقود السيارة يتذكر بالتأكيد أنه يوم ما.. كاد أن «يخيش» فى السيارة التى أمامه نظرا لعدم وجود إنارة خلفية لها.. وكثيرا ما رأينا إطارات السيارات المنتهية الصلاحية وهى تنفجر وتهلك معها السيارات والأرواح..
أعلنت منظمة الصحة العالمية فى بداية هذا العام أن 1,2 مليون من البشر يموتون كل عام نتيجة حوادث الطرق أكثر من 90 فى المائة منهم فى الدول النامية رغم ان لديها 60 فى المائة فقط من المركبات.. كما أعلنت أيضا أن الوفيات نتيجة حوادث الطرق هى أكثر سببا للوفيات فى مرحلة المراهقة.. وأن أكثر من نصف الوفيات تحدث للمارة وراكبى الدراجات والموتوسيكلات ..كما أعلن معهد التأمين والسلامة على الطرق أيضا أن راكبى الدراجات البخارية وهى الموتوسيكلات هم أكثر عرضة للوفاة فى حالة التصادم بمقدار 30 مرة عن المركبات الأخري.. ويحدث الموت غالبا بسبب إصابات الرأس و الدماغ ..
وفى مصر يموت 25 شخصا يوميا كل يوم نتيجة حوادث الطرق بينما يصاب الآلاف بإصابات مختلفة قد يؤدى بعضها الى حدوث عاهات وإعاقة مزمنة.. وتتحمل الدولة ما يزيد على 3 فى المائة من الدخل القومى جــراء حوادث الطرق وما ينجم عنها.. فى عام 2022 كان لدينا فى مصــر ما يقــرب من 10 ملايــين مركبة تســـير على الطــــرق.. منها 2,6 مليون موتوسيكل بعجلتين أو ثلاث عجلات.. هذه الموتوسيكلات قد تكون قنابل موقوته ان لم يتم السيطرة التامة على استخداماتها.. وهى سيئة السمعة لدى الكثير منا.. وأيضا لدى الجهات الأمنية.. وتم استخدامها فى مجالات وعدم انضباط متعددة فى القرى والريف والبادية.. والغريب فى الأمر أن مجلس الشعب وافق منذ سنة تقريبا على منح رخص قيادة الموتوسيكلات لمن هم فى سن 16 عاما.. وقيل «أسوة ببلدان كثير» وهذا ليس بواقع.. ودائما ما يساء استخدام الطريق من قبل سائقى الموتوسيكلات.. تراهم فى يمين الطريق أو شماله أو وسطه.. ويتجولون بين هذا وذاك وبالطبع لا إشارة ولاتحذير ولا مراعاة للآخرين.. يدهم لا تكف عن استخدام الكلاكسات.. وإذا تكلموا فهم يصيحون.. وكلامهم كثيرا ما يكون غير لائق.. وكلنا نعلم تماما ما يحدث عند تجمع مجموعة منهم فى الأفراح والمناسبات والاحتفالات.. فوضى وغوغائية وعدم انضباط لا مثيل له.. مولد وصاحبه غائب..
الهند وأندونيسيا وفيتنام والصين.. هى عاصمة الموتوسيكلات فى العالم.. يصنعوها ويركبوها ويصدروها.. تراهم هناك فى كل الشوارع.. هى الوسيلة المثالية لغالبية شعوبهم.. ولكن هناك فرق.. تجدهم يقودون فى التزام تام بكل قواعد وآداب المرور.. لا تسمع كلاكس أو حتى كلمة.. الكل يسير بانضباط وهدوء.. والكل يلبس خوذته.. وهذا أهم ما أريد أن أقوله.. كلما أسافر الى إحدى تلك البلدان.. أتأمل قادة الموتوسيكلات من أجل أن أتحقق من ارتدائهم لخوذة الرأس.. والتى صممت خصيصا من أجل حماية من يقوم بقيادة الموتوسيكل من الموت نتيجة الإصابة الدماغية لا سمح الله والتى هى السبب الرئيس للوفيات فى حالة الحوادث.. الكل ملتزم بها.. أولاد أو بنات أو شيوخ.. ونعود للوطن.. وانظر حولك.. أنا لا أتذكر أننى رأيت فى يوم من الأيام أحدا يلبس الخوذة عند قيادة الموتوسيكل.. لدينا قانون يحرم عدم ارتداء الخوذة عند قيادة الموتوسيكل.. وتطالعنا الصحف كل شهر بأنه تم تحرير كذا وكذا مخالفة لعدم ارتداء الخوذة.. ولكن من الواضح أن المخالفات لا تردع.. ولابد من أن نتعرف على الإجراء المجدى والمحفز من أجل الالتزام بارتداء خوذة الرأس الواقية من الموت لسائقى الموتوسيكلات.. ولعلنا نقوم كذلك بتصنيع الخوذات الواقية فى بلدنا حتى يكون الحصول عليها أقل تكلفة مما هى عليه الآن.