استضافت مصر مؤخرًا المؤتمر الحضرى العالمي، وهو حدث بارز يجمع خبراء ومسؤولين ومخططين حضريين من مختلف أنحاء العالم للتباحث حول حلول وتحديات المدن المعاصرة. لم يكن اختيار مصر لهذا المؤتمر مجرد مصادفة، بل هو اعتراف بجهودها فى بناء مدن جديدة وفقًا لمعايير الاستدامة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ومدينة المنصورة الجديدة. هذه المدن تُمثل نماذج حديثة للتنمية الحضرية التى تتطلع نحو المستقبل، حيث تتكامل مع احتياجات المجتمع وتوفر البنية التحتية اللازمة لتلبية التحديات الحضرية المتزايدة.
أحد أهم الدروس المستفادة من المؤتمر هو إدراك أهمية التخطيط الحضرى طويل الأمد الذى يأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية ويعزز كفاءة استخدام الموارد. وقد أظهر المؤتمر أن التخطيط المستدام لا يمكن أن يكون ثابتًا، بل يجب أن يكون مرنًا للتكيف مع الضغوط السكانية المتزايدة وضمان الاستدامة فى المدن الكبري. مشاريع مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة تعكس هذا الفكر بوضوح؛ فهى مدن تضع معايير حديثة للبنية التحتية والاستدامة، ما يجعلها نماذج لمستقبل المدن.
كما أكد المؤتمر على ضرورة إشراك المجتمع المحلى فى صنع القرارات المتعلقة بتخطيط المدن. حيث إن سكان المدينة هم الأكثر تأثرًا بقرارات التخطيط الحضري، ومن ثم فإن إشراكهم فى هذه العملية يعزز من نجاح مشاريع التطوير، كما يضمن أن تكون هذه المدن متوائمة مع احتياجات المجتمع الفعلية.
ومن الدروس الأخرى التى تم تسليط الضوء عليها هى الابتكار فى التخطيط الحضرى باستخدام التقنيات الذكية. فى مصر، يتم تطبيق هذه المفاهيم فى المدن الجديدة، حيث تُستخدم التكنولوجيا لتحسين جودة الحياة وتقليل استهلاك الطاقة والحد من التلوث، مثل أنظمة إدارة المرور الذكية واستخدام الطاقة المتجددة فى البنية التحتية، ما يجعل هذه المدن مرنة ومستدامة.. إن اختيار مصر لاستضافة المؤتمر الحضرى العالمى يعود إلى عدة أسباب وجيهة. فقد تبنت مصر مؤخرًا استراتيجيات طموحة للتنمية الحضرية تتماشى مع معايير الاستدامة، حيث أطلقت مشاريع ضخمة مثل العاصمة الإدارية والعلمين والمنصورة الجديدة، ما يعكس التزامها ببناء مدن قادرة على تلبية احتياجات المستقبل. إلى جانب ذلك، تواجه مصر تحديات حضرية متنوعة، مثل الكثافة السكانية العالية، مما يجعلها نموذجًا يمكن للمدن الأخرى الاستفادة منه فيما يتعلق بإيجاد حلول فعالة للتحديات الحضرية.
إضافةً إلى ذلك، مصر تُعد جسرًا بين القارات الثلاث، مما يجعلها موقعًا استراتيجيًا للتعاون وتبادل الخبرات بين الشرق والغرب. كما أن جهودها فى تبنى الاستدامة ضمن مشاريعها الحضرية أكسبتها موقعًا مهمًا لقيادة نقاشات التنمية الحضرية المستدامة.
يمثل المؤتمر الحضرى العالمى خطوة مهمة نحو فهم أعمق لتحديات المدن المعاصرة وتطوير حلول مبتكرة وفعالة. ومن خلال مشاريعها الجديدة، تقدم مصر نموذجًا للتنمية الحضرية المستدامة، وتُمهد الطريق نحو مستقبل حضرى أفضل يتسم بالمرونة والاستدامة والابتكار.