لا يختلف أحد على أن هناك واقعاً جديداً فى منطقة الشرق الأوسط، هذا الواقع رسمته عدة أحداث وتداعيات مفصلية غيرت الكثير من المياه الجارية فى نهر الإقليم، بيد أن الواقعية تحتم علينا أن نضع نصب أعيننا ذلك التاريخ المهم وهو السابع من اكتوبر 2023، فما بعده اختلف تماما عما قبله وان كانت هناك تفاصيل متشابهة لكن النتائج مغايرة، فخلال عام مضى وضعت حركة حماس على كرسى متحرك ولحق بها حزب الله والذين معه وحوله، وجماعة الحوثى فى الطريق وإيران فى مرمى النيران، واقع جديد صعد بإسرائيل ويمينها المتطرف إلى منصات لم يكن اكثرهم تفاؤلا يحلم بصعود احداها، اختفى من المشهد فى غفلة إسماعيل هنية ويحيى السنوار وحسن نصرالله وصالح العارورى وآخرون من القيادات الموجودة فى قلب غرف العمليات، شكل ومضمون جبهات المقاومة اختلف واختل وبات هناك واقع جديد لم تفصح عنه الأحداث حتى الآن، فى هذه الأثناء يكتسح الحزب الجمهورى الانتخابات الأمريكية ويسيطر ترامب على مفاصل الولايات المتحدة منفردا، يعود ترامب إلى البيت الأبيض ممتطيا حصانا جامحا يقصد الانتقام والسيطرة وتحقيق أحلامه، ترامب 2025 سيختلف حتما عن ترامب 2016، سينحو الرجل إلى إصدار قرارات رئاسية صادمة، سيخرج من قمة المناخ وسيمزق أوراق التفاهمات مع ايران وسيقوم بإذلال حلف الناتو وسيوقف الحرب الاوكرانية وسيخوض حروبا تجارية مع الصين، الحقيقة أن الثلوج تغطى المروج ولا نستطيع قراءة المشهد جيداً لكننا نعرف الاتجاهات، اليوم وفى هذه الأجواء تنطلق فى الرياض قمة عربية إسلامية يشارك فيها القادة المهتمون والمهمومون بهذه القضايا المربكة، اليوم أرى فرصة سانحة كى يخط المجتمعون وثيقة سياسية جديدة تفعل من مبادئ الواقعية السياسية والإقليمية الجديدة القائمة على انقاض العولمة البائسة، أتوقع أن يخرج بيان الرياض هذه المرة واضعا فى الحسبان كل هذه المتغيرات التى جرت فى النهر بعد عام من الحروب التى كسرت اذرع ايران فى المنطقة وخلقت واقعاً مختلفاً ووصول ترامب إلى البيت الأبيض والواقع الجديد الذى سيكون اكثر اختلافاً، المأمول من اجتماعات الرياض يمكن إجماله فى النقاط التالية : أولاً الحد الادنى من التوافق حول العناوين الكبرى لإدارة أزمات الإقليم، ثانياً: الاتفاق على جدول الأولويات وعدم «تعويم الأهداف وإصابتها بسيولة»، ثالثاً: الاتفاق على مسار التطبيع مع الواقع الجديد وأن يكون مرتبطا ارتباطاً شرطياً بمسار حل الدولتين، رابعاً: لابد من فتح ملفات السودان وليبيا واليمن والصومال وسوريا بشكل جرىء ووضع النقاط على الحروف، خامساً: لابد من التأكيد على عدم القبول بتدخلات إقليمية فى هذه الملفات وقبل ذلك منع اى دولة من الدول فى التدخل فى الشؤن الداخلية للدول الأخري، سادساً: التأكيد مجددا على المواجهة الشاملة للإرهاب ومتحوراته وكذلك الهجرة غير الشرعية، سابعاً: لابد من فتح ملفات التعاون التنموى بين الدول المجتمعة من أجل الوصول إلى درجة من إعلاء المصالح المتبادلة على الصراعات البينية.
بيد أن القمة تأتى فى وقت مفصلى حساس وبالتالى يجب أن تكون المخرجات استثنائية وقبل ذلك تكون قابلة للتطبيق.