> من الكلمات التى كتبها الراحل العظيم توفيق الحكيم عقب نصر أكتوبر.. تحت عنوان «عبرنا الهزيمة».. ثم الأغنية التى صاغها الشاعر بعد ذلك.. «يا مصر عظيمة.. عبرنا الهزيمة».. اخترت هذا العنوان لهذه الكلمة.. والمقارنة بين الحدثين غير قائمة.. معبرا عن تفاؤلي.. وتفاؤل الجميع.. ما عدا المشككين والمتآمرين طبعا.. بقرب عبور الأزمة الاقتصادية.. والتى فى حقيقتها أزمة فى العملة الصعبة أما اقتصادنا فهو قوى بحمد الله وهو اقتصاد التنوع والاستدامة.. مع صفقة استثمار رأس الحكمة.. مع دولة الإمارات الشقيقة.. عبرنا أزمة العملة الصعبة.. وانتظارا لصفقات أخري.. أرجو أن تكون أيضا مثل صفقة رأس الحكمة.. من العيار الثقيل كما وصفها د.مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء..
> وهكذا يتواصل المد.. وصولا الى استقرار اقتصادي.. نلتقط معه الأنفاس فى طريق مازال طويلا.. وشاقًا أيضًا لبناء الوطن.. من أجل أجيالنا والأجيال القادمة.. ولا يمكن بطبيعة الحال أن نقول إن هذه الصفقة وحدها كافية.. ولكنها بداية قوية وخطوة مهمة على الطريق.. والخروج من الأزمة.. إلى عصر من الانطلاق.. خارج أسر النقص فى العملات الحرة.. التى سوف تحررنا منها صفقات من مثل هذا النوع.
ومع التقاط الأنفاس تزدهر باقى عوامل التحرر الأخري.. من تصدير وسياحة.. وصناعة فتضيف إلى رصيدنا الكثير.. وأيضا مع عودة قناة السويس إلى التشغيل الكامل.. فيضيف هذا كله إلى رصيدنا مددًا دائمًا.. يجعلنا نمضى فى مشروعاتنا باطمئنان.. ودون ضغط النقص فى العملة الحرة.. مع ما ينتظر مصر من دور بارز فى مجموعة البريكس.. وما ينتظرها من التوسع فى استغلال الاتفاقيات التجارية مع افريقيا وزيادة التبادل التجارى مع القارة التى نشرف بالانتماء إليها.. وبدلا من وارداتنا من أوروبا من خامات مختلفة.. نتوجه إلى الخامات الأفريقية المتاحة وفى مقدمتها الأخشاب على سبيل المثال.. إذ فما الداعى لاستيرادها من أوروبا وهى متاحة فى كثير من دول القارة الافريقية..
>>>
> هذا الموقع العبقرى لمنطقة رأس الحكمة.. أبرزه بلا شك التخطيط العبقرى أيضا للساحل الشمالى بأكمله.. والتى كانت إحدى ثماره الاستغلال العبقرى أيضا لمنطقة العلمين بكل ما تشتهر به لدى كل دول العالم.. وخاصة دول الحلفاء.. ودول المحور.. فى الحرب العالمية الثانية.. والتى حسمت معركتها على أرض العلمين فى مطلع أربعينيات القرن الماضي.. وخلفت وراءها الكثير فى مسارح العمليات من آثار هذه المعارك الفاصلة.. تمثلت فى مقابر الكومنولث.. ومقابر الإيطاليين.. ومقابرالألمان.. وكلها معالم تظل محفورة فى التاريخ الإنسانى للحرب وتتجدد زياراتها فيما يمكن تسميته سياحة الجذور.. حين يأتى الأحفاد وأحفاد الأحفاد لزيارة الأجداد الذين جادوا بأرواحهم على أراضيها.. وحفظت هذه المقابر سيرتهم لهؤلاء الأحفاد.. كما تحتفظ المتاحف فى العلمين.. وفى مطروح بما تخلف عن هذه الحرب من اسلحة خفيفة وثقيلة.. وخرائط المعارك.. وآثارقادة هذه الحرب على رأسهم روميل فى متحف مطروح.
> ولكن أكثر ما خلفته هذه الحرب فى العلمين وغيرها من مناطق صحرائنا الغربية ملايين الألغام التى بثتها قوات الطرفين المتحاربين.. ثم تركتها تبث الدمار والضحايا.. حتى جاءت قوات جيشنا الباسل لتطهر هذه المناطق من الألغام.. وتفسح الطريق للتنمية التى شهدناها فى العلمين.. مع إنشاء مدينة العلمين الجديدة.
> وها هو الدور يأتى على موقع عبقرى آخر من مواقع مصر التى لا تنتهى من تفرد وامتياز.. فى منطقة رأس الحكمة التى تكاد تكون شبه جزيرة ممتدة داخل بحرنا المتوسط.. أو مثلث ضلعاه فى البحر المتوسط والضلع الثالث على الأرض التى سينتشر عليها العمران والنماء شرقًا وغربًا.. تماما كشبه جزيرة سيناء التى تبدو كمثلث.. يمتد ضلعاه على خليج السويس وخليج العقبة.. وقاعدته على امتداد الأرض المصرية حتى حدودها مع الجيران.. كأنما الخير موجود فى مثلثين.. مثلث سيناء.. ومثلث رأس الحكمة..
> وليست منطقة رأس الحكمة وحدها هى ذات الموقع العبقرى فى مصر.. فمصر نفسها هى صاحبة الموقع العبقرى الجغرافى الأهم فى منطقتها.. ولعلنا نتوقع ان تتجه بوصلة الاستثمار إلى كثير من هذه المواقع سواء فى جيلنا أو الأجيال القادمة.. سواء على شواطئنا او فى داخل أرضنا المقدسة.. ولعلنى أتوقع الآن أن يحل الدور فى الاستثمار القادم على جزيرة من الجزر المصرية على البحر الأحمر.. فهى جزر طالما عرض المستثمرون استثمار بعضها.. ولكن كان هناك رفض دائم لأسباب مختلفة..
> الآن وقد بدأ غيرنا يستغل ما لديه من جزر فى البحر الأحمر فإننا نتوقع ان نشهد صفقة جديدة لاستثمار واحدة أو اكثر من هذه الجزر.. وقد اعلن رئيس الوزراء منذ شهور عن فتح باب الاستثمار فى هذه الجزر.. فهل يكون الاستثمار فى هذه الجزر قادما؟.. وهناك نحو 39 جزيرة مصرية امام سواحل مصر على البحر الاحمر المشهور منها الجفتون الكبير والجفتون الصغير وابو منقار وام جاويش الكبيرة وام جاويش الصغيرة وسهل حشيش وشدوان وابو رمادة.. وغيرها..
> واكتفى اليوم بكلمات قليلة عن صفقة رأس الحكمة.. فهى صفقة اطال المشككون فى التشكيك فيها والادعاء بأن مصر تفرط فى أرضها.. حتى جاء الاعلان عنها ليوجه صفعة الى كل هؤلاء الذين لا يعرفون وطنا.. ولا ولاء لهم لأى وطن.. وتكون الحقائق الدامغة انها مشاركة واستثمار.. وليست بيعا.. والتى اعلنها رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى فى مؤتمره الصحفي.. ووقع الصفقة د. عاصم الجزار وزير الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة ووقع عن الجانب الاماراتى محمد السويدى وزير الاستثمارات فى الامارات.. ورأيت معهم من الجانب الاماراتى المستثمر المصرى هشام طلعت مصطفى الذى استنتج انه جزء من التحالف الذى كونه الجانب الاماراتى للعمل سويا بحكم خبراته الكثيرة فى هذا المجال.
> وبقدر ما يشكل الجانب المادى للمشروع من خلال دفع 35 مليار دولار مباشرة خلال شهرين من أثر كبير على الاقتصاد المصري.. فإن المشروع يبشر بخير كثير.. وهو مع شقيقه مشروع مدينة العلمين الجديدة سيوفران حياة جديدة على الساحل الشمالي.. حياة تمتد على مدار العام كله بعد ان كان موسميا.. وطوال اشهر الصيف فقط.. ويتيح فرصا عظيمة لمئات الالوف.. ان لم نقل لملايين من الشباب المصرى المتعلم تعليما جامعيا او متوسطا.. فضلا عن الفرص التى يتيحها للمهنيين والعمال العاديين.. للعملفى المشروع تحت الانشاء.. ثم العمل فيه بعد اكتمال الانشاء.
> كل هذا الى جانب الفرص التي سيتيحها للتوريدات العديدة التى سيحتاجها من مصانعنا المصرية التى سيكون هذا المشروع فرصة لانتعاشها وتوسعها.. وفرصة ايضا لاضافة مزيد من العمالة اليها.. كما انه يضمن للحكومة المصرية دخلا ثابتا سيكون من ناحيتين.. العملة الصعبة التى ستتيحها فنادقه ومنتجعاته السياحية من خلال الحركة السياحية الواعدة والتى قدرها رئيس مجلس الوزراء بنحو ثمانية ملايين سائح سنويا.. ومعنى هذا ان توفر طبقا للمعدلات ثمانية مليارات دولار سنويا.. وهذا بحد ادني.. اى يقترب من دخل قناة السويس اخري.. قابلة للتزايد.. ويضاف الى هذا كله دخل الدولة من الضرائب على اختلاف انواعها التى ستنتج عن الانشطة داخل المشروع.. الى جانب الصناعات التى ستعمل كلها فى خدمة المشروع.. كما ستكون هناك ايضا منطقة او مناطق صناعية.. تضاف اليها منطقة زراعية تمد المشروع مع غيرها من مناطق الانتاج الزراعى بما يحتاجه من منتجاتها..
> ومع انه لم تذع بعد تفاصيل محتويات التخطيط الذى اعد للمنطقة.. وهو تخطيط كان حصيلة جهد عامين من هيئة التخطيط العمرانى مع باقى اجزاء محافظة مطروح.. الا اننا نتوقع ان تكون هناك مع الفنادق والمنتجعات السياحية مناطق ترفيهية.. وربما على غرار «ديزنى لاند» او غيرها.. وباختصار نحن امام مقصد سياحى وعالمى جديد فى مصر ينافس بقوة باقى المقاصد حولنا ويتميز بما لا تتميز به الاخرى بوجود فرصة لسياحة ثقافية وسياحة مغامرات وسياحة استشفاء..
والحديث يطول حول رأس الحكمة.. ونستكمله فى مرة قادمة .