إلى أين يذهب العالم مع ترامب.. وكيف سيدير الساكن الجديد القديم للبيت الأبيض سياسة النظام العالمى الجديد خلال الأربع سنوات القادمة فى ظل متغيرات وتحديات إقليمية وعالمية ضارية.. حروب وصراعات وأزمات حادة ومتصاعدة فى كل مكان.. حرب مشتعلة فى أوكرانيا من سنوات بين أوروبا وأمريكا من جانب وروسيا وحلفائها من جانب آخر.. وحرب مستعرة منذ أكثر من عام فى الشرق الأوسط بدأها نتنياهو فى غزة ثم امتد مؤخرًا إلى لبنان.. والله وحده يعلم إلى أين ستمتد ألسنة النيران فى الأيام القادمة؟
ماذا سيفعل ترامب؟ سؤال يتردد فى كل مكان على أرض البسيطة منذ إعلان فوز المرشح الجمهورى الكاسح على مرشحة الديمقراطيين هاريس على جميع الأصعدة.. البيت الأبيض والكونجرس بغرفتيه وكذلك إدارة الولايات المتحدة الأمريكية.. الجمهوريون حققوا فوزًا تاريخيًا وضربوا الديمقراطيين بالقاضية فى الانتخابات الأخيرة.. ومن هنا يترقب مليارات البشر فى انحاء العالم ملامح السياسة الأمريكية المقبلة فى عهد اليمينى المتطرف ترامب وهل عاد ترامب لينتقم من خصومه وأعدائه الذين وقفوا إلى جانب بايدن فى انتخابات 2020 وكانوا سببًا فى خسارة ترامب الذى لم يعترف حتى الآن بنجاح بايدن ويرى أنه سرق منه مقعد الرئاسة وهو غير جدير به.. ترامب أعلن فى خطاب النصر أنه سينتقم من أعدائه وقد سمى بعضهم ومنهم صحف وشبكات تليفزيون مثل CNN وغيرها.. العالم كله بادر بتهنئة ترامب ما عدا قلة من قادة العالم أبرزهم رؤساء روسيا والصين وكوريا الشمالية.. ورغم العلاقات القوية التى تربط ترامب بزعيم روسيا إلا أن الأخير لم يهنيء الرئيس الأمريكى الجديد بفوزه.. بل متحدث الكرملين خرج ونفى ما تردد من شائعات بأن بوتين قد هنأ ترامب مؤكدًا أن هذا لم يحدث أبدًا.
أما أوروبا فهى فى حيرة من أمرها.. ورغم أن القادة الأوروبيين سارعوا بتهنئة ترامب إلا أن المخاوف تراودهم من مستقبل العلاقات مع أمريكا خلال السنوات القادمة.. ودعا بعض زعماء أوروبا إلى اجتماع طاريء لبحث ما ستفعله أوروبا مع أمريكا فى عهد الجمهورى المتطرف ترامب.
ونصل إلى منطقة الشرق الأوسط.. ويسأل الجميع.. هل سيوقف ترامب الحرب حقًا فى غزة ولبنان كما وعد بذلك فى حملته الانتخابية؟ وهل سينتظر حتى يناير القادم موعد تنصيبه رسميًا على عرش البيت الأبيض؟ وهل يعنى ذلك أن أيدى نتنياهو ستظل طليقة فى الشرق الأوسط.. يحرق ويقتل ويدمر ويضرب فى غزة ولبنان حتى يسكن ترامب البيت الأبيض؟ وحتى لو افترضنا أن ترامب قادر وصادق فى وقف الحرب بالمنطقة.. فما الثمن؟ ومن يدفع فاتورة وقف الحرب؟ هذا هو منطق ترامب الذى يؤمن به كرجل أعمال واضح وصريح «بيزنس إذ بيزنس» وكل شيء بثمنه!! هكذا أدار ولايته الأولي.. وهكذا سيدير ولايته الثانية.. سيأخذ من العالم ما ينفق به على شعبه.. هكذا وعد ترامب ناخبيه.. ولهذا السبب راهنوا عليه وانتخبوه.. فالتضخم القياسى الذى آلت إليه ماما أمريكا فى عهد الديمقراطيين هو الذى قاد ترامب من جديد للبيت الأبيض وألحق بالمعسكر الديمقراطى شر هزيمة.. فالمواطن الأمريكى لم يعد قادرًا على تحمل فاتورة التضخم وحده وموجات غلاء الأسعار المتلاحقة لدرجة أن الدجاجة المجمدة تضاعف سعرها من عشرة دولارات إلى 20 دولارًا وهذا ما لايقدر عليه الأمريكان أبدًا أبدًا!! ترامب مطالب بعودة الدجاجة المجمدة إلى عشرة دولارات حتى يرضى الناخب الأمريكى وهذا وعد باهظ التكلفة وعلى ترامب أن يدبر التمويل اللازم لتوفير ملايين الدجاج المجمد فى محلات السوبر ماركت للأمريكيين بالسعر الذى يناسبهم.. فمن يدفع فاتورة الدجاج المجمد؟ أعتقد أن العرب سيساهمون بالنصيب الأكبر إلى جانب أطراف أخرى سيلجأ إليها ترامب.. ولن يكون الأوروبيون بعيدًا عن هذه الصفقة الانتخابية ولابد أن يساهموا بجزء من ثمنها.
نتنياهو سارع بتهنئة ترامب وأكد أنه عاد عودة تاريخية فى نفاق رخيص لسيد البيت الأبيض وحتى يطلق يده الشيطانية أكثر وأكثر فى التدمير والقتل والحرق هنا وهناك.. لكن العلاقات بين ترامب وشمشون إسرائيل ليست على مايرام.. وترامب لن ينسى تهنئة نتنياهو لبايدن فور فوزه فى 2020 وكان ترامب يتمنى لو أن نتنياهو رد له الجميل ورفض الاعتراف بفوز غريمه الديمقراطى اللدود.. ترامب قدم فى ولايته الأولى خدمات جليلة للكيان الصهيوني.. نقل سفارة أمريكا إلى إسرائيل وألغى الاتفاقية النووية مع إيران.. وقتل قائد الحرس الثورى الإيراني.. فضلا عن ضغطه المتواصل على بعض الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل .. فهل سيواصل ترامب دعمه للكيان فى الولاية الثانية على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة.. وهل نجاحه فى ايقاف الحرب سيكون أيضا على حساب الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين؟ وهل يحيى ترامب صفقة القرن من جديد بعد موتها؟ ربما تكون الظروف مختلفة..والمعطيات الراهنة متغيرة عما كانت عليه المنطقة قبل 8 سنوات.. ولكن الفكر الاستراتيجى لترامب لم يتغير.. فهو يقيس كل شيء بالدولار.. ولا شيء لديه بلا ثمن.
دعونا ننتظر حتى تتضح ملامح الصورة أكثر وأكثر فى الأسابيع القادمة.